"منهج الإمام في تفسير القرآن الكريم" هو العنوان الذي دارت حوله ندوة المحور الرئيسي بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، وتحدث فيه الدكتور عبد الفتاح عبد الغني العواري والدكتور سالم السكري حول ما قام به محمد عبده من جهود في تفسير القرآن الكريم والأسس التي يجب أن تكون متواجدة في شخصية من يقدم على التفسير. أكد الدكتور عبد الفتاح عبد الغني استاذ التفسير وعلوم القرآن الكريم وعميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر إن اختيار الامام محمد عبده هذا العام كشخصية للمعرض يعد بحق نموذجا نيرا في هذه المرحلة الدقيقة التي ينادى فيها بتطوير الخطاب الديني لانه يمثل في فكره شعاعا كاشفا امام من يضعون خططهم لهذا التطوير باعتباره من كبار المجددين وأبرزهم في العصر الحديث. حيث جاء في فترة زعم فيها البعض أن باب الاجتهاد قد أغلق، وأنه لا أمل في التجديد واقتصر الباحثون على التقليد للسابقين ويأتي التالي فينقل عن السابق ولا يتجرأ شخص على نقد ماينقله أو يزيد فهما للناس لهداية القران الكريم والذي جعله الله شفاء لنا من كافة أمراضنا النفسية والجسمانية. واستعرض عبد الغني سيرة حياة الإمام وعلاقته بأستاذه جمال الدين الأفغاني، وسفره إلى الغرب ومنهجه الذي يقوم على الاعتدال والوسطية ومدى جهده في عملية تفسير القرآن الكريم . تابع: الامام له منهج في فهم النصوص الشرعية فالناظر فيما تركه من تراث فكري يراه قد تبنى مركزا وسطا بين الإفراط والتفريط، والملائمة بين التراث والتجديد والتقريب بين الأصالة والمعاصرة ومواجهة تيار التغريب، وكان يعرف أنهم يقصدون إبعاد أصالة الأمة وذوبانها حتى تصبح ممسوخة شوهاء. واجه الإمام أنصار الأفكار المتشددة التي عرفت بالجمود والتقليد، وبدأ يحث طلابه على التفكير واحترام العقل وإصلاح أساليب اللغة ويرد على هؤلاء الذين يروجون لفكر السلطة الدينية، قائلا ليس في الاسلام سلطة دينية والخليفة في الإسلام حاكم مدني سواء أتى بطريقة البيعة او الاقتراع المباشر وهو الانتخاب . وأوضح: تأملوا حين سئل الإمام عن قضية الفن؛ قال أن الشريعة الإسلامية أبعد من أن تحرم وسيلة من أفضل وسائل العلم، بعد التحقق أن هذا الفن لا خطر فيه على الدين لا من جهة العقيدة أو العمل. واستطرد: يلوم الامام على المفسرين من غفلوا عن الهدف الذي من أجله انزل القرآن، والإكثار من أمور يخرج بالكثيرين من الكتاب الالهي ولهذا يراه قد قسم التفسير قسمين احدهما تفسير جاف مبعد عن الله وهدايات الكتاب، وهو ما يقصد به تعريف الألفاظ وإعراب الجمل قال هذا لا ينبغي أن يسمى تفسير، بل در ب من التدرب في الفنون المتنوعة كالنحو وعلم الاشتقاق. ثانيهما: ذهاب المفسر وبيان حكمة التشريع على الوجه الذي يجذب الأرواح ليتحقق فيه معنى قوله "هدى ورحمة" وهذا هو القول الذي أرمي إليه في معنى التفسير. وأوضح عبد الغني: من المتشددين من يتهم الأزهر أنه ميّع الشرعية مجاملة للحداثيين، وأقول: الأزهر هو حامي الشريعة المدافع عنها؛ وسيظل الأزهر يربي أبنائه على هذا الفكر النير جامع بين الأصالة والتجديد. وأشار عميد أصول الدين، إلى أن الخليفة فى الإسلام حاكم مدنى سواء أتى بطريق البيعة من أهل الحل والعقد الممثلين للشعب أو عن طريق الإنتخاب من عامة الشعب، منوها أن الإمام محمد عبده كانت له نظرة فى الإصلاح التعليميى والإصلاح التربوى والإهتمام بحقوق المراة. أما الدكتور سالم السكري فأكد أنه بالرغم من قلة هذه الآيات التي فسرها الإمام، إلا أن له دورا بالغا وفعالا في تفسير كتاب الله، قائلًا:"ما تركه الإمام قليل ولكنه كثير المعاني والدلالات، وقد تأثر به الكثير من الأئمة، من بينهم محمد رشيد رضا، والذي كان يشير في كتاباته عن فضل الإمام عليه". وعن آخر الدراسات، قال السكري إن آخر دراسة تناولت محمد عبده كانت ل (عبدالله عبدالرحيم) في كتاب (الإمام محمد عبده ومنهجه في التفسير)، حيث وضع تفسيره خلال سطور (الوحدة الموضوعية في التفسير)، والتي يفسر من خلالها وحدة الموضوع وعلاقته بفهم القرآن، وفهمه لوقائع الحياة ونظريات العلم الحديث. التفسير له تعريفات كثيرة تدور حول بيان معاني كلام الله تعالى بقدر الطاقة البشرية، والتفسير هدفه إظهار إعجاز القرآن الكريم وهداياته وارشاداته، وهذا الهدف هو الذي جعل الإمام محمد عبده نصب عينيه حين كان يفسر كلام الله سبحانه وتعالى. والتفسير التحليلي تقوم بتدريسه في الجامعات، أما التفسير الذي تبناه الامام فيغلب عليه الجانب الموضوعي الاجتماعي فهو الذي يذهب إليه أو نحتاج إليه في التفسير الذي يراد إذاعته على الناس. وهذا التفسير يربط الايات القرآنية بأحوال الله فنوصل للناس الرسالة التي يهدف إليها القران الكريم.. وهناك أدعياء على العلم يتجرأون على كتاب الله سبحانه وتعالى يجلس أحدهم في مسجد ويفسر كتاب الله، وليس لديه من الأدوات والعلوم ما يمكنه من التفسير وبين الله تعالى أنه من الكبائر أن يقول المرء على الله ما لم يعلم.