اختارت لجنة تحكيم مهرجان "كان" السينمائي في دورته الثامنة والستين هذا العام فيلم "ديبان" ليحصد السعفة الذهبية في منافسة اشتدت بين 19 فيلما رشحوا للجائزة، وعلى الرغم من توقع أفلام أخرى للفوز بالجائزة مثل فيلم "بحر الأشجار"، أو "كارول" وغيرهما، إلا أن فيلم "ديبان" الذي لم يتوقع أحد أن يفوز بالجائزة نالها عن جداره. "ديبان" هو الفيلم السابع للمخرج الفرنسي "جاك أوديار "، الذي فاز بجائزة لجنه التحكيم في مهرجان كان عن فيلمه "النبي" عام 2009. وفيلم "ديبان" قام ببطولته فنانين من سيريلانكا، وقصته مأخوذة عن كتاب "رسائل فرنسيه" لمونتسكيو أحد أبرز فلاسفة عصر التنوير في فرنسا في القرن الثامن عشر؛ حيث يطرح الفيلم القضية الشائكة المتعلقة بالوافدين إلى أوروبا الباحثين عن حياة أفضل بعيدا عن مآسي الحروب، والذي يعرضها المخرج في إطار درامي على خلفيه صدام الثقافات عبر قصه لاجئ من نمور التاميل في فرنسا. والفيلم يحكي عن انتهاء الحرب الأهليه في سيريلانكا، فيقترب الانهزام وفشل تحرير التاميل، فيقرر أحد مقاتلي نمور التاميل في سريلانكا وهو "ديبان" - بطل الفيلم – الفرار، ويأخذ معه امرأة شابة وطفله صغيره تبلغ من العمر تسع سنوات لا يعرفهما، أملا منه في تسهيل الحصول على اللجوء السياسي في أوروبا. ويصل "ديبان" إلى باريس وهو لا يتقن اللغة الفرنسية وكذلك المرأة والطفلة، ويعيش الثلاثة في مراكز مختلفة خاصة باللاجئين على أساس أنهم أسرة واحدة، ويضطر "ديبان" إلى العمل كحارس في مبنى في منطقة في ضاحية باريس، ويأمل في بدء حياه جديدة وتأسيس عائله حقيقية مع المرأة والبنت الصغيرة، لكن عنف حياه المدن يضطر "ديبان" إلى العودة لحياة الحروب؛ فالضاحية التي يعمل بها يهيمن عليها تجار المخدرات والعصابات المنظمة. حاولت عائلة "ديبان" الاندماج وفهم الثقافة والمجتمع الفرنسيين من خلال عدم التدخل في شئون الآخر، إلا أنهم واجهوا العنف. كما تعاني الفتاة من المشاكل بعد التحاقها بإحدى المدارس الفرنسية، فلا تستطيع التعامل والتأقلم مع غيرها من الأطفال، وتحاول المرأة "ياليني"، التي بدأت تعمل عند أحد العجائز نظير مقابل مادي سخي، الفرار من فرنسا والتوجه إلى أهلها وأقاربها الموجودين ببريطانيا، لكن محاولاتها تفشل. ويكتشف "ديبان" أن تلك المنطقة التي يعيش بها، تسيطر عليها مجموعة من الشباب المتمرد الذي أفلح في تشكيل عصابات باتت تتشاجر مع بعضها وتزعج الأهالي والسكان هناك، ويتطور الأمر إلى حمل السلاح وإطلاق النيران، الأمر الذي يصيب الفتاة والمرأة بالذعر الشديد، وكاد يفقدهما حياتهما، فتذهب المرأة لمحطة القطار من أجل الهرب إلى بريطانيا خوفاً من المصير الذي هربت منه بسريلانكا، ويضطر "ديبان" إلى حمل السلاح والقتل للدفاع عن حياته وأمنه وأسرته، ليجد نفسه عاد لما كان يحاول الفرار منه في بلاده. أما عن أبطال الفيلم، فقد اختار مخرج الفيلم اللجوء إلى ممثلين سريلانكيين غير محترفين ليقوموا ببطولة فيلمه الجديد؛ حيث قام بدور بطل الفيلم "ديبان" على نحو جيد الكاتب أنطونيتازان جيزوتازان الذي يقوم بالتمثيل لأول مرة في حياته، وقامت بدور "ياليني" ممثلة المسرح الناشئة كاليازواري سرينيفازان، وهو أيضاً أول دور سينمائي لها، والتي برعت بالفعل في أدائه. والفيلم تصل مدته إلى ساعتين، وقد أعلن عن نتيجه فوزه بجائزة "السعفة الذهبية" أمس في الدورة الثامنة والستين من مهرجان "كان" الفرنسي.