لم تمضي سوى أيام قليلة منذ التحرك السعودي، واللقاءات التي كثفها الملك سلمان بن عبد العزيز، مع كل من أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، وأمير دولة قطر الشيخ تميم.. اختتم ذلك التحرك بلقاء جمع الأمير محمد بن نايف، ولي ولي العهد السعودي، يوم أمس الأربعاء، سفير مصر لدى المملكة، عفيفي عبد الوهاب، لرأب الصدع العربي، وإتمام المصالحة القطرية المصرية. أعلنت قطر استدعاء سفيرها لدى مصر سيف بن مقدم البوعينين للتشاور على خلفية تصريح مندوب مصر لدى جامعة الدول العربية، اتهم فيه الدوحة بدعم الإرهاب بعد تحفظها على عبارة "التفهم الكامل" لمجلس الجامعة، لتوجيه مصر ضربة عسكرية ضد مواقع قالت إنها لتنظيم "داعش" بليبيا. واستنكرت قطر في بيان أصدرته اليوم الخميس، تصريح مندوب مصر لدى جامعة الدول العربية، والتي وصفته ب«الموتور» الذي يخلط بين ضرورة مكافحة الإرهاب وبين قتل وحرق المدنيين بطريقة همجية لم يلتفت لها مصدر التصريح وأنه يجب عدم الزج باسم قطر في أي فشل تقوم به الحكومة المصرية لأن قطر داعمة وسوف تظل دائما داعمة لإرادة الشعب المصري واستقراره"، على حد تعبير البيان. لماذا تحفظت قطر؟ أوضح السفير سعد بن علي المهندي، مدير إدارة الشؤون العربية في وزارة الخارجية القطرية، أن "تحفظ دولة قطر الوارد على الفقرة التي صدرت في البيان الصحفي الصادر عن الاجتماع التشاوري لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين والمتعلق بالترحيب بالضربة الجوية التي قامت بها القوات المسلحة المصرية إنما جاء متوافقاً مع أصول العمل العربي المشترك الذي يقضي بأن يكون هناك تشاور بين الدول العربية قبل قيام إحدى الدول الأعضاء بعمل عسكري منفرد في دولة عضو أخرى لما قد يؤدي هذا العمل من أضرار تصيب المدنيين العزل". وتابع :"وأما فيما يتعلق بالتحفظ الوارد على البند الخاص برفع الحظر عن التسليح فإن موقف دولة قطر كان واضحاً في اجتماع وزراء الخارجية العرب بتاريخ 15 يناير 2015 من مبدأ عدم تقوية طرف على حساب طرف آخر قبل نهاية الحوار وتشكيل حكومة وحدة وطنية يكون لها الحق بطلب رفع الحظر بالنيابة عن الشعب الليبي الشقيق". رفض خليجي من جانبه رفض أمين عام مجلس التعاون الخليجي، عبد اللطيف بن راشد الزياني، الاتهامات التي وجهتها مصر لقطر بدعم "الإرهاب". وقال الزياني، في بيان له نشر على الصفحة الرسمية للمجلس على "تويتر"، اليوم الخميس، إنه يرفض "الاتهامات التي وجهها مندوب مصر الدائم بجامعة الدول العربية إلى دولة قطر بدعم الإرهاب"، ووصفها بأنها "اتهامات باطلة تجافي الحقيقة". وأوضح أن هذه الاتهامات "تتجاهل الجهود المخلصة التي تبذلها دولة قطر مع شقيقتها دول مجلس التعاون والدول العربية لمكافحة الإرهاب والتطرف على جميع المستويات، ودعم العمل العربي المشترك في كافة المحافل العربية والدولية، وكل ما من شأنه الحفاظ على مصالح الأمة". وأضاف الزياني، في البيان نفسه، أن "مثل هذه التصريحات لا تساعد على ترسيخ التضامن العربي في الوقت الذي تتعرض فيه أوطاننا العربية لتحديات كبيرة تهدد أمنها واستقرارها". وخلال الفترة الأخيرة توترت العلاقات بين مصر وقطر مجددا، بعد تقدم محدود جرى في العلاقات بين البلدين في ديسمبر الماضي، برعاية العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز. وبدأ في 15 فبراير الجاري نظر أولى جلسات محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسي و10 آخرين، من كوادر وأعضاء جماعة الإخوان، في قضية اتهامهم بالتخابر مع دولة قطر عبر "تسريب وإفشاء وثائق ومستندات"، صادرة عن أجهزة سيادية كانت بحوزة مؤسسة الرئاسة، تتعلق بالأمن القومي، والجيش، والتي أجلتها المحكمة إلى جلسة 28 فبراير الجاري. دعم اقتصاد مصر وفي أول رد رسمي على تلك المحاكمة، وصف وزير خارجية قطر خالد العطية اتهام الرئيس المصري المعزول محمد مرسي بالتخابر مع قطر ب"كارثة"، مؤكدا أن بلاده "لا تدعم الإخوان المسلمين" بل تدعم - وما زالت تدعم - مصر، مشيرا إلى أنه حتى اليوم "هناك ودائع قطرية في الاقتصاد المصري". جاء هذا في حوار مع جريدة "الحياة" العربية الدولية، التي تصدر في لندن (مملوكة لسعوديين)، في طبعتها السعودية، خلال مشاركته في الوفد الرسمي الذي رافق أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثان إلى الرياض أول أمس، ونشرته في عددها الصادر اليوم. وفي رده على سؤال بشأن تعليقه على محاكمة الرئيس المصري الأسبق (المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين) محمد مرسي بتهمة التخابر مع قطر، وإفشاء معلومات سرية لها، قال العطية: "لا أستطيع أن أقول شيئاً. إذا كان التعامل مع دول عربية شقيقة يعتبر تخابراً فتلك كارثة". وأكد العطية أن "قطر لا تدعم الإخوان المسلمين، قولاً واحداً"، مشيرا إلى أن بلاده وقفت مع مصر ودعمتها منذ ثورة 25 يناير وأعقبها فترة المجلس العسكري، ودعمتها اقتصاديا حتى تنجح الثورة بكل المقاييس"، بالرغم أنها فترة لم يكن فيها "إخوان مسلمين"، لإيمان بلاده أن قوة مصر ينعكس إيجابيا على الوطن العربي. وقال في الحوار: "الإخوان المسلمون جاؤوا ورشحوا أنفسهم، وفازوا في الانتخابات، لم أكن أنا الذي اخترتهم وليست قطر من اختارتهم، وإنما الشعب المصري من اختارهم، ولما تم الاختيار وعُيّن رئيسا من الإخوان المسلمين تعاملنا مع الحكومة، ومع الرئيس، وأزيدك أيضاً بأنه بعد الإجراءات التي تمت في مصر استمررنا في الدعم، والدليل أننا لغاية اليوم هناك ودائع قطرية في الاقتصاد المصري، وأكثر من هذا، صدَّرنا في ظل حكم الرئيس عبدالفتاح السيسي 5 شحنات عملاقة من الغاز القطري هبةً للشعب المصري، بتوجيه من الأمير". اتهام مصري وانتقد السفير طارق عادل مندوب مصر الدائم لدى الجامعة العربية، مساء الأربعاء دولة قطر لتحفظها على الضربات الجوية المصرية في ليبيا، واتهام الدوحة بدعم الإرهاب والخروج على التوافق العربي، حسب ما تناقلته وسائل إعلام رسمية مصرية. ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية عن عادل قوله إن التحفظ القطري على الضربات الجوية المصرية في ليبيا "يؤكد مرة أخرى خروج قطر عن الإجماع العربي... بات واضحا أن قطر كشفت عن موقفها الداعم للإرهاب". يأتي ذلك عقب انتهاء جلسة لمجلس الجامعة العربية، عبر فيها عن تفهمه الكامل لتوجيه مصر ضربة عسكرية ضد مواقع لتنظيم "داعش" في مدينة "درنة" الليبية، وسط تحفظ قطري، وسبق الاجتماع صمتا رسميا واعتراض دولة واحدة، وتأييد مصر من قبل 6 دول. اختلاف مواقف اختلف هذا الموقف الموحد عقب قيام مصر بضربة جوية إلى معاقل وأهداف لداعش في ليبيا، ففي الوقت الذي أعلنت 6 دول تأييدها للعملية العسكرية المصرية في ليبيا، رفضت دولة وحيدة هذه الخطوة بشكل غير صريح، فيما صمتت باقي الدول العربية عن هذه الخطوة (13 من بين ال22 دولة عربية بخلاف مصر وليبيا)، في الوقت الذي تحدث إعلام هذه الدول ما بين موافقة ورفض. وجاءت الضربة المصرية لمواقع داعش بليبيا، عقب موافقة الحكومة الليبية في طبرق، المعترف بها في جامعة الدول العربية، والاتحاد الإفريقي، والأمم المتحدة، حيث قال رئيس أركان القوات الجوية الليبية، العميد ركن صقر الجروشي، إن تنسيقا ليبيا- مصريا، بشأن تلك الضربات، مشيراً إلى أن "التدخل المصري جاء بناء على طلب من الجانب الليبي". صمت رسمي لم تعلق كل من فلسطين والسودان وسوريا والمغرب وموريتانيا واليمن ولبنان والصومال وجزر القمر وجيبوتي على العملية العسكرية. وعلى الرغم من الصمت الرسمي للسعودية وسلطنة عمان، إلا أن صحف هذه الدول أعلنت تأييدها للعملية. في الوقت الذي صمتت دولة قطر رسميا، إلا أن قناة الجزيرة أظهرت خلال تغطيتها رفضها للعملية. تأييد رسمي أعلن كل من الأردن والعراق والبحرين والإماراتوالكويت، تأييد العملية التي قامت بها مصر في ليبيا. في الوقت الذي قالت تونس إنها "تتفهم موقف مصر للتدخل العسكري في ليبيا". رفض رسمي: (دولة واحدة) لمح وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، إلى