أكد علماء الأزهر أن الماء نعمة كبرى، ومنة عظمى، عليها تقوم الحياة، وهو أساس الحضارة والرقي وعماد الاقتصاد، ومن أهم مصادر الرخاء وأصل النماء، فالماء أغلى ما تمتلك الإنسانية، يقول الله تعالى: {...وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} ، مضيفين أن المحافظة على المياه واجب شرعي ووطني وإلقاء القاذورات والمخلفات في النيل والترع ومجاري المياه إثم مبين، وأما الإسراف في استخدام المياه لغير حاجة ضرورية فدليل على انعدام التقوى ومراقبة الله تعالى. وفي هذا السياق قال الدكتور عبد الفتاح عبد الغني عميد كلية أصول الدين والدعوة بالقاهرة إن نعمة الماء ومكانتها في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة مبينا أن الله تعالى تارة يسمي النازل من السماء ماءً وتارة يسميه رزقًا ليعلم العباد أن هذا الماء النازل من السماء يحمل الخير والبركة والنماء والبهجة، فالأرض ميتة والماء حياتها، يقول الله تعالى: {وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ} ، والأرض هامدة يابسة مقحلة حتى إذا نزل عليها الماء تحركت بالنبات وصارت مبهجة. كما بيّن الدكتور عبد المنعم فؤاد عميد كلية العلوم الإسلامية أن الماء هو العنصر الأهم في حياة الأحياء، فالخلايا الإنسانية والحيوانية والنباتية تحتوي على كميات كبيرة من الماء ، وإن نقصان هذه الكمية إلى حدود حرجة يعني الجفاف والموت، فالماء يشكل 90% من وزن بعض الكائنات الحية، أما الإنسان فيشكل الماء حوالي 71% من وزنه، وهي تقريبًا نفس نسبة الماء في الكرة الأرضية، فسبحان من هذا خلقه ، إنه الماء جعله الله تعالى وسيلة لحسن الثواب في الدنيا فقال: {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا } [الجن: 16 ومما يدل على العناية الإلهية بالماء أنْ ذَكرَهُ الله تعالى في القرآن الكريم في مواضع كثيرة بلغت ثلاثة وستين موضعًا. كما أوضح الدكتور حمال فاروق الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف أن كثيراً من الناس يخالفون هدي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حين يسرفون في استخدام الماء حتى في الوضوء أو الاغتسال مخالفة كبيرة، فقد كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يتوضأ بمُدّ، ويغتسل بصاع، فعن أنس (رضي الله عنه) قال: "كَانَ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وسلم) يَغْسِلُ – أَوْ كَانَ يَغْتَسِلُ – بِالصَّاعِ إِلَى خَمْسَةِ أَمْدَادٍ وَيَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ "، وكَانَ عند جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ (رضي الله عنهما) قَوْمٌ فَسَأَلُوهُ عَنِ الْغُسْلِ فَقَالَ:"يَكْفِيكَ صَاعٌ، فَقَالَ رَجُلٌ مَا يَكْفِينِي، فَقَالَ جَابِرٌ: كَانَ يَكْفِي مَنْ هُوَ أَوْفَى مِنْكَ شَعَرًا وَخَيْرٌ مِنْكَ.