تتنوع وتتعدّد أشكال التكافل الاجتماعي في الجزائر خلال شهر رمضان، من بينها "مطاعم الرّحمة"، التي توفر يوميا وجبات الإفطار للفقراء وعابري السبيل مجانا، ما جعلها قِبلة لهؤلاء على مدار شهر الصيام. وتنتشر عبر 48 محافظة في الجزائر "مطاعم الرّحمة" التي تديرها في الغالب جمعيات خيرية، وأخرى تابعة للهلال الأحمر الجزائري (منظمة إنسانية غير حكومية)، حيث تؤمّن وجبات الإفطار لشريحة كبيرة من المعوزين وعابري السبيل الذين تقطعت بهم السبل وداهمهم موعد الإفطار، قبل الوصول إلى الوجهة التي يرغبون بلوغها. الحاج ميلود رئيس جمعية خيرية تدعى "بشائر الخير"، تنشط بحي خميستي شرق مدينة وهران (450 كلم غرب الجزائر العاصمة)، قال في تصريحات ل"لأناضول": "لقد حوّلت مقرّ الجمعية خلال رمضان إلى مطعم للرحمة لأقدم وجبات الإفطار للفقراء وعابري السبيل مجانا". وتابع ميلود: "رمضان شهر التراحم لذلك لا بد لنا أن نتضامن مع بعضنا البعض، ونخفف وطأة الحاجة لدى إخواننا المعوزين". ومضى ميلود قائلا: "منذ فتح المطعم يقصدنا يوميا فقراء نقدم لهم وجبات الإفطار، يتناولونها داخل المطعم وهناك من نرسلها لهم إلى منازلهم، بالإضافة إلى أولئك المسافرين الذين يتردّدون من حين إلى آخر على المطعم". ويتولى طهي الطعام وتوزيعه وتنظيم طاولات مأدبة الإفطار عدد من المتطوعين والمتطوعات، من مختلف الأعمار، بحسب رئيس الجمعية. المشهد ذاته يتكرّر في كثير من "مطاعم الرحمة" المنتشرة عبر محافظاتالجزائر، حيث يتجمع عدد من الفقراء وعابري السبيل، أمام هذه المطاعم قبل دقائق من موعد الإفطار. ويدير أيضا الهلال الأحمر الجزائري عدداً من "مطاعم الرحمة"، حيث فتح في اليوم الأول من رمضان ستة مطاعم عبر بلديات محافظة بومرداس (200 كلم شرق العاصمة)، تستقبل يوميا العشرات من المحتاجين على مدار الشهر الفضيل. وقالت سعيدة بن حبيليس رئيسة الهلال الأحمر الجزائري في تصريحات للصحافة المحلية، إن "مظاهر التكافل الاجتماعي في رمضان لم تقتصر فقط على مطاعم الرحمة، بل تعدتها إلى إرسال طرود محمّلة بمختلف المواد الغذائية، إلى عدد من العائلات المعوزة التي تقطن بمناطق نائية في الجزائر". لمظاهر التضامن في الجزائر خلال رمضان، أشكال وألوان تتعدّى "مطاعم الرّحمة"، مثل "قفّة رمضان"؛ وهي إعانة توزعها وزارة التضامن على العائلات الفقيرة، تتمثل في طرود تحمل مختلف المواد الغذائية الأساسية. كما تقوم الشرطة الجزائرية منذ بداية رمضان بتوزيع وجبات على سائقي السيارات عبر حواجزها الأمنية في مداخل ومخارج المدن، قبل دقائق من رفع آذان المغرب، بهدف التقليل من حوادث المرور التي قد تنجم عن الإفراط في السرعة قبيل موعد الإفطار، حسب المديرية العامة للأمن في بيانات سابقة. وكشف تقرير للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان (منظمة غير حكومية)، أصدره في مايو/أيار الماضي، أن 10 ملايين جزائري، يعانون من الفقر، و"محرومون من الحق في مستوى معيشي لائق، بما في ذلك الغذاء". وارتفع عدد سكان الجزائر بداية العام الجاري إلى 39,5 مليون نسمة، بحسب الديوان الوطني للإحصاء.