عائلات الصعيد تعد إفطار بناتهن لرفع مقامهن أمام أزواجهن موائد الرحمن في القري انقرضت بسبب زيادة الأسعار هناك؛ بعيدًا عن زحام العاصمة وتمدن أهلها، حيث البساطة والأصالة والتقاليد والأعراف التي لا يخالفها صغير ولا كبير غني أو فقير هناك حيث الهدوء والراحة والسكينة والعودة للجذور تجولنا في قرى ومدن الصعيد " الجواني " لنرصد لكم طقوسه وعاداته الرماضية . وقع اختيارنا على قرية "الشيخ زياد" وهي إحدى القرى الريفية بمحافظة المنيا، تلك القرية االهادئة لتي بمجرد أن تطأها قدميك تشعر بسكينة غير معتادة وكنها قد خلت من سكانها أو أنهم في صوامعهم نائمون أوفي حقولهم يزرعون ويحصدون ، وبالرغم من قسوة وشد حرارة الجو هناك إلا أن المساحة المنزرعة شاسعة أعطتها نسمات ربانية لهواء رطب وطبيعة صيفية رائقة . العبادات والطاعات بعد قسط من الراحة كانوا قد ركنوا إليه في وقت الظهيرة سواء فى مساجد القرية أو فى بيوتهم أو حقولهم يستيقظون لصلاة العصر، يجمعهم بعدها حلقات من الذكر الحكيم يتبادلون فيما بينهم أحاديث وتفسير وتلاوة القرآن الكريم حتى صلاة المغرب وموعد الإفطار. وقبل الإعلان عن موعد الإفطار يتسارعون ويتسابقون لتقديم الخيرات فيما بينهم خاصةً بين شباب القرية فتجد من يقدم التمر على الطُرقات ومن من يقدم العصائر والماء على المارة ومنهم من ينتظر القادمون من حقولهم حتى يتثنى له الأجر والثواب. وفى العشاء وصلاة التراويح تزدحم المساجد بالمصلين الذين يأتون من أماكن بعيدة، كما يقصد الناس بعض المساجد التي اشتهر أئمتها بحلاوة الصوت العزب وجودة القراءة. وبعيدًا عن أمور الطاعات والعبادات تجد الأسواق مزدحمةً بالمارة والمتسوقين فى كل أيام رمضان خاصةً بعد العصر، وتعتبر أهم الأطعمة المفضلة فى رمضان الخضراوات فضلاً عن الأغذية بمختلف أنواعها، ويزدهر سوق العربات المتنقلة طوال أيام الشهر الكريم فهو موسم بالنسبة لأصحابها . مائدة الإفطار وجبة الإفطار فى القرية لها طقوس خاصة ، فلا يمكن أن تجمع الأسرة الصعيدية على مائدة واحدة دون رب الأسرة وكبيرها الذي يجلس على رأس المائدة ثم الأم والأبناء وزوجاتهم وأطفالهم أو بعض الاقارب أذا كانوا مدعوين . أما مائدة الإفطار فلا تكاد لا تخلو من التمر وعصير القصب والخضراوات الورقية، فمعظمها أما تكون متوفرة في المنازل أو مزوعة في الحقول الخاصة بهم، أومشتراة بأسعار رخيصة وفي متناول كل الاسر، وكذلك بعض المشروبات الشعبية الأخرى كالعرقسوس الذي غالبا ما يتم تحضيره في المنازل والخروب سهل التحضير. أما موائد إفطار الاغنياء في القرية لفا تخلو من البط المحشي واللحوم بأنواعها، وكذلك السمك بأنواعه، فضلاً عن الحلويات من القطايف والحلويات الفاخرة وبعض المشروبات مثل الخشاف والسوبيا وقمرالدين والتمر هندي. صلة الرحم جميع العائلات والاسر فى القرية تعودوا ، خلال الشهر الكريم على بعض الطقوس لا يمكنهم التغافل عنها كإرسال بعض الأطعمة والاكلات إلى بناتهن المتزوجات في منازلهن، كنوع من التواصل والتراحم ورفع قدر البنت في عين زوجها وأهله. وبعد الانتهاء من آداء الطاعات والعبادات وصلاة التراويح تبدأ صلة الرحم التى مازالت قائمة حتى الآن فى القرى الريفية حيث تتبادل الأسرة فى الصعيد الزيارات فيهم بينهم لأقاربهم وأصدقائهم، وقد يجتمع الأصدقاء على مقاهي القرية يتناولون المشروبات الساخنة والالعاب المسلية إلى أن يأتي وقت السحور بساعات قليلة. السحور أما المسحراتى فى القرية التى يكاد لا تخلو قرية صعيدية منه، إلا أنه بات قليل الاعتماد علية ربما يرجع ذلك إلى انتظار أهل القرية إلى وقت السحور، لكن لا يمكن الاستغناء عنه. ويبدأ المسحراتي مهمته فى منتصف الليل، فيدور بين المنازل، وغالبًا ما يحمل بيد طبلة وبالأخرى عصاه، مرددًا من الأشعار والجمل المتجانسة التى يحفظها بين قرعات الطبلة بصوت عال من أجل ان يساعد الناس، خاصة النساء وربات البيوت للنهوض من النوم والبدء في تجهيز السحور. الفول المدمس يعتبر ضيفا دائما في معظم وجبات الإفطار والسحور فى القرية لأنها الوجبة التي باستطاعة كل الناس الحصول عليها لتكلفتها البسيطة وعناصرها الغذائية الغنية، فلا تخلو مائدة منه، ويجهز بطرق وأنواع متعددة ومختلفة سواء في المنازل أو بالشراء من المحال، حيث تكثر المحال وعربات الفول في الطرقات. موائد الرحمن موائد الرحمن في القرية تكاد تكون منعدمةً تمامًا ربما يرجع ذلك إلى ارتفاع الأسعار والتضخم الذي حدث مقارنة برمضان الماضي ، لكن أغلب العزائم تتمثل في إفطار اليوم الواحد، ربما العشرات في المنازل بشكل غير دائم وبعضها قد يقام أمام المنازل الكبيرة أو ما يعرف بالدوارات والتكايا ومنادر الأثرياء. ولا يقتصر هذا الإفطار على تقديم طعام الإفطار للمحتاجين، بل يتحول بعضها، إلى مجالس للذكر والانشاد وقراءة القرآن، التي تبدأ منذ صلاة العشاء ولا تتوقف الا بعد منتصف الليل، حيث يتم استئجار بعض القراء والمنشدين لأداء برامج تبدأ بقراءة القرآن ثم يتبادل المنشدون قول المدائح والتواشيح.