ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن قطاعا كبيرا من الشعب الإيراني تابع عن كثب ما يحدث في الأونة الأخيرة على الساحة الدولية من مشاهد التوتر بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل حول كيفية التعامل مع برنامج إيران النووي والخطاب السياسي الذي ألقاه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الكونجرس الأمريكي أمس الثلاثاء. وسلطت الصحيفة الأمريكية - في تقرير بثته علي موقعها الإلكتروني اليوم الأربعاء - الضوء على مقتطفات من آراء المحللين ووسائل الإعلام الإيراينة الذين رأوا الانقسام الحاصل دليلا على أن إسرائيل تم عزلها على يد حليفتها الرئيسية، ويدرس المحللون الإيرانيون حاليا كيف سيؤثر هذا الصدع على نتائج المفاوضات النووية. وقال حميد رضا تراغي، وهو محلل سياسي قريب من الزعيم الأعلى الإيراني علي خامنئي، عقب خطاب نتنياهو "يحاول رئيس وزراء اسرائيل تعظيم حجم المخاطر ورفع التوقعات لنتائج المحادثات".. مضيفا أن "إسرائيل تحاول الضغط علينا لإجبارنا على الموافقة وبالطبع لن يحدث على الإطلاق". وأشارت "نيويورك تايمز" إلي أن العديد من الإيرانيين قد انتظروا خطاب نتنياهو بفارغ الصبر ليس لأنهم يعتقدون أن نتنياهو قادر على وقف المحادثات النووية، ولكن لأنهم يأملون أن يتحول الرأى العام الأمريكي عقب سماع الخطاب ضد نهج رئيس الوزراء الإسرائيلي. وتوسعت دائرة التوترات بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل، التي يسميهما بعض المتشددين في إيران ب "الشيطان الكبير والصغير"، على نحو متزايد في الوقت الذي تسعى واشنطنوطهران إلى إبرام اتفاق من شأنه أن يحد من قدرة إيران على مواصلة تطوير قدراتها النووية. ونقلت الصحيفة عن فرشاد غوربانبور محلل سياسي إيراني مقرب من حكومة الرئيس حسن روحاني قوله إن "خطاب نتنياهو يدل على أن الاتفاق بات وشيكا.. وهذا هو السبب وراء حالة اليأس التي تنتاب نتنياهو"، مضيفا أنه "ليس مهما ما يقوله في الكونجرس لأن الصفقة وشيكة". وقالت إنه "على مدى عقود، يقول قادة إيران إن السياسة الخارجية للولايات المتحدة كانت رهينة المصالح الإسرائيلية، وفي خطاباتهم دائما ما يستنكرون قوة ونفوذ جماعات الضغط (اللوبي) الصهيونية المؤيدة لإسرائيل في واشنطن". وعلق علي خورام الدبلوماسي الايراني السابق قائلا "نحن سعداء جدا أن الناس بدأوا في فهم أن مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة تختلف عن مصالح نتنياهو، وإذا استمر نتنياهو على هذا النهج لن يجني سوي خسارة المزيد من المصداقية في عيون الأمريكيين". وأوضحت الصحيفة أن إيران لاتعترف بإسرائيل كدولة، وعلى مدى العقود الماضية، اتخذ بعض قادتها موقفا عدوانيا تجاه إسرائيل، بما في ذلك الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، الذي هدد بمسحها من على الخريطة. ولفتت إلي أنه في ظل ما تواجهه العلاقة بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل من ضغوط، بثت وسائل الإعلام الإيراني مهللة تقاريرا إخبارية عن وجود احتجاجات أمام مقر لجنة الشؤون العامة الأمريكية الاسرائيلية "ايباك" في واشنطن، وهو مقر مجموعة الضغط اليهودية الرئيسية في الولاياتالمتحدةالأمريكية.. فمن جانبها قالت وكالة "تسنيم" الإيرانية أن "الناس يلوحون بشعارات مؤيدة لإيران"، حيث بثت صورا لرجال يهود ينتمون إلى طائفة تعارض الصهيونية ممسكين في أيديهم لافتات كتب عليها "ايباك تنتهك مبادئ اليهودية" . فيما بثت صحيفة "طهران تايمز" الحكومية صورة لمتظاهرين يرتدون أقنعة على شكل نتنياهو ملطخة بالون الدم تحت عنوان "احتجاجات في واشنطن ضد نتنياهو". وذكرت "نيويورك تايمز" أنه على صعيد رجال الدين المحافظين والقادة العسكريين الموالين بشدة لخامنئي، فقد دأبوا على معارضة الولاياتالمتحدة، وأكدوا على أن السياسيين الأمريكيين لن يتخلوا أبدا عن عداوتهم ضد إيران للفارق الأيدولوجي بين البلدين.. ففي السنوات الأخيرة، استفادت إيران من الانسحاب الأمريكي من المنطقة، وملأت الفراغ في العراق ودعمت قلب نظام الحكم في اليمن من خلال المتمردين الحوثيين الشيعة.. وبوجود حزب الله في لبنان، إيران تساعد بشار الأسد. ونقلت الصحيفة الأمريكية عن ناصر هديان، أستاذ العلوم السياسية في جامعة طهران، قوله إنه "بالرغم من التوترات بين إسرائيل والولاياتالمتحدة إلا أن معظم المحللين الإيرانيين لا يعتقدون أن خطاب نتنياهو سيضر حقا بالعلاقات بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل حيث يرون أنها ليست أكثر من لعبة سياسية لنتنياهو وبعد الانتخابات سيبدأ في إصلاح العلاقات مرة أخرى، فيما يري آخرون أن خطاب نتنياهو أمس قد يؤثر على سير المفاوضات النووية الحساسة". وقال محمد علي شعباني، محلل سياسي ايراني، إن "هجوم نتنياهو قد يعمل على تشديد الموقف الأمريكي في وقت يستوجب المرونة"، مضيفا "إذا أظهرت أمريكا عدم مرونة، فإنه لن يكون بسبب لي نتنياهو ذراع لأوباما، ولكن لأنه أظهر مطالب الولاياتالمتحدة بشكل أكثر عقلانية".