استنكر عدد من مشايخ عشائر محافظة الأنبار غرب العراق ما يطرحه بعض المراقبين من أن تباطؤ الحكومة الاتحادية في تسليح أبناء العشائر بالمحافظة ذات الأغلبية السنية لتأهيلهم لمحاربة تنظيم داعش قد يدفعهم إلى الاحتماء بالتنظيم الذي يحاول تقديم نفسه على أنه حامي الأغلبية السنية بالمنطقة خاصة مع استمرار حصول الحشد الشعبي ذي الأغلبية الشيعية على الكثير من الأسلحة الثقيلة والمتطورة. واعتبر شيخ عشيرة البوفهد رافع الفهدواي هذا الطرح "إهانة خطيرة للمجتمع السني لا بالأنبار فقط بل بالعراق بأكمله" ، مشيرا إلى تطوع الآلاف من أبناء عشائر الأنبار خاصة عشائر شرق الرمادي وعامرية الفلوجة للتدريب والتسليح استعدادا لمحاربة داعش وتخرج الدفعة الأولى منهم وقوامها 3500 من مركز تدريب قضاء العامرية. وتساءل في اتصال هاتفي أجرته معه وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) من القاهرة: "ما البديل أمام أبناء العشائر سوى محاربة تنظيم داعش الذي قتل آباءهم وإخوانهم وطردهم من أراضيهم وسرق ممتلكاتهم وهجرهم مع عوائلهم؟". واستنكر :"هل من المعقول أن ينضم أهل الأنبار في محنتهم الراهنة لعصابة داعش الإرهابية التي تحاربها كل دول العالم؟ ..هل هذا يعقل!". وأقر الفهدواي بشعور بعض أبناء العشائر بضيق فعلي من تباطؤ الحكومة العراقية في عملية تسليحهم مقارنة بحصول قوات الحشد الشعبي على الكثير من الأسلحة والذخائر المتطورة ، ولكنه شدد على أن "هذا الشعور لا يمكن أن يتطور أبدا ليكون دافعا لهم للارتماء في أحضان داعش". وقال: "نحن خلال عام وسبعة أشهر لم نحصل على أي شيء .. لا رواتب ولا معاشات ، حتى الأسر التي فقدت أبناءها خلال الحرب مع داعش .. وحتى السلاح الذي حصل عليه المتطوعون من أبناء العشائر بعد انتهاء دورتهم التدريبة سلاح بسيط جدا لا يقارن بما حصلت عليه قوات الحشد الشعبي من صواريخ وقاذفات صواريخ ومدافع رشاشة وذخيرة وآليات .. ومع ذلك لا نزال نأمل أن يكون التسليح في معسكرات أخرى معادلا لحجم التحدي". واختتم بالتأكيد على "أن أبناء العشائر يرفضون وجود داعش ومصرين على طرده ، إلا أنهم في الوقت نفسه يرفضون عدم شروع الحكومة في تطبيق المصالحة الوطنية بإلغاء بعض القوانين غير المبررة كقانون اجتثاث البعث الذي يحرم البلاد من كفاءات كثيرة خاصة من شريحة صغار الضباط والموظفين ويحرم أيضا المشمولين به من رواتبهم لإعالة أسرهم دون أي ذنب أو جريمة سوى الانتماء لحزب معروف أن دخوله كان أمرا شبه إجباري للعمل بالدولة". وتقع محافظة الأنبار في غرب البلاد وتعد أكبر محافظاتالعراق مساحة حيث تشكل ما يعادل ثلث مساحته ، ويبلغ إجمالي عدد سكانها مليون و900 ألف نسمة. وقد سيطر تنظيم داعش على مدينة الرمادي مركز الأنبار في أيار/مايو الماضي إثر انسحاب غير مبرر للقوات الأمنية. وكان التنظيم سيطر على أحياء في المدينة مطلع 2014 . ومن جانبه ، رفض شيخ منطقة البوبالي عبد الوهاب البيلاوي ما يقال عن أن 80% من أبناء عشائر الأنبار يرفضون التطوع لمشاركة قوات الحشد الشعبي في عملية تحرير المدينة من يد داعش حتى لا ينسب الفضل في النهاية للحشد ذي الأغلبية الشيعية أو تخوفا من تكرار منع قوات الحشد العوائل السنية المهجرة من العودة كما فعل سابقا. وشدد ل"د.ب.أ" :"كل هذا غير حقيقي .. فنحن كعشائر الأنبار جادين ولدينا آلاف المتطوعين .. لكن لا توجد جدية من قبل الحكومة لا في استقبال المتطوعين منا ولا في تسليحنا ، وكل ما نملكه هو سلاحنا البدائي القديم .. والحديث المتكرر عن تسليحنا هو مجرد قضايا تثار بالإعلام". وأضاف :"لقد رفضوا استقبال أبناء عشائر الأنبار ممن ذهبوا للتطوع والتدريب في معسكر التطوع الموجود في قاعدة الحبانية شرق مدينة الرمادي بذريعة أن المعسكر لا يتسع لكل أعداد المتطوعين". وشدد على أن داعش "لن يكون أبدا ملاذا لأهل السنة في الأنبار أو بغيرها من مدن العراق مهما قدم من إغراءات أو وعود". وقال :"لا أحد يصدق وعود داعش : يحاولون تقديم أنفسهم على أنهم حماة السنة في وجه الشيعة وإيران ، والحقيقة أنهم لم يهاجموا سوى أهل المناطق السنية ولم يقتلوا سوى أبنائها". وشدد الشيخ ، الذي اضطر للنزوح وترك منطقة الخالدية بعد سيطرة داعش عليها وتدميرها ، على أن "كل ما يلزم أهل الأنبار لتحرير محافظتهم هو سلاح يكافئ سلاح داعش المتطور ومنظومة أمنية تحتوي أبناء السنة". وبالمثل أيضا ، رفض الشيخ مال الله العبيدي شيخ عشيرة العبيد غربي الأنبار الحديث عن تردد أبناء عشائر المحافظة في محاربة داعش ، وأشار إلى أن جميع أبناء المحافظة خاصة المناطق السنية "لن تمحى من ذاكرتهم مشاهد التهجير القسري لهم ولعائلتهم بعد أن اضطرتهم داعش بقوة السلاح لتركها ، ولا يمكن أن ينسوا قتل إخوانهم وأقاربهم وحجم الجوع والألم الذي عانوه". وعلى العكس من عدم تفاؤل نظرائه من مشايخ الأنبار فيما يتعلق بتأخر التسليح عن أبناء المحافظة ، أعرب العبيدي عن أمله في أن تتمكن الحكومة قريبا من التنسيق مع أبناء العشائر بالمحافظة لتحريرها من يد داعش. وأعرب عن عدم تخوفه من مشاركة قوات الحشد الشعبي في تحرير المحافظة ، وشدد :"قوات الحشد هي قوات عراقية في نهاية المطاف .. ومشكلتنا الرئيسية اليوم ليست إيران ولا السعودية ولا أي دولة أخرى : مشكلتنا الرئيسية هي داعش". ورحب العبيدي بأي جهد عربي يقدم لمساندة الحكومة العراقية في حربها ضد داعش ، مناشدا كافة المنظمات الإقليمية والدولية مساندة العائلات المحاصرة في منطقتي حديثة والبغدادي ، خاصة مع معاناتهم من نقص شديد في المواد الغذائية والطبية.