ينعى المجلس الأعلى للثقافة بأمانة الدكتورة أمل الصبان، عراب الصحافة المصرية، وعميدها الأشهر محمد حسنين هيكل، الذي توفي اليوم الأربعاء عن عمر ناهز 93 عاماً بعد صراع مع المرض، حيث قد ساءت حالته منذ ثلاثة أسابيع بعد تعرضه لأزمة شديدة بدأت بمياه على الرئة رافقها فشل كلوي. وهيكل يعتبر مؤرخ تاريخ مصر الحديث بلا منازع، وقد تربع على عرش الصحافة كأهم كاتب لأكثر من نصف قرن، وهو المفكر السياسي الذي باتت كلماته كمصطلحات سياسية في العديد من الأزمات، فهيكل هو الجامع للتفاصيل والغازل منها الأفكار، ويعد شيخ الصحافة الأمهر والعاشق لها. ولد محمد حسنين هيكل في عام 1923 في حي الحسين، جنوبالقاهرة، لأب من جذور صعيدية، وتحديداً مركز ديروط محافظة أسيوط كان يعمل تاجراً للحبوب، وكان يرغب في أن يكون الابن طبيباً لكن الأقدار اختارت له طريقاً آخر وهو الصحافة، ونظراً لظروفه المادية الصعبة التحق هيكل بمدرسة التجارة. ثم قرر هيكل تطوير نفسه وتحقيق رغبته في العمل بالصحافة، ولذلك واصل دراسته في القسم الأوروبي بالجامعة الأميركية، وخلالها كانت النقلة التي غيرت مجرى حياته. ثم قرر هيكل تطوير نفسه وتحقيق رغبته في العمل بالصحافة، ولذلك واصل دراسته في القسم الأوروبي بالجامعة الأميركية، وخلالها كانت النقلة التي غيرت مجرى حياته. تعرف خلال تلك الفترة على سكوت واطسون الصحافي المعروف ب"الإيجيبشان جازيت"، وهي صحيفة مصرية باللغة الإنجليزية، ونجح واطسون في إلحاق هيكل بالجريدة في 8 فبراير 1942، كصحافي تحت التمرين بقسم المحليات، وكانت مهمته العمل في قسم الحوادث. في الفترة من 1956 إلى 1957 عرض عليه مجلس إدارة الأهرام رئاسة مجلسها ورئاسة تحريرها معاً، واعتذر في المرة الأولى ثم قبل في المرة الثانية، وظل رئيساً لتحرير جريدة الأهرام حتى عام 1974، وفي تلك الفترة وصلت الأهرام إلى أن تصبح واحدة من الصحف العشر الأولى في العالم. اعتزل هيكل الكتابة المنتظمة والعمل الصحافي في 23 سبتمبر 2003 بعد أن أتم عامه الثمانين، وكتب مقالاً مثيراً تحت عنوان "استئذان في الانصراف" إلا أن حاسته الصحافية وعشقه للكتابة طغى عليه فعاد ليواصل عطاءه الصحافي سواء في كتابة المقالات أو تقديم حلقات تليفزيونية للفضائيات العربية والمصرية. لم يقتصر عمل هيكل على العمل الصحافي المعروف، بل اتجه للتحليل ومحاورة زعماء العالم ومنهم الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران وإمبراطور اليابان والخميني وعدد من الرؤساء والزعماء السياسيين العرب والدوليين، وهو ما مكنه من الوصول إلى وثائق وأرشيفات غاية في الأهمية، فكان أن بدأ بإصدار سلاسل من الكتب السياسية المتميزة. قدم هيكل للمكتبة العربية عشرات الكتب والمراجع السياسية أبرزها "خريف الغضب" و"عودة آية الله" والطريق إلى رمضان وأوهام القوة والنصر وأبو الهول والقوميسير، بالإضافة إلى 28 كتاباً باللغة العربية من أهمها: مجموعة "حرب الثلاثين سنة"، و"المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل"، و"ملفات السويس" ولمصر لا لعبد الناصر والعروش والجيوش.