معارضة بلاده للضربات الجوية التي نفذها الجيش المصري على الأراضي الليبية، وقال في تصريح له: "أذكر بموقف الجزائر الداعي للحوار واحترام سيادة ليبيا، وتعزيز المؤسسات الليبية بمصالحة وطنية والمدين لكافة أشكال الإرهاب". تطويق حركة قطر وعن الإجراءات المصرية المتوقعة، أوضح طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية في تصريحات صحفية، أن مصر لن تصمت على هذا التصعيد من قبل قطر وسحب سفيرها، وستشهد الفترة القادمة تصعيد اللهجة الدبلوماسية المصرية، وتتغير اللغة الهادئة التي اعتمدت عليها مصر منذ المصالحة التي تزعمها الملك عبد الله بن عبد العزيز- رحمه الله- وبعد وفاته، فلم يحدث أن يتم سحب سفير. وأكد أنه إذا لم تتدخل السعودية للتهدئة ومحاولة تقريب وجهات النظر مرة أخرى، ومحاولة استئناف الملك سلمان بن عبد العزيز، مساعي العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله، يمكن أن تنهار المصالحة. وأضاف مصر ربما تحاصر وتطوق الحركة القطرية من خلال دعم إماراتي مباشر، خاصة وأن الإمارات تنسق مع مصر في العمليات العسكرية بهدف عزل قطر في نطاقها الخليج. رد المصريين وفي المقابل، تصدر هاشتاج مسيء للدولة القطرية، مشاركات المصريين على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر)، وسط اتهامات لقطر بدعم "الإرهاب" وإيواء معارضين للسلطات المصرية. الهاشتاج، الذي حمل اسم "قطر بنت (كلمة مسيئة)"، حمل هجوما على الدولة القطرية، واتهامات لها برعاية "الإرهاب"، وإيواء معارضين للسلطات الحالية من الإخوان وأنصارهم. كما تضمن الهاشتاج، الذي بلغ عدد المشاركين فيه 127 ألف تغريدة حتى ساعة كتابة هذا التقرير، مشاركة من قوى سياسية وشبابية مؤيدة للسلطات. العلاقات المصرية القطرية مَرَّت العلاقات المصرية القطرية بمراحل مِفصَليّة، منذ أن تولى الشيخ حمد بن خليفة آل ثان إمارة قطر فى 27 يونيو 1995. انقسمت العلاقات بين القاهرةوالدوحة إلى مرحلتين، الأولى قبل ثورة 25 يناير، حيث ساد التوتر والشدّ المستمر مع نظام حسنى مبارك حتى وصلت إلى حدّ تجميد العلاقات والزيارات، ثم مرحلة ما بعد الثورة ودعم الدوحة لها منذ اليوم الأول لها وبدأ الاستقرار يُخَيّم على العلاقات بين البلدين. وبلغ التعاون ذروته بعد تولي محمد مرسي الحكم في يونيو 2012، وشهدت هذه الفترة قيام العديد من رجال الأعمال القطريين بشراء أو المشاركة في مشروعات مصرية صغيرة وكبيرة، على نطاق واسع، مما أقلق جهات عدة في مصر. لكن هذه العلاقات، أصيبت بانتكاسة وشهدت توترا في أعقاب قيام الجيش المصري بعزل مرسي إثر مظاهرات حاشدة في 30 يونيو 2013 نزل خلالها ملايين المصريين إلى الشوارع مطالبين بتنحي مرسي. وتوترت العلاقات بسبب ما اعتبرته الحكومة المصرية المؤقتة الجديدة تحريضا وتدخلا في الشأن المصري، واستدعت الخارجية السفير القطري في القاهرة في 4 يناير الماضي، والذي غادر البلاد بعدها. وبعد شهر قامت مصر باستدعاء القائم بالأعمال القطري، بسبب غياب السفير، وطلبت منه نقل رسالة احتجاج للجانب القطري. واعتبر السفير بدر عبد العاطي، المتحدث باسم الخارجية المصرية، أن إرسال رسالة احتجاج مرة ثانية في ظرف شهر، سابقة "لم تحدث في تاريخ العلاقات المصرية-العربية". وفي 5 فبراير 2014 عاد السفير المصري لدى قطر إلى بلاده، دون أن تعلن القاهرة سحبه رسميا. ناشد العاهل السعودي الملك عبد الله بن العزيز مصر دعم اتفاق الرياض التكميلي مع قطر في 19 نوفمبر 2014. رحبت مصر في نفس اليوم بدعوة الملك عبد الله إلى المصالحة ولم الشتات العربي. أعلنت قطر وقف قناة الجزيرة مباشر مصر في 22 ديسمبر 2014، حسبما طالبت به الجهات المصرية. أتهم السفير طارق عادل مندوب مصر الدائم لدى الجامعة العربية دولة قطر بدعم الإرهاب في 18 فبراير 2015 أعلنت قطر سحب سفيرها من القاهرة للتشاور في 19 فبراير 2015. في نفس اليوم رفض مجلس التعاون الخليجي اتهام مصر لقطر أنها داعمة للإرهاب ويقول إن ذلك يجافي الحقيقة