صدرت مؤخرًا عن دار صفصافة للنشر، الترجمة العربية لكتاب "المثقفون والجنس والثورة.. عاهرات وعُزّاب في القرن التاسع عشر" للكاتبة الفرنسية لورا كاتسارو، وترجمة محمد عبد الفتاح السباعي. يتحدث الكتاب عن طريقة حياة المثقفين وعلاقاتهم النسائية في القرن التاسع عشر، حيث تصف الكاتبة الشباب العازب المتأنق الباحث عن المُتعة، وطريقة العاهرات في اصطياد زبائنهن. كيف عاش هؤلاء وفي أي من صفحات الأدب والتاريخ سكنوا؟ هذا ما تكشفه لنا "لور كاتسارو" من خلال صفحات كتابها، بالغوص في حياة أدباء وشعراء احتلوا مكانة عظيمة في التاريخ الإنساني، مثل بلزاك، وبودلير، وفلوبير، وسارتر، وستندال. جاء على خلفية الكتاب "فالعازب الثري هو شخص جمالي يكرس وقته للتأمل ولاقتناء الجمال والبحث عنه، ذلك الجمال الذي يجب أن يكون مبالغًا فيه ومقلقًا في الوقت ذاته، جمال لا تجسده فينوس إله الجمال عند الإغريق ولا لوحات كلاسيكية ولكنه يتجسد في فتيات الشوارع القابلات للاشتعال. على غرار الفتى المتأنق، فإن فتاة المتعة تفرض طريقتها الخاصة خارج نطاق الشرائع البرجوازية بمظهر شاذ غريب الأطوار يتناقض كل التناقض مع رتابة الملابس السوداء الاعتيادية والفساتين الرقيقة. وفي مقالته الشهيرة "رسام الحياة الحديثة"، يؤكد الشاعر "شارل بودلير" أن العاهرة تعرف كيف تصنع من جسدها مادة فنية مستفزة وبربرية: مشيتها وملابسها ومكياجها الذي يكتسب طبيعة خاصة بنظرات عينيها ويمنحها شغفًا مضاعفًا من الآخرين، فهي تمشي وتتزلج وترقص وتلتلف بتنورتها المطرزة التي تعد بمثابة قاعدة تمثال تمنحها الثقة والتوازن، وتوزع السهام الصادرة من نظرات عينيها من أسفل القبعة التي ترتديها، فهي تمثل بامتياز الهجمية في الحضارة، فصورتها تبرز على خلفية فيض من الألوان الصاخبة كالأحمر والبرتقالي والروز والبنفسج".