ما زالت الأزمة السورية تفرض نفسها بقوة على الساحة السياسية العربية والاقليمية وكذلك الدولية وخاصة بعد القرار التاريخي والجرئ الذي اتخذته جامعة الدول العربية منذ يومين والذي يقضي بتجميد عضوية سوريا في مجلس الجامعة بجانب رزمة اخرى من العقوبات . كما تردد كثيرا في الاوساط السياسية امكانية ملاحقة بشار وزمرة نظامه جنائيا ، بالاضافة الى تطبيق ما يسمى ب "الحماية الدولية" لبعض المدن السورية .
وحرصاً من شبكة الإعلام العربية "محيط" على اسكشاف وتلمس الامر من ذويه ومتخصصيه ، فقامت باجراء حوارا مع خبير القانون الدولي الدكتور أيمن سلامة ، حيث جزم الأستاذ الفخري للقانون الدولي بجامعة ديبول بالولايات المتحدة وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية ، بأن العديد من الدول الأوروبية ستقوم بما يسمى "الملاحقة الجنائية" الدولية للرئيس السوري بشار الأسد وذمرة نظامه الحالي .
ويشير سلامة بأن من بين هذه الدول فرنسا واسبانيا ، واضاف الخبير القانوني الدولي بأن هذه الدول ستلاحق بشار متبعة مبدأ " قانون الاختصاص القضائي العالمي " والذي يتم الاحتكام اليه حينما يهدد السلم والامن في النظام العام العالمي ، ففي هذه الحالة تقوم دولا بعينها بالتصدي من اجل وقف الانتهاكات التي يمارسها هؤلاء الاشخاص ضد شعوبهم ، وذلك لوقف جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية والتطهير العرقي ،حسبانها الجرائم الأساسية في القانون الدولي .
ومن ثم تقوم هذه الدول في ملاحقة مرتكبي هذه الجرائم ، وذلك بغض النظر عن جنسية مرتكب الجريمة او النظر بعين الاعتبار للمحل الاقليمي له او لدولته .
وفرق خبير القانون الدولي بين ملاحقة الاشخاص مرتكبي الجرائم وبين ملاحقة الدول ، مشيرا الى ان الدول لا تلاحق جنائيا ، وانما في حالة الملف السوري ستكون الملاحقة لبشار ولمن قام بالأمر او التحريض او التآمر او المساعدة او التسهيل في ارتكاب جريمة ضد الانسانية ، وجرائم الحرب المدعاة .
وأوضح سلامة بأن سوريا وليبيا ومصر ليست اول الدول التي تم تجميد عضويتهم في جامعة الدول العربية ، مشيرا الى ان اول دولة تم تجميد عضويتها في الجامعة كانت إمارة شرق الأردن ، وذلك بسبب قيام الأخيرة بضم الضفة الغربية دون التشاور مع مجلس الجامعة العربية .
ثم تطرق الدكتور ايمن سلامة إلى المفهوم القانوني الواجب في الحماية الدولية ، وأوضح أن ذلك المفهوم بدأ وترسخ تاريخيا عام 2005 في أروقة الجمعية العمومية في منظمة الاممالمتحدة اثناء فترة الأمين العام السابق كوفي عنان ، وفي قمة عالمية لرؤساء ورؤساء حكومات الدول اعضاء المنظمة كافة ، واوضح سلامة أن عددهم كان حينئذ 192 دولة .
وتساءل أنذاك كوفي عنان أمام هذا الحشد إذا كان القانون الدولي والعلاقات تأسسا وارتكزا على مبدأ سيادة الدول فماذا عن الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994 ، وماذا عن الإبادة الجماعية في "فريدرنيتشا" في البوسنة والهرسك وذلك عام 1995 ، وماذا ايضا عن التطهير العرقي في كوسوفو عام 1999 .
وتابع سلامة ، أنه منذ هذه اللحظة التاريخية الفارقة صار التدخل الإنساني ليس بحق بل واجبا على المجتمع الدولي في حماية الحقوق الأساسية للإنسان ، ولضحايا الجرائم المذكورة حال ارتكابها .
وسرد سلامة المتخصص في القانون الدولي الشروط القانونية الواجب توافرها حالة فرض الحماية الدولية وهي
اولا : أن يكون ذلك التدخل الإنساني المسلح هو الخيار الأخير بعد استنفاد كافة السبل الدبلوماسية والدولية
ثانيا : أن يصدر قرار من مجلس الأمن بموجب الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة بمثل ذلك التدخل.
ثالثا : ألا يكون ذلك التدخل أبديا بل مؤقتا لحين وقف هذه الجرائم وضمان عدم تكرارها في المستقبل.
رابعا : ألا تتجاوز الدول والقوات المتدخلة مبادئ الشرعية ومراعاة حقوق الانسان.
خامسا : ألا يكون الهدف من ذلك التدخل تحقيق مآرب خاصة ومصالح ذاتية للدول المتدخلة.
وأوضح سلامة أن الحماية الدولية لا يشترط أن تكون عن طريق الجيوش او القوات المسلحة ولكن يمكن أن تكون عن طريق قوات حفظ السلام او ما يسمى الحماية الدولية للمناطق الأمنة ، وساق سلامة مثال عندما فرضت الأممالمتحدة في البوسنة والهرسك الحماية بهذه الطريقة وليس عن طريق الجيوش المسلحة .
مضيفا أن مجلس الأمن أصدر سابقا قرارا بوضع 6 مدن في البوسنة والهرسك تحت الحماية الدولية لقوات الاممالمتحدة وهذه المدن هي "سراييفو و فريدرنيتشا وتوزلا وموسطار وذيبا وجوزادة"
وربط الخبير القانوني الدولي بين ما سبق وامكانية فرض الحماية الدولية في مدن حماة وحمص ودرعا مثلا في سوريا .
وثمن سلامة من قرار مجلس وزراء الخارجية العرب والذي وصفه ب "الاستثنائي" والقاضي بتجميد عضوية سوريا ودعوة مجلس الامن لحماية دولية مفرقا بين دعوة الجامعة لمجلس الامن بالحماية وبين مطالبتها بشكل رسمي .
وعن النظام السياسي السوري قال سلامة أنه يحسب على الأنظمة الشمولية التي لا تقبل بالتعددية او التنوع ،واصفاً إياه بالنظام الديكتاتوري .
واختتم الخبير القانوني الدولي الدكتور أيمن سلامة بانه يجزم ويؤكد بأن النظام السياسي السوري او نظام بشار الأسد سيسقط لا محالة حتى وإن طال عمر الأزمة او امتدت الى وقت أبعد من ذلك .