مؤرخة تونسية : اهل الذمة مهمشون في المجتمعات العربية الطبقات المهمشة وقود الربيع العربي حكاية ابن الفلاح الذي وصل لقلب السلطان المملوك " رستم " الذي إنضم لصفوف الاحتلال الفرنسي انتهت فاعليات اليوم الثاني لمؤتمر "المهمشين في مصر والعالم العربي عبر العصور" المنعقد في جامعة القاهرة ولا يزال المفكرين والأستاذة يبحثون عن مفهوم وتعريف محدد للمهمشين، بعد مناقشات وأطروحات قيمة حول المهمشين ودورهم في الحراك المجتمعي من العديد من أستاذة التاريخ في مصر والعالم العربي. من هم المهشين؟ وفي البداية عرض الدكتور سيد عشماوي أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة القاهرة، أطروحته بعنوان " الدون ومحنة الكار" ويعني من هم دون الطبقة العليا في المجتمع أو المهمشين عبد العصور وعرض عدة محاور، وضع عشماوي تعريفا للدون بأنم جماعة تتميز بصفات خاصة لها مكانة في النظام الاجتماعي ولها علاقة بوسائل الانتاج ودورها في تنظيم المجتمع هم أصحاب الصناعة والحرفة الدنيئة. ووضع قائمة بمن كان يعتبرهم المجتمع مهمشين في العصور الوسطي وهم "الاسافل الاوغاش والاراذل الاوباش و المبخرتية والهزلية والمغنيين والعوالم والمداحون والمنادون والحلاقون وخيال الظل والأدباتية وماسحو الأحذية والباعة الجائلين وحانوتية الموتي والاسكافية والندبات والمنجمين والبغايا والغجر و الجزارين والشحاذين" وكل من ليس لهم مأوي. وأرجع عشماوي صاحب أهم كتاب " المهمشون والسياسة في مصر" أسباب تزايد أعدادهم في اوخر القرن التاسع عشر إلي فترة حراك اجتماعي وتآكل طبقة الذوات وبروز الطبقة الوسطي وتزايد الاجانب بلا صنعة ولا مأوي وشهدت هذه الفترة تحرير العبيد الذين تحولوا الي قطاعات هامشية وتدهور نظام طوائف الحرف والصنائع. تابع عشماوي في ورقته البحثية أن النظرة الاجتماعية للمهمشين كانت وضيعة وظهر ذلك في أدبيات هذه الفترة فكانت الشهادة محرما على هؤلاء في المحاكم، مشيرا أن الدولة حاولت تحتوي هذه القطاعات ولكنها لم تستطع. ابناء الشوارع وتناول الدكتور الحبيب الجموسي أستاذ التاريخ بكلية الآداب والعلوم الانسانية بجامعة صفاقس بالجمهورية التونسية، بعرض الاطار النظري لظاهرة التهميش من خلال موضوع بعنوان " مظاهر التهميش بتونس العاصمة في القرن التاسع عشر"، موضحا أنها ظاهرة حساسة في العالم العربي لا زمن ولا حدود لها ظهرت في كل الفترات التاريخية وخاصة وأن الربيع العربي كان نتيجة حراك شعبي من خلال الطبقات المهمشة. قال الجموسي أن هذه الطبقات حرمتها السياسات القمعية والدكتاتورية من حقوقهم، مضيفا أن ابناء الشوارع كانت أبرز ظاهرة التهميش في القرن التاسع عشر في تونس شملت الصغار والمسنيين دون تمييز كانت هذه الظاهرة تعبر عن وضع متردي وكان الحل السياسي تجاه هؤلاء وهو الاقصاء لما كان له من نتائج سياسية واجتماعية جثيمة. ابن الفلاح الذي وصل للسلطان فيما عرضت الدكتورة آمال حامد زيان أستاذ مساعد تاريخ العصور الوسطي، ورقة بعنوان " الحراك الاجتماعي للفلاح المصري في دولة المماليك البحرية " وقارنت بين وضع الفلاح المصري مع زميله الأوروبي الاوروبي في هذا العصر الذي عاش في ظل النظام الاقطاعي "قنا". قالت حامد " رغم أن الفلاح المصري لم يصل الي العبودية على مر التاريخ فتمتع بكامل حريته في العصر الفرعوني، اما البطلمي والروماني فكان له شأن عظيم ومن بعده في الفتح الاسلامي لمصر ولكن اختلف الامر كثيرا في حكم دولة المماليك البحرية فعاني الفلاح الأمرين وتم تسخريهم. أسردت زيان أن الفلاح المصري عاش في عصر المماليك حياة بئس وشقاء مما جعل اولاد الفلاح يتمردون