قبائل " الشيلوك " و " الدنكا " يقفون ساعات طويلة على قدم واحدة كاللقلق الدلتا اسم إغريقى .. و الأهرامات كانت تطل على النيل عروس النيل هي مصر .. ومينا ليس موحد القطرين! حجارة الأهرامات تكