في مثل هذا اليوم من عام 1882 صدر أول دستور مصري، حل محل دستور 1879، كمحاولة من الخديوي توفيق للحصول على استقلال ذاتي وجعل الحكم في مصر قائم على أسس أهمها رقابة مجلس النواب على الحكومة، وهو ما يجعله قريبا نسبيا من النموذج الدستوري لدولة القانون. وما بين دستور 1882 ودستور 2014 أكثر من 130 عاما، مرت فيها مصر بالعديد من التغيرات السياسية التي أثرت بالسلب أحيانا، وبالإيجاب في أحيان أخرى، وكانت دساتير مصر طيلة هذه الفترة هدفها الإصلاحات السياسية والاجتماعية، واتسم بعضها بمواد قانونية كانت تحصن الحاكم ضد أي مساءلة. دستور 1879 أُعد دستور 1879 في فترة أزمة خلع الخديوي إسماعيل من حكم مصر، وعرض على مجلس النواب وكان المجلس بمثابة جمعية تأسيسية أصدرت هذا الدستور. وبمقتضى هذا الدستور أصبح التشريع من حق مجلس النواب فلا يصدر قانون إلا بموافقته، وكان الدستور يتكون من 49 مادة. دستور 1882 جاء دستور 1882 تنفيذا لمطالب ثورة أحمد عرابي، وعرف محمد باشا شريف بسبب ذلك ب" أبو الدستور المصري"، وكان تمهيداً لانفصال مصر عن الدولة العثمانية، وأن تكون دولة كمستقلة. وتبنى دستور 1882 وقتها "الرقابة والتشريع"، وأهم ما تضمنه إيجاد مجلس للنواب وبيان العلاقة بينه وبين الحكومة (مجلس النظّار أو الوزراء). أما عن عيوبه فكان أهمها تمكين الحاكم من السلطة المطلقة إذ أنه سيحكم باسم الأمة (الشخص المجرد المستقل في وجوده عن أفراد الشعب والمواطنين) والحاكم باعتباره ممثلا لصاحب السيادة الكاملة ستكون له كل السلطات دون حدود ولا رقيب ولا مسؤولية مما فتح بابا كبيرا للظلم وعدم احترام الحقوق والحريات، فجمع الخديوي توفيق في يده كل السلطات. دستور 1923 كان سعد زغلول زعيم حزب الوفد هو من طالب بإعادة وضع دستور جديد للبلاد، يحدّ من صلاحيات الملك ويمنح الشعب السلطة الكبرى، فصدر دستور العام 1923، لينص على أن حكومة مصر ملكية وراثية وشكلها نيابي. وقامت بوضعه لجنة مكونة من ثلاثين عضواً ضمت ممثلين عن الأحزاب السياسية والزعامات الشعبية وقادة الحركة الوطنية وقد ترأس تلك اللجنة عبد الخالق ثروت. وكانت مبادئه الرئيسية: جميع سلطات البلاد مصدرها الأمة أي الشعب، والملك يملك ولا يحكم، والسلطات التنفيذية للملك ولكنه يباشرها بواسطة الوزارة. وظل دستور 1923 معمولاً به حتى تم إلغاؤه في الثاني والعشرين من أكتوبر تشرين الأول من العام 1930. دستور 1930 تم تحت رعاية الملك فؤاد الأول وإسماعيل باشا صدقي رئيس الوزراء وأعطى صلاحيات كبيرة للملك منها حل البرلمان بمجلسيه النواب والشيوخ مما يجعله يملك ويحكم على عكس دستور 23 الذي كان فيه الملك يملك ولا يحكم. واتفق حزبا الوفد والأحرار الدستوريين وقتها على عدم الاعتراف بدستور1930 ومقاطعة الانتخابات التي تجري في ظله. واشتد الاحتجاج على المستويين الشعبي والسياسي، وبلغ ذروته في العام 1934 عندما رهن محمد توفيق نسيم موافقته على تشكيل حكومة جديدة بإعادة العمل بدستور 1923، وهو ما حدث بموجب الأمر الملكي رقم 118 في 12 ديسمبر 1935. دستور 1954 أول دستور تشهده مصر كجمهورية بعد قيام ثورة يوليو 1952؛ وشكلت لجنة مكونة من خمسين شخص من أبرز الشخصيات السياسية والثقافية والقضائية والعسكرية تحت قيادة رئيس الوزراء ‘'على ماهر'' وبعضوية الفقيه الدستوري ‘'عبد الرزاق السنهوري'‘. وعندما قدِمت المسودة الخاصة به في سنة 1954 إلى مجلس قيادة الثورة تم تجاهلها وأُهمِلَت تماما. أهم مميزاته نصوصه التحررية التي تكفل للمصريين الكثير من الحقوق، والواجبات التي تجمع بين الحقوق السياسية والاجتماعية، وبين الديمقراطية والعدل الاجتماعي. دستور 1971 أعد دستور 1971 لجنة مكونة من 80 فردا عينهم مجلس الشعب من بين أعضائه وغيرهم من ذوي الخبرة، وذلك بناء على طلب قدمه للمجلس أنور السادات بصفته رئيسا للجمهورية. تعديلات دستور 1971 تم تعديل دستور 1971 أكثر من مرة، كانت الأولى منها عاما 1980، بقرار من مجلس الشعب في جلسته المنعقدة بتاريخ 20 أبريل، وتم خلاله توسيع نطاق المادة الثانية من الدستور لتصبح مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع. وفي عام 2005 عدل دستور 1971 مرة أخرى لينظم اختيار رئيس الجمهورية بانتخابات مباشرة، وشمل تعديلات للمادة 76 والتي جرت على إثرها أول انتخابات رئاسية في مصر. وفي عام 2007، جرى استفتاء بموجبه عدل الدستور مرة أخرى، وشملت التعديلات حذف الإشارات إلى النظام الاشتراكي للدولة، ووضع الأساس الدستوري لقانون الإرهاب المادة 179. ثورة يناير والإعلان الدستوري 2011 في 25 يناير 2011 قام المصريون بثورة، أعقبها تخلي الرئيس الأسبق حسني مبارك عن الحكم، وكلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شؤون البلاد، وكلف المجلس لجنة للقيام ببعض التعديلات الدستورية، تم عرضها للاستفتاء على الشعب في 19 مارس 2011. وبعدها أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة في 30 مارس 2011 إعلاناً دستوريا من 63 مادة اشتمل على أغلب التعديلات التي تم إقرارها في الاستفتاء بالإضافة إلي بعض المواد الأخرى. تعطيل دستور 1971 وتشكلت الجمعية التأسيسية للدستور بموجب الإعلان الدستوري، الذي صدر بعد استفتاء شعبي في مارس 2011 تعطل على أساسه العمل بدستور 1971 بسقوط نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك. ونص الإعلان الدستوري علي أن يقوم أعضاء مجلسي الشعب والشورى المنتخبين بانتخاب أعضاء جمعية تأسيسية من 100 عضو لكتابة دستور جديد في غضون ستة أشهر من تاريخ تشكيلها. ويعرض مشروع الدستور خلال 15 يوما من إعداده على الشعب للاستفتاء ويعمل به من تاريخ إعلان موافقة الشعب عليه. دستور 2012 بناء على الإعلان الدستوري في مارس 2012، فإن الجمعية التأسيسية هي الهيئة المنوط بها إعداد دستور جديد لجمهورية مصر العربية، وقد نصت التعديلات الدستورية التي تمت في مارس 2011 علي أن يقوم البرلمان المنتخب باختيار أعضاء هذه الجمعية لوضع الدستور الجديد. كما نصت على أن يبدأ العمل على صياغة دستور جديد لمصر، بعد انتهاء الانتخابات البرلمانية والرئاسية الأولى في مصر بعد الثورة. وقام حوار استمر لمدة ستة أشهر حول مشروع دستور مصر الجديد "مشروع دستور مصر 2012" بعد انتخابات الرئاسة المصرية في 2012. و تباينت ردود فعل الشارع المصري بين مؤيد ومعارض للمسودة النهائية لمشروع الدستور الجديد، الذي أقرته الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور، حيث انتقدتها قوى المعارضة، ومن ثم تم استفتاء الشعب المصري في استفتاء عام علي مرحلتين يومي 15 و 22 ديسمبر 2012 علي الدستور الجديد لمصر "دستور 2012، وفي 25 ديسمبر 2012 تم إقراره بموافقة نحو 64 % واعتراض 36 % من الذين ذهبوا للجان الاقتراع (32.9%). دستور 2014 وفي 30 يونيو 2013 قامت ثورة أخرى ضد حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي، على أثرها عطل العمل بدستور 2012. وشكلت لجنة من 10 خبراء قانونيين لتعديل دستور 2012، أنهت لجنة العشرة عملها في 20 أغسطس 2013. وفي المرحلة الثانية أجريت تعديلات قامت بها لجنة من 50 شخصًا، أُعلنت أسمائهم في 1 سبتمبر 2013، واختير عمرو موسى رئيسًا للجنة الخمسين في 8 سبتمبر 2013. وتضمنت المسودة النهائية للدستور عدة أمور مستحدثة منها منع إنشاء الأحزاب على أساس ديني، وقُدمت المسودة النهائية للرئيس المؤقت عدلي منصور في 3 ديسمبر 2013، لتعرض على الشعب المصري للاستفتاء عليها يومي 14،15 يناير 2014. وشارك في الاستفتاء 38.6% من المسموح لهم بالتصويت، وأيد الدستور منهم 98.1% بينما رفضه 1.9% وذلك وفقًا للجنة المنظمة للاستفتاء.