على الوضع واخذوا يبحثون عن مهن أخري أعظم شأنا وذكرت ابراهيم ابن ناصر نموذجا الذي وصل الي قلب الناصر محمد بن قلاوون وجعله أقرب المقربين رغم أن والده كان فلاحا مماجعل الغيرة تنشب بين الامراء لما وصل له من منزلة رغم اصل المتدني من وجهة نظرهم. ولكن بعد وفاة السلطان الناصر محمد اشتغل الامراء هذه الفرصة للتخلص من غريمهم فعزلوه من منصبه وسلبوا املاكه التي كانت عريضة لا تقل عن ما كانت بحوزة كبار الدولة، وهذا يؤكد حراك اجتماعي لطبقة الفلاحين التي كانت مهمشة. "رستم" المملوك الذي أثر فرنسا واستهل الدكتور ناصر ابراهيم، استاذ مساعد في التاريخ الحديث والمعاصر، قضايا التهميش في مجتمع مغاير خلال تجربة مجموعة من المماليك الذين قدر لهم مصاحبة جيش الحملة الفرنسية اثناء تواجدها في مصر وحتي عودتهم الي فرنسا شكلت كتيبة مهمة في جيش بونابرت الذي غزا العالم. عرض ناصر ترجمة لمذكرات "رستم مملوك نابليون الذي جمع بين الشرق والغرب والذي اهداه الشيخ البكري لبونابرت اثناء تواجده في مصر، مشيرا أن هذا المملوك قضي 45 عاما في فرنسا كون خلالها هذه المجموعة المملوكية التي خاضت كل حروب نابليون في اوروبا وساهموا في توسيع النفوذ الفرنسي. أضاف ابراهيم والذي فجر عدة مفاجئات بأن مذكرات روستم تعتبر مصدر غني وثري عن هذه الفترة الهامة من تاريخ مصر وفرنسا ، بخصوص شخصية روستم وعمقه النفسي والإجتماعي ، و أن المجتمع الفرنسي اهتم برستم والمجموعة المملوكية واصبح زي رستم المملوكية واصحابه موضة للمجتمع الباريسي وكان ملهماً للفنانين من النساء والرجال وكانوا يضعونه في واجهة موكب الامبراطور في باريس وتم رسم وجه رستم على المقتنيات والاعلانات، حتي أصبح موضة بارسية للمستهلك الفرنسي المولع بالشرق والحضارة الإسلامية والعربية . تزوج رستم من فرنسية أتقن الفرنسية لغة ومارس كل حقوقه كمواطن فرنسي حتي هزيمة نابليون وانتهاء اسطورته وتم نفيه بعدها من باريس فكان الاستبعاد الاجتماعي او التهميش بلغة أنيقة في نهاية المطاف ببرستم وزملاءئه. رستم من اصل جورجي وتم خطفة وترحيلة إلي مصر وانضم إلي المماليك وصاحب الشيخ البكري من علمء الزهر وحفظ القرآن الكريم ، وبعد نفيه لم يشا ان يرجع إلي مصر بعدها وكان تجربة فرؤيدة للإنضمام للإحلل الفرنسي وتخلي الإحتلال عنه بعد ذلك بعد انأدي دورة المطلوب منه . وصرح د ناصر براهيم بان الكتاب أوشك علي الخروج إلي النور بعد ترجمته وبه دراسة كاملة عن المماليك في عصر محمد علي إلي الإحتلال الفرنسي علي مصر . في حين أكد الدكتورأحمد الشربيني رئيس قسم التاريخ السابق بجامعة القاهرة، أن الريف المصري أكثر المناطق التي تعاني من التهميش، وضم لها المناطق الحدودية مثل سيناء وحلايب وشلاتين، مضفا أنهم مهمشين هوية واقتصاديا حيث أن حوالي 90% منهم معدومين لا دخل لهم. وقال الدكتور عبد الواحد القني أستاذ التاريخ بجامعة تونس، أن معظم المصادر التي ذكرت المهمشين كانت تابعة للسطلة ، مطالبا الباحثين التنقيب عن المصادر الجديدة في هذا الموضوع، منوها أن مصطله التهميش لم يكن مذكورا من قبل فهو جديد وليس له تعريف محدد. ومن جانبه عرض الدكتور بلقاسم بنعبد النبي الاستاذ المساعد بجامعة سوسة بالجمهورية التونسية تأثير الاستعمار في تحويل الجماعا الهامة في المجتمع التونسي إلي مهمشين وكيف ساهموا في مواجهة الاستعمار. كما أثارت الدكتورة سلوي بالحج صالح أستاذ بكلية الآداب بجامعة سوسةبتونس جدلا واسعا بين الحضورباعتبار ان أهل الذمة ضمن الفئات المهمشة بالمجتماعات العربية المهدور حقهم وان العصر الإسلامي أكبر عصر إضطهاد أهل الذمة .