سجل التاريخ عظم ومكانة بلد شيخ العرب مدينة طنطا في نفوس أبنائها والقادمين من شتى بلاد العالم والأحداث التي اشتهرت بها عبر تاريخها التليد، ومنها ذلك اليوم الرائع الذي صنعته أيدي الثوار ومحبي السيد البدوي. فقد سجل التاريخ في 7 أكتوبر من عام الميلادي 1798- العيد القومي لأبناء محافظة الغربية- يوم الإرادة والصمود ضد وحشية المحتل الغاشم ونقطة مضيئة في صفحة المقاومة الشعبية.
ففي ذلك اليوم اصدر نابليون بونابرت قائد الحملة الفرنسية على مصر أمرا إلى الجنرال فوجيير بجمع الضرائب من أهالي طنطا- عاصمة إقليم الوجه البحري آنذاك- وتوابعها.
واتى فوجيير في وقت غير عادى حيث الاحتفال بمولد العارف بالله السيد احمد البدوي ووجود ملايين الزائرين والمحبين والذاكرين، ولما علموا بذلك رفضوا الرضوخ لأوامر فوجيير مما اضطره إلى إرسال كتيبة مسلحة بأحدث العتاد بقيادة الكولونيل لوفيفر وأمر باعتقال زعماء المدينة وأخذ رهائن منهم لضمان هدوء البلاد إلا انه لم يستطع ذلك.
واضطر الجنرال فوجيير لإرسال ما حدث بهذه المدينة إلى نابليون بونابرت والذي حذره في مكتوب لم يصل فوجيير إلا بعد فوات الأوان من التعرض لمقام البدوي ومريديه واستخدام العنف في بلد تعشق وتحب هذا العابد ولها هالة وقدسية، مما يحتاج إلى الحذر في التعامل معها.
وأرسل الكولونيل لوفيفر إلى حاكم المدينة سليم الشوربجي يأمره بإرسال أربعة من كبراء المدينة ليكونوا رهائن عنده حتى تستقر الأمور ويدفع الأهالي الضرائب فأرسل إليه أربعة من أئمة مسجد البدوي بعد أن رفض الأهالي الرد على طلبه.
وعندما قام القائد الفرنسي بترحيل العلماء إلى المركب الراحل صوب القاهرة جاء محبو السيد البدوي وأهالي طنطا من كل حدب وصوب وهاجموا فلول الحملة الفرنسية في معركة دامية وغير متكافئة، حمل خلالها الشوم والعصي والقطع الحديدية، بينما كانت أسلحة الفرنسيين- كما كان يسميها أهالى طنطا القدامى- البنادق والبارود والمدافع المتنقلة.
ورغم التفاوت الواضح في العتاد إلا أن الإرادة وحب البدوي والانتماء للوطن انتصرت على "الفرنسيس" مما دفع نابليون إلى الندم على ما كان، وسحب قواته من المدينة التي ظلت مرتبطة ارتباطا كليا بمقام البدوي الذي بات أشهر مزارات العالم الدينية.