تعيش نحو 200 عائلة فلسطينية، في بلدة بروقين، إلى الغرب من مدينة سلفيت، شمال الضفة الغربية، حالة من القلق والترقب، جراء إخطار السلطات الإسرائيلية منازلهم بالهدم، بحجة البناء بدون ترخيص، في السنوات الأخيرة. وتمنع السلطات الاسرائيلية، السكان من التوسع العمراني، في المناطق المصنفة "ج" حسب اتفاق أوسلو الموقع بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل عام 1995. وفي وقت سابق من الشهر الجاري، أعلن مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة "أوتشا"، أن السلطات الإسرائيلية تعتزم هدم 13 ألف مبنى فلسطينيا، في الضفة الغربية. وقال "أوتشا" في تقرير وصلت نسخة منه للأناضول، إن إسرائيل أصدرت خلال السنوات الماضية، 11 ألف أمر هدم، بحق 13 ألف مبنى في المناطق المصنفة (ج) في الضفة، والخاضعة للسيطرة الأمنية الإسرائيلية الكاملة. وفي نفس الإطار قال نافز بركات، رئيس بلدية بروقين، للأناضول إن "نحو 5 آلاف دونم زراعي في البلدة (الدونم يعادل ألف متر مربع)، صادرتها السلطات الإسرائيلية، لصالح مستوطنات (بركان الصناعية، وأرئيل الصناعية، وبروخين)". وأضاف أن "ما يزيد عن 7 آلاف دونم أخرى من إجمالي مساحة البلدة البالغة 23 ألف دونم، تمنع إسرائيل المزارعين من الوصول إليها". وتابع قوله "المستوطنات تزحف يومياً باتجاه المنازل، يهددون وجودنا، ويمنعوننا من استصلاح الأراضي الزراعية، بحجة حماية الطبيعة، وهم بذلك يسعون إلى تهجيرنا". وبحسب بركات، فإن "1400دونما فقط، يُسمح البناء عليها للسكان البالغ عددهم نحو 5 آلاف نسمة، وهو ما يدفعهم إلى بناء مساكنهم في الأراضي المصنفة (ج)". ووفق اتفاقية أوسلو، الموقعة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل عام 1995، فقد تم تقسيم الضفة الغربية إلى 3 مناطق، "أ" و"ب" و"ج". وتمثل المناطق "أ" 18% من مساحة الضفة، وتسيطر عليها السلطة الفلسطينية أمنيا وإدارياً، أما المناطق "ب" فتمثل 21% من مساحة الضفة، وتخضع لإدارة مدنية فلسطينية وأمنية إسرائيلية، فيما تخضع المناطق "ج" التي تمثل 61% من مساحة الضفة، لسيطرة أمنية وإدارية إسرائيلية، ويعيش فيها ما يقرب من 300,000 فلسطيني، في 532 منطقة سكنية. من جهة اخرى، أوضح بركات أن "نحو 200 منزل تسلم إخطارات بالهدم، خلال الفترة الماضية، كان أحدثها ثلاثة منازل قبل نحو شهر"، مبينا أنهم "يلجأون إلى المحاكم الإسرائيلية، لمحاولة وقف قرارات الهدم، الأمر الذي يكبدهم مبالغ مالية كبيرة"، كسبل للحيلولة دون هدم منازلهم. وأشار رئيس البلدية تعليقا على مستوطنة حديثة تسمى "بروخين"، بالقول "حتى اسم البلدة بروقين تم سرقته، هؤلاء يتفننون في سرقة أراضينا، ناهيك عن أنهم صادروا ما يزيد عن 100 دونم، لشق شارع يخدم المستوطنات، وأربعة دونمات أخرى، لنصب برج مراقبة مزود بكاميرات". ووفق رئيس البلدية، تعاني "بروقين" من الزحف المتواصل للمستوطنات الإسرائيلية، مما يهدد أراضيها، كما يهدد موقعاً أثرياً يعود بناؤه إلى العهد الروماني، يدعى "مدينة الشمس والقمر"، حيث تمنع السلطات الإسرائيلية الفلسطينيين من إعادة تأهيل الموقع، الذي يحوى كهوفاً وبيوتاً وبركاً، ومدافن. وتشكل المياه العادمة للمستوطنات والمصانع الكيمائية المقامة، والتي تشكل سيلاً يمر من وسط البلدة بطول ألفي متر، خطراً آخرا يهدد الأراضي الزراعية والمواطنين، بحسب السكان، إذ أكد بركات أن البلدية أقدمت على "تغطية سيل المياه العادمة، بتمويل قيمته مليوني شيكل (نحو 516 ألف دولار)، مشيراً إلى أن هذا المبلغ كان من الممكن أن يُنفَق لصالح خدمات أخرى في البلدة". وتقع "بروقين" ضمن المشروع الاستيطاني الإسرائيلي المسمى "أصبع أرئيل" الاستيطاني، الذي يضم 15 مستوطنة وبؤرة استيطانية، بحسب خليل التفكجي، مدير المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية "مسارات". وبين التفكجي في حديث مع الأناضول أن "نحو 50 ألف مستوطن يسكنون بهذا التجمع الاستيطاني"، لافتاً إلى أن "إسرائيل تواصل العمل بالمشروع لسد فراغات بين التجمعات الاستيطانية، لتشكل كتلة من المستوطنات التي يصعب تفكيكها". كذلك تحدث محمد سمارة، وهو أحد سكان البلدة، الذي أسس منزلاً بتكلفة 250 ألف شيكل (نحو 64 ألف دولار أمريكي)، عام 2003، بأنه تلقى إخطاراً بالهدم. وأضاف سمارة الذي يسكن مع عائلته المكونة من ثمانية أفراد، للأناضول: "أملك أوراقاً رسمية بملكية الأرض، حاولت الحصول على رخصة بناء، ولم يُسمح لي بذلك، كونها أراضٍ تابعة لمناطق مصنفة (ج)". واستطرد موضحا: "هذا حقنا، لا مآوى آخر لنا، ستبقى إسرائيل تسعى إلى طردنا من هنا، لتوسيع المستوطنات التي تعتبر سرطان يستشري في أراضينا (...) نعيش حالة قلق، نتوقع تنفيذ القرارات في أي لحظة". ويفيد سكان محليون يقطنون في تلك المناطق، أن القوات الإسرائيلية تقوم برفقة جرافات بهدم المنازل بشكل مفاجئ، بعد تسليم الإخطارات للأهالي. وبحسب مسؤول ملف الاستيطان في شمالي الضفة، غسان دغلس، فإن السلطات الإسرائيلية ترفض منح السكان تراخيص بناء في المناطق المصنفة "ج"، وذلك في حديث سابق له مع الأناضول. وتضم محافظة سلفيت 18 بلدة وقرية فلسطينية، يقابلها 24 مستوطنة وبؤرة استيطانية. ويفيد الجهاز المركزي للإحصاء الإسرائيلي أن ما يقرب من 356,000 إسرائيلي يعيشون في 135 مستوطنة ونحو 100 بؤرة استيطانية (غير مرخصة) أقيمت في المنطقة (ج)، وكلتاهما مخالفتان للقانون الدولي، إضافة إلى أن البؤر تعتبر غير قانونية بموجب القانون الإسرائيلي، بحسب تقرير المكتب الأممي "أوتشا".