واصلت نيابة الوراق بشمال الجيزة، أمس الأحد، تحقيقاتها في حادث «المركب المنكوب» بمنطقة الوراق، الذي اصطدم بصندل الشركة الوطنية للنقل النهري الأربعاء قبل الماضي، ما أسفر عن مصرع 39، بينهم أطفال، وإصابة 9 آخرين، وذلك بعد استدعاء كبار المسؤولين بهيئة النقل النهري والمسطحات المائية ووزارتي النقل والري والموارد المائية، الذين تبادلوا إلقاء الاتهامات على بعضهم البعض. وقالت مصادر قضائية في تصريحات لصحيفة «المصري اليوم»، نشرتها في عددها الصادر اليوم الاثنين، إن التحقيقات كشفت عن تراخي المسؤولين في أداء وظائفهم، وإسناد مهام أعمال لأشخاص غير جديرين بها، ما تسبب في وقوع الحوادث بمجرى النيل. واستدلت التحقيقات بتولي «بحار» مهمة عمل المراقبة على «هويس» منطقة القناطر الخيرية، الذي مر عليه الصندل النهري التابع للشركة الوطنية للنقل النهري، دون مراقبة، وأخلت النيابة سبيل البحار بضمان محل وظيفته، بعد توجيه اتهامات له بالقتل الخطأ عن طريق التسبب بالإهمال في أداء وظيفته في وقوع الحادث، وذلك بعد ورود تحريات شرطة المسطحات المائية التي بينت أن إدارة التشغيل والمراقبة بهيئة النقل النهري لم تعين مراقباً على «الهاويس»، المفترض له السماح بمرور الصندل، وتسجيل المخالفات عليه، قبل وقوع الحادث بنحو 20 يوماً، بعد وفاة المراقب على محطة القناطر. في الوقت ذاته، حددت النيابة برئاسة المستشار باهر حسن يوم 10 أغسطس الجاري لإجراء عرض قانوني لسائق المركب المحبوس على الناجين من الموت للتأكد من مسؤوليته عن الحادث، وما إذا كان هو من قاد المركب من عدمه، بعد إنكاره خلال التحقيقات قيادته المركب، وأنه كان مسؤولاً عن جمع ثمن التذاكر من الركاب قبل وقوع الحادث. بدأ فريق التحقيق بإشراف أحمد خطاب، مدير النيابة، ويضم عمرو البنا، وحسن أبو سلمى، وتامر شعبان، وكلاء النائب العام، في سماع إفادات كُلٍّ من: سمير سلامة، رئيس هيئة النقل النهري ومحمد عزمي، مدير إدارة التشغيل بالهيئة، ومحمد تهامي، مدير إدارة الرقابة بالهيئة، وزكى محمد السيد، مسؤول تراخيص الصنادل بالهيئة، ومحمد فاروق، القائم بأعمال مدير إدارة التراخيص بالهيئة، وتبين أن الأخير أول من وصل إلى مكان «المركب المنكوب»، وأمر بإحضار الأونانش لرفعه من المياه، وتعرف على أسباب الحادث، وسجلها بأنها ناتجة عن اصطدم صندل نقل البضائع المخالف بالمركب. وأجمع مسؤولو هيئة النقل النهري، خلال التحقيقات، على أن المسؤولية الجنائية تقع بالمناصفة بين سائقي المركب والصندل، لقيام الأول بالمخالفة بالسير دون تراخيص، وتحميل المركب فوق طاقته أكثر من 10 أشخاص، أما الثاني فكان يسير دون تراخيص لمقطورته الأمامية، وعدم توفير وسائل الأمان اللازمة به، وعدم وجود كشافات ضوئية به ولا كلاكسات، عكس ما ورد على لسانه في بداية التحقيق معه. وألقى مسؤولو هيئة النقل النهري، أمام النيابة، بمسؤولية سير صندل الشركة الوطنية دون رقابة على شرطة المسطحات المائية في الجيزة، بدعوى أن لديها الإمكانيات لمراقبة فرع النيل، وهي التي تستطيع مباشرة حركة الملاحة في المجرى الملاحي حتى عمق أكثر من 30 متراً، بحسب ما ورد نصاً للمسؤولين الخمسة بالهيئة في التحقيقات. وباستدعاء مدير إدارة التخطيط والشؤون بشرطة المسطحات المائية بالجيزة لسرايا النيابة، قال إن إدارته لا تستطيع التفتيش على الصنادل والمراكب دون مرافقة أحد أعضاء هيئة الرقابة بالنقل النهري، وفقًا للوائح والقوانين المنظمة لفرع النيل، وتبين- بحسب مصادر قضائية- كذب رواية المسؤول بشرطة المسطحات، حيث حررت الشرطة العديد من المخالفات على المراكب دون مرافقة أي جهة أخرى. وتنصل وكيل وزارة النقل، خلال التحقيقات، من مسؤولية الوزارة أيضاً عن المراقبة الكاملة لفرع النيل. واستدعت النيابة العديد من موظفي «هويس الرياح البحري» بمنطقة القناطر الخيرية، حيث مر صندل نقل الشركة الوطنية للنقل النهري بعد تفريغ حمولة «زهر حديد»، وكان في طريق عودته إلى جراجه بمنطقة المعادي، واصطدم بالمركب في الوراق، وقالوا إنهم تابعون لوزارة الري والموارد المائية، وكل دورهم تحصيل رسوم المرور البالغة 75 جنيهاً، وتسجيلها بالدفاتر، والتي تقدموا بنسخ منها إلى النيابة للاطلاع، وقرروا أن المسؤول عن رصد مخالفات أي وحدة بحرية تمر من «الهويس» هو مندوب من هيئة النقل النهري. وبالاستعلام عن اسمه من إدارة التشغيل بالهيئة تم التوصل إليه، وصدر قرار بضبطه وإحضاره. وقرر «حمدي .أ»، مندوب هيئة النقل النهري لمراقبة الوحدات البحرية ب«هويس القناطر»، عدم صلته بالمراقبة، وأنه في الأصل يعمل «بحاراً»، وكل مهام عمله المكلف بها بالمراقبة لا يفهم فيها، ولا يفقه شيئاً عن اللوائح واشتراطات الأمان التي يجب على الصنادل اتباعها للسماح لهم بالمرور، حيث كلفه مدير إدارة التشغيل بالهيئة بتسيير العمل، وتسجيل مرور أي وحدة بحرية بالدفاتر، أثناء مرورها من الهويس فحسب، والاطلاع على تراخيصها، ولكن النيابة قررت احتجازه لمدة 24 ساعة لحين ورود تحريات شرطة المسطحات المائية، والتي وردت بصحة أقوال «البحار»، وأكدت أن الأخير يعمل منذ سنوات بهاويس القناطر الخيرية، وكلفه مدير إدارة التشغيل بمهام العمل الجديدة بعد وفاة مراقب «الهويس»، يوم 1 يوليو الماضي، أي قبل حادث الوراق بقرابة 20 يوماً، ما يعد إهمالاً أدى لوقوع الكارثة، فأخلت النيابة سبيل «حمدي»، وبرأته من اتهامات التسبب بالإهمال وعدم تنفيذه القوانين واللوائح. وقررت النيابة استدعاء مدير الرقابة النهرية لمواجهته بأقوال الموظف «البحار»، بالإضافة إلى الاستعلام من هيئة النقل النهري عن موظفي الرقابة النهرية العاملين ب8 «أهوسة»، تقع في 3 محافظات، مر عبرها الصندل بدءاً بخروجه من الإسكندرية حتى الوراق، وطلبت النيابة تحريات شرطة المسطحات المائية حول دور كل من موظفي «الأهوسة»، ومدير التشغيل، وموظف الرقابة النهرية بهويس القناطر الخيرية في المراقبة على الصنادل، بالإضافة إلى استدعاء مدير إدارة تشغيل «الأهوسة» على مستوى الجمهورية.