منذ فجر التاريخ ويُعرف عن المصريين القدماء وفائهم للنيل الذى إشترك معهم فى صنع أضخم حضارة عرفها البشرية ، لذا كان يعُرف عن المصريين القدماء تقديمهم عروس للنيل كل عام تعبيراً عن الوفاء له . ولكن هل عروس النيل حقيقة أم مجرد خرافة تم تداولها عن قدمائنا المصريين ، هذا ما أوضحه مختار السويفى فى كتابه (مصر والنيل) ، حيث جاء به كيفية العلاقة القوية بين المصريين القدماء ونهر النيل وإقامة الإحتفالات والأعياد له وإنشادهم للنيل العديد من القصائد والأغانى للتعبير عن وفائهم له . ويوضح الكتاب ( مصر والنيل ) أن من أقدم الأعياد وأهمها وفاء النيل الذى تناقلته الأجيال مثل الأساطير وأُشيعت حوله الخرافات عن علاقة المصريين بالنيل وأنهم كانوا يلقون إليه كل عام بعروس بكر جميلة ، مزدانة بأفخر الحلى والثياب . وكانوا يزفونها إليه بإلقائها حية فى اليم ، لتبتلعها مياه النهر، وليأخذها النهر فى أحضانه، وكانت هذه المراسم تتم على دقات الطبول وإنشاد الأغانى وكل مظاهر الابتهاج والفرح .. وأشار مختار السويفى فى كتابه (مصر والنيل) أن المسئول عن خرافة عروس النيل هو أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الحكم المؤرخ العربىالذى كتب فى كتابه (فتوح مصر و المغرب) : لما فتح عمرو بن العاص مصر أتى أهلها إلى عمرو حين دخل شهر بؤنه، فقالوا له أيها الأمير إن لنيلنا هذا سنة لا يجرى إلا بها .. إنه كلما جاءت الليلة الثاية عشرة من هذا الشهر عمدنا إلى جارية بكر جعلنا عليها من الحلى والثياب ثم ألقيناها فى النيل .. ويقول مختار السويفى : أن تلك الأكذوبة الذى نقلها أبا الحكم عن عروس النيل ظلت تتناقل على مدى أكثر من ألف عام ، لدرجة أن أحمد شوقى قد ذكرها فى قصيدته (النيل ) : "فى كل عام درة تهدى إليك وحرة لا تُصدق". وذكر مختار السويفىفى كتابه (مصر والنيل ) بعض الدلائل على كذب خرافة عروس النيل وهى : *أنه قبل كتابة أبا الحكم هذه الحكاية بنحو 1300 عام قام عديد من المؤرخين اليونانيين والرومان بزيارة مصر والكتابة عنها وحكى كل ماشاهدوه بها من حياة المصريين وعاداتهم وطرق معيشتهم وحبهم لنهر النيل ولم يذكروا أبدا وجود عروس تُزف للنيل .. *كتب أبا الحكم هذه الحكاية بعد فتح مصر بنحو 230 عاماً أى انه كان غير معاصر للحكاية وأن احد المخرفين رواها له . *عندما دخل الإسلام مصر كان أهلها يعتنقون المسيحية اى ديانة سماوية تمنع تلك الخرافات والعادات حيث أن الأديان السماوية تمنع تقديم ضحية بشرية كقربان لله . *لم يعرف عن المصريين القدماء أنهم كانوا يقدمون ضحية بشرية لأى إله أو معبود مهما علا شأنه . واشار مختار السويفى ان تعبير عروس النيل ليس حقيقة أنه كان يُقدم للنيل عروساً بشرياً ولكن كان مجازياً يعنى أن عروس النيل هى مصر نفسها هى الأرض المصرية فى وادى النيل وتم تناقله فى الحواديت الشعبية.