قلائل هي الدول التي تتعامل بشفافية وانفتاح تام في القضايا التي تتعلق بالجيش والأمور العسكرية، لكن صحيفة «الديلي ميل» استخدمت قانون حرية المعلومات لعام 2000 وأرغمت وزارة الدفاع البريطانية على تسليمها أول من أمس، أرقاماً عن عدد الجنود الذين قتلوا أثناء التدريب، حيث تبيّن أن جندياً واحداً يُقتل في بريطانيا كل 6 أسابيع أثناء التدريب. ووفقاً لوزارة الدفاع البريطانية فإن هذه الوتيرة في مقتل الجنود أثناء التدريب مستمرة في الجيش البريطاني منذ 15 عاماً، من دون أن تتمكن الوزارة من أن توقف حوادث القتل هذه أو أن تخفّض منها، الأمر الذي يطرح تساؤلاً حول الطريقة التي تجري بها عمليات التدريب، حيث تبين أن الكثير منها يتم بالسلاح الحي، ما أدى إلى مقتل عدد من الجنود في معارك وهمية جرى ترتيبها لمقتضيات التدريب، فيما قتل آخرون دهساً تحت عجلات مركبات عسكرية كانت مشاركة في التدريب، وغرق البعض الآخر خلال التدريب على عبور الأنهار أو قتلوا نتيجة ظروف مناخية قاسية. أرقام «الدفاع» أظهرت عدد الجنود الذين قتلوا فقط، من دون ذكر عدد الذين تلقوا إصابات أثناء التدريب أو نوعية هذه الإصابات. وكانت الوزارة كشفت في يونيو الماضي، أن تكلفة رعاية الجنود الذين تعرّضوا للإصابة في الفترة من عام 2003 حتى عام 2014 وصلت إلى 288 مليون جنيه إسترليني. وتبعاً لأرقام الوزارة، قُتِل خلال التدريب في السنوات ال 15 الأخيرة 125 جندياً، الأمر الذي أثار الدهشة، نظراً إلى أن الجيش البريطاني لم يخسر سوى 179 جندياً خلال مشاركته في حرب حقيقية كبرى كالحرب على العراق التي استمرت من عام 2003 إلى عام 2009. وظلت نسبة الجنود الذين يُقتلون أثناء التدريب مرتفعة رغم أن عدد أفراد الجيش البريطاني انخفض من 195 ألف جندي إلى 154 ألفاً في الفترة من 2009 إلى اليوم. وتم الكشف عن هذه الأرقام، عقب الإعلان في مطلع الأسبوع عن نتائج التحقيق الذي أجرته «الدفاع» حول سبب مقتل 3 جنود أثناء التدريب في منطقة بريكون بيكونز الجبلية في إقليم ويلز في يوليو عام 2013، حيث اتهم رئيس لجنة التحقيق الوزارة بالإهمال الذي تسبب بمقتل الجنود الثلاثة بعدما انهارت أجسادهم نتيجة لدرجة الحرارة المرتفعة في ذلك الصيف، فتأخر وصول الإسعافات إليهم، وكانوا قد فارقوا الحياة لدى وصول المسعفين، ما أحدث ضجة كبيرة، إذ إن الجنود الثلاثة قتلوا في بلد أوروبي مناخه معتدل نسبياً في فصل الصيف وليس في منطقة ذات مناخ قاس مثل العراق أو الصحراء الليبية. وقال ناطق باسم الوزارة تعليقاً على الأرقام التي تم الكشف عنها: «نأسف لمقتل أي جندي أثناء التدريب، ورغم أن إجراءات السلامة والحفاظ على الصحة تحسّنت خلال السنوات الماضية، إلا أننا سنواصل ضمان أن كل شيء يتم من أجل تقليص الخطر الذي يتهدد حياة الجنود ومنع وقوع مآس ٍ أخرى في المستقبل». وأضاف: «لكنه سيكون ضرورياً تدريب الجنود واختبار جهوزيتهم على أعلى المستويات لكي يكونوا متأهبين لمواجهة التحديات التي تهدّد أمننا الوطني. ولتحقيق هذا الأمر على الجنود أن يشاركوا في المخاطرة بأنفسهم». ولفتت وسائل الإعلام البريطانية إلى أن ذوي الجنود الذين قتلوا أثناء التدريب وكّلوا محامين لمقاضاة الوزارة. وأوردت «الديلي ميل» في تقرير ظهر على موقعها الإلكتروني عن أحد هؤلاء المحامين أنه سيقاضي كبار قادة الجيش بسبب إهمالهم في مقتل الجنود، فيما دافع ضابط بريطاني كبير عن الجيش، قائلاً إن وزارة الدفاع ملزمة إجراء تدريبات خشنة للجنود البريطانيين «استعداداً للمشاركة في حروب سيكونون خلالها ملزمين باستخدام أجهزة خطيرة في ظروف طبيعية معادية.