هو أحد أكبر المساهمين في السينما المصرية سواء بالتوزيع أو الإنتاج.. محمد حسن رمزي، الذي رحل يوم الثلاثاء الماضي بعد صراع قصير مع مرض السرطان. قدم عددا كبيرا من الأفلام كان أهمها فيلم "العاطفة والجسد"، "غرام الأفاعي"، وفيلم "الجزيرة"، الذي حصل في جزءه الثاني على أعلى إيرادات السينما المصرية خلال الموسم الماضي. أيضا فيلم "الديلر" الذي حقق نجاحا كبيرا في السينما؛ حيث أهتم رمزي بإنتاج أفلام تواجه مشاكل مجتمعية في قصص غير مستهلكة، تعالج بشكل درامي جيد يمنحها الثقل من خلال الصراع الدرامي الذي تتصاعد أحداثه بعرض القضية وإبرازها من جميع جوانبها لمعالجتها مجتمعيا. وتناول "الديلر" موضوع الخيانة والغيرة التي تنشب بين الأطفال وتولد كراهية تظل في قلوبهم حتى الكبر، ويحكي الفيلم عن "علي" و"يوسف" اللذان يحبان "سماح" منذ الطفولة، ويكرة كل منهما الآخر، ويسافر "علي" بعد أن يتسبب في سجن يوسف ويتزوج حبيبته، ويلتقيا في الخارج بعد سفر يوسف بعدما يخرج من السجن ويتاجر في المخدرات، ويخطف علي ابنه من زوجته ويحوال يوسف أن يرجعه لها وفي المواجهة بينهما يقتل "علي" بعد أن تتبدل مشاعرهم من جديد وتتغير الأحداث ويشتركا في الدفاع عن الطفل والحفاظ على حياته. أما فيلم "الجزيرة" –إنتاج 2007 - فهو مأخوذ من قصة حقيقية، تناولت أشهر وأغرب قضية لتجار المخدرات التي واجهتها مصر، بعد اكتشاف تاجر للمخدرات يزرع المخدرات في جزيرة ليتاجر بها ويصبح من أكبر تجار المخدرات في مصر وهو "منصور حنفي"، وتناول الفيلم القضية من جانب إنساني حيث أظهر نشأة تاجر المخدرات وحبه الشديد لإحدى بنات الجزيرة التي منعه والده من الزواج بها من أجل المصالح فيدوس على قلبه ويتزوج بأخرى، وتتوالى الأحداث في إطار تشويقي ورومانسي يبرز تفاصيل الشخصية الحقيقية لتاجر المخدرات. وهذا الفيلم حقق نجاحا كبيرا في السينما المصرية خلال السنوات الأخيرة مما دفعهم لإنتاج الجزء الثاني منه والذي حقق أعلى الإيرادات نهاية عام 2014، والتفكير في إنتاج الجزء الثالث منه. بداية الإنتاج بدأ محمد حسن رمزي طريقه في إنتاج الأفلام عام 1970، عندما انتج فيلم "العاطفة والجسد" بطولة نجلاء فتحي ومحمود ياسين، وكان من أنجح الأفلام، وكان رمزي يبلغ من العمر وقتها 16 عاما، ثم توقف عن الإنتاج متخوفا منه على الرغم من أنه نشأ في أسرة فنية، فأبوه هو المخرج والمنتج حسن رمزي الذي أنشأ غرفة صناعة السينما ورأسها، وفي عام 1977 توفى والده واتجه رمزي إلى التوزيع؛ حيث قام بتوزيع أفلام هامة في السينما المصرية منها "الصرخة"، "الليالي الدافئة"، "الليمبي 8 جيجا"، "كل هذا الحب"، و"مسجون ترانزيت"، وفي عام 1996 عاد رمزي للإنتاج مرة أخرى بعدما أنشأ شركة "النصر للإنتاج الفني"، كما قام بعمل شراكة مع شركتي "أوسكار" و"الماسة" وقاموا بتوزيع العديد من الأفلام. وأنتج رمزي في عام 2004 فيلم "شباب تيك أواي" بطولة الفنان أحمد عز ومنة شلبي، والذي كان يواجه فيه ظاهرة العلاقات السريعة بين الشباب والتي دوما ما تنتهي نهاية مأساوية تظهر كل الأشخاص على حقيقتها عندما يضعوا في اختبار حقيقي للعلاقة بينهما، والتي ينتج عنها وجود حمل لطفل لا يعترف الأب به، وتتوالى الأحداث في إطار درامي شيق. ومن بعدها أنتج فيلم "عجميستا" و"الجزيرة" في عام واحد "2007" وحققا نجاحا ملحوظا، ومن بعدها فيلم "شبه منحرف" عام 2008، ثم "الديلر" في 2010، وجاري إنتاج فيلم "بنات في الجيش" و"نمس بوند2". وبدأ محمد حسن رمزي كممثل في سن السادسة من عمره، لكنه لم يستمر في مجال التمثيل، وقرر أن يكون موزعا، وكانت البداية في فيلم "المرأة المجهولة" عندما رفض إنتاج الفيلم واتفق على توزيعه عام 1959 في ظل والده. أما عن شراكته مع شركتي "الماسة" التي يمتلكها المنتج هشام عبدالخالق، و"أوسكار" التي يمتلكها المنتج وائل عبدالله، سواء في الإنتاج أو التوزيع، فقد عملت في السنوات الأخيرة على ما سماه البعض احتكار السينما المصرية، واعتبره أغلب صناع السينما هو الضرر الأكبر والضربة القاضية التي لحقت بالسينما المصرية في سنواتها الأخيرة، وهوت بها من مجدها وعصرها الذهبي إلى سينما مقاولات في البداية، ثم سينما تجارية يستفيد منها فئة قليلة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، فبرغم وقوفهم خلف جيل من شباب الفنانين يعتبر بمثابة دماء جديدة تم ضخها إلى شرايين السينما المصرية، إلا أن البعض اتهمهم باللجوء إلى أجيال جديدة من الفنانين بهدف تقليل ميزانيات الإنتاج وليس حبا في هؤلاء الشباب أو اعتراف بموهبتهم، ورغم محاولات بعض المنتجين من صناع السينما من إنتاج موضوعات جادة إلا أنه كان يتم رفضها من قبل موزعي الأفلام بحجة أنها لن تروق الجمهور "الجمهور مش عايز كدة"، بعبارة أوضح قاد سوق التوزيع الذي يمتلكه أربعة أو خمسة من الموزعين الذوق العام لإنتاج الأفلام، وبالتالي ثقافة وهوية المجتمع في العشرين عام الماضية إلى حافة الهاوية؛ حيث أن شركتهم هي التي كانت تقوم بتوزيع الأفلام على السينمات التي يمتلكوها أو يديروها لحساب الغير، فلم يتم عرض أي فيلم سينمائي إلا من خلالهم، ومن المعروف في مجال السينما أن توزيع الأفلام أهم من إنتاجها؛ فليس بالسهولة أن يحصل فيلم جاد على إنتاج دون إيجاد موزع، والذي يعد بدوره حلقة الوصل بين العمل الفني والجمهور؛ حيث يتم إنتاج العمل في الأساس من أجل مشاهدته وعرضه على الجمهور؛ ولذلك احتل الموزع والمنتج محمد حسن رمزي مكانة كبيرة جدا في السينما المصرية خلال سنوات حياته، وبالأخص بعد وفاة والده وخوضه مجال التوزيع ثم الإنتاج، ورئاسته لغرفة صناعة السينما خلفا للمنتج منيب شافعي. مواقف تحسب له ولرمزي مواقف جادة وجريئة حسبت له في المجال السينمائي، وهي مناهضته لقرصنة الأفلام سواء الرقمية أو الفضائية، فهو أول من نادى بحماية الأفلام من قرصنتها على شبكة الإنترنت أو الفضائيات التي تبيح لنفسها سرقة حق عرض الأفلام والتي في أحيان كثيرة تكون مازالت موجودة في دور العرض السينمائي؛ ليتكبد منتجين الأفلام السينمائية خسارات فادحة بسببها؛ ولذلك سافر رمزي مع منتجين آخرين في السنوات الأخيرة إلى فرنسا على نفقتهم الخاصة للتفاوض مع شركة "يوتل سات" للأقمار الصناعية لمنع قرصنة الأفلام الصرية، كما سافر أيضا إلى الأردن نهاية العام الماضي 2014 لتكوين تحالف لمحاولة القضاء على القرصنة. كما كانت هناك محاولات له حتى تخضع الدراما التليفزيونية لسلطة غرفة صناعة السينما ليتغير مسمى الغرفة إلى "غرفة صناعة السينما والفيديو" حتى يتم السيطرة عليها وتقنينها. وفي شهادة عن رمزي ل"محيط" قال المنتج محسن علم الدين ، أن المنتج محمد حسن رمزي كان منتج جيد جدا، أفلامه كلها على مستوى، آخرهم فيلم "الجزيرة1" و"الجزيرة2"، كما أنه موزع كفء وزع أكثر من مائة فيلم، وتبنى قضية مهمة في الفترة الأخيرة وهي قرصنة الأفلام مع توليه رئاسة غرفة صناعة السينما والتي كان له دورا فعالا فيها مع اتحاد المنتجين، وسافر إلى باريس وعقد مؤتمرا في الأردن وكافح فيها كفاحا مريرا "خسرنا شخصية سينمائية عظيمة وعلى المستوى الإنساني أكثر من عظيمة، على خلق، ظل بقرب زملاءه وأهله طوال حياته، وفي صادق مع نفسه، مؤمن جدا، رحمه الله". ومحمد حسن رمزي ولد عام 1954 وتخرج في كلية التجارة. وهو شقيق الفنانة المعتزلة "هدى رمزي" ووالد الممثل الشاب "شريف رمزي" و"صلاح رمزي" من زوجته ليلى صلاح ذو الفقار، و"شهد" من زوجته الثانية المنتجة نهاد رمزي، والتي توفيت في أغسطس الماضي. وأصيب رمزي بسرطان الرئة قبل وفاته بثمان شهور وبعد تدهور قصير وقضاء أسبوعين في العناية المركزة بإحدى مستشفيات القاهرة، سافر إلى لندن لمتابعة حالته الصحية مع ابنه صلاح حيث توفي هناك في الثالث عشر من يناير 2015 عن عمر يناهز 58 عاما.