خمسة فرنسيين من بين المخرجين التسعة عشر المتنافسين على السعفة الذهبية.. فهل ستكون الدورة 68 لمهرجان «كان» ذات طابع فرنسى وتلعب الأرض مع نجومها كما يقال، وينال الفرنسيون العدد الأكبر من الجوائز، أو كما يقول تيري فريمو: «إنها سنة حلوة للسينما الفرنسية».. أما أن الفن السابع لا يميز بين لون وجنس ولا يعرف إلا قوانين الإبداع والإبهار. كانت الطلة الاولى للمهرجان وافتتاحه من خلال المخرجة الفرنسية إيمانويل بيركو صاحبة فيلم «مرفوع الرأس» مع الرائعة دوماً وذات الإطلالة المميزة فى المهرجان فى معظم سنواته «كاترين دونوف».. والطريف أنها انتقدت فى حوار لها عن المهرجان والفيلم قبل يوم من المهرجان إدمان عدد كبير من نجوم الجيل الجديد وسائل التواصل الاجتماعي، قائلة: «إن النجم هو شخص لا يظهر سوى قليلاً ويبقي على جانب من التكتم. مع دخول عالم الاتصالات الرقمية، ثمة تلصص على كل شيء وفي كل مكان طيلة الوقت والتقاط الصور بالهواتف المحمولة أمر رائع لكنني أكره الصور الذاتية (سيلْفي)، فتصوير الذات طيلة الوقت.. يفقد كل شيء قيمته». ومن المعروف أن إدارة مهرجان «كانّ» السينمائي هذه السنة قامت بحملة للحد من التقاط صور السيلْفي على السجادة الحمراء للمهرجان، وهي عادة يرى فيها المندوب العام للمهرجان تييري فريمو «سخافة وإسفافاً في كثير من الأحيان».. وفيلم «مرفوع الرأس» نال قدراً لا بأس به من الاستحسان من قبل النقاد بعد عرضه، خاصة أنه يعد أحد الأفلام المعبرة عن الموجة الفرنسية الجديدة من الأفلام، ويتعمق فى التفاصيل ليقدم مأساة مراهق داخل إصلاحية تفشل معه كل السبل للتقليل من عنفه وتوظيفه فى منحنى إيجابى.. أما بالنسبة للأفلام الفرنسية المشاركة في المسابقة الرسمية فعلى رأسها «ديبان»، يحكي قصة محارب سابق في سريلانكا ولاجئ سياسي لاحق في فرنسا يعمل بواباً في إحدى ضواحي باريس المضطربة، وهو أحد لاجئي نمور التاميل في فرنسا (اشتعلت الحرب الأهلية في سريلانيكا في بداية الثمانينات بين الحكومة وجبهة تحرير نمور التاميل).. وفيلم «ديبان» هو الفيلم السابع لجاك أوديار (ولد المخرج والمؤلف الفرنسي جاك أوديار بباريس، والده ميشيل كاتي السيناريو والمخرج والمنتج المشهور، في سن المراهقة رفض جاك الدخول لعالم الفن وتمنى أن يصبح معلماً.. التحق بالمسرح وعمل جميع الأعمال به، بدأت كتابة السيناريو عام 1980، كما أخرج بعض الأفلام القصيرة التى لاقت نجاحاً كبيراً، وكانت بداية انطلاقته الفنية، بعد كتابته عدداً من السيناريوهات، انتقل إلى الإخراج.. نال أول الأفلام التي أخرجها «انظر كيف يسقط الرجال» جائزة «سيزار» عام 1994، بينما حصد «الخفقة التي غفل عنها قلبي» 2005 ثماني جوائز «سيزار»، من أصل عشرة ترشيحات.. نال فيلمه «نبي» الجائزة الكبرى في «مهرجان كان السينمائي» عام 2009، وفيلم «ديبان» مستلهم من كتاب «رسائل فارسية» لمونتسكيو أحد أبرز فلاسفة عصر التنوير في فرنسا (القرن الثامن عشر).. ويشارك المخرج ستيفان بريزيه في مهرجان كان بفيلم «قانون السوق» بعد ترشيحه للحصول على جائزة الكاميرا الذهبية لعام 2010، وهو لوحة اجتماعية عن المعاناة في الوسط المهني، ويعمل بريزيه للمرة الثالثة مع فنسان إيندون الممثل المفضل للمخرج ويقوم بدور الزعيم النقابي السابق إجزافييه ماتيو.. ويركز الفيلم عن المعاناة الإنسانية التى يعيشها إنسان تحول إلى جاسوس على زملائه للمحافظة على عمله.. وأما المخرجة فاليري دونزيلي فتشارك في المسابقة الرسمية، الفيلم مقتبس من قصة واقعية لزنا المحارم بين أخ وأخت، حدثت في أوائل القرن السابع عشر وتطرحها من خلال «مارجريت وجوليان».. الطريف أن المخرجة سبق أن شاركت فى كان كممثلة ومخرجة لفيلم (أعلنت الحرب) الذي عرض في أسبوع النقاد ولاقى ترحيباً إعلامياً واسعاً.. تحدثت فاليري عن تمثيلها لدورها الخاص في الفيلم وأنكرت أن يكون عن شخصيتها الخاصة (الشخصية ليست عني، ولكن من الممكن أن يلعب الممثل دوراً قريباً من شخصيته إلا أنه ومنذ اللحظة التي يتم فيها التصوير تتحول الشخصية ذاتها إلى شخصية سينمائية). وتقول: (أشعر بهامش الحرية الواسع عندما ألعب دوراً في فيلم من إخراجي لأني أعمل حسبما أريد، بالمقابل أشعر بأني مكبوتة مع مخرجين آخرين).. ولكن الأعجب أنها وصفت مهرجان كان حينذاك بأنه رمز السطحية وصفقات الأعمال وأن فيه شيئاً من ديزني لاند.. فهل يمنع وصفها السابق للمهرجان فوزها بإحدي جوائزه هذا العام! ومن بين الأفلام الفرنسية الخمسة في المسابقة الرسمية، فيلم «وادي الحب» للفرنسي جيوم نيكلو الذي أضافه المنظمون مؤخراً للقائمة الأولية التي أعلن عنها في 16 أبريل.. ويجمع الفيلم عملاقي السينما جيرار دوبارديو وإيزابيل هوبار للمرة الأولى منذ 1980 بعد دورهما في «لولو» للراحل موريس بيالا، ويؤديان دور زوجين يلتقيان بعد غياب طويل وإثر انتحار ابنهما.. من جهتها وبعد أربع سنوات على فيلم «بوليس» (الذي فاز بجائزة لجنة التحكيم ولاقى نجاحاً واسعاً، الذى دار حول فرقة من البوليس الفرنسي تعيش تناقضات الاختلاط في المجتمع الفرنسي الذي تسوده فوضى الهجرة غير المنظمة وانفلات الشارع الفرنسي وانتشار الجريمة التي تحصد الضحايا من الجاليات العربية والأفريقية)، تعود المخرجة مايوان (وهى من أصل تونسى) إلى الكروازيت بفيلم «ملكي» المتمثل في قصة حب عاصفة بين فينسان كاسيل وإيمانويل بيركو، إضافة إلى مشاركة الممثلين إيزيلد لوبسكو (أخت المخرجة مايوان) ولوي جاريل.. وبطلة «ملكي» إيمانويل بيركو فعرفت أكثر بالإخراج وكتابة السيناريو وشاركت مايوان كتابة هذا الفيلم، وهي مخرجة فيلم الافتتاح هذا العام. وللعام الرابع تتواجد النجمة ماريون كوتيار فى مهرجان كان بعمل وبذلك أصبحت من أساسيات المهرجان وملمحه الرئيسى.. على الرغم من إقامة المهرجان في موطنها استمرت جائزة أفضل ممثلة من مهرجان كان السينمائي عصية على النجمة الفرنسية الجميلة ماريون كوتيار بالرغم من فوزها بجائزة الأوسكار لأفضل ممثلة من قبل عن دورها في فيلم La Vie en Rose عام 2008.. وكان آخر مشاركة لها فى «كان» العام الماضى بفيلم Two Days ,One Nightوالذي أثقله تعاونها مع الشقيقين البلجيكيين جان بيير داردين ولوك داردين كاتبي ومخرجي الفيلم اللذين حفرا اسميهما من قبل في تاريخ المهرجان بفوز أفلامهما مرتين بجائزة السعفة الذهبية أعوام 1999 و2005 وهو إنجاز لم يحققه سوى سبعة مخرجين منذ انطلاقة المهرجان.. وقامت ماريون كوتيار في الفيلم بدور امرأة مكافحة تسعى لإنقاذ وظيفتها عن طريق إقناع زملائها في العمل بالتخلي عن عمولتهم لصالحها.. وتشارك هذا العام بفيلم «ماكبث» (عن مسرحية تراجيدية للمسرحي الإنجليزي ويليام شكسبير، واعتمد فيها شكسبير بشكلٍ طفيف على شخصية مكبث الأسكتلندي أحد ملوك أسكتلندا.. مُثلث هذه المسرحية مراراً، وأنتجت للسينما والأوبرا والمسلسلات).. ويخرج الفيلم «جستين كورزيل»، فى ثانى تجربة سينمائية له فى الأفلام الطويلة فهو مخرج وسيناريست أسترالي، بدأ حياته الفنية بإخراج الفيلم القصير (Blue Tongue) عام 2005، ثم أنجز أول فيلم طويل له عام 2011 بعنوان (The Snowtown Murders).. فهل يحقق «جستين كورزيل»، للنجمة الفرنسية الجميلة ماريون كوتيار حلمها وتفوز بالجائزة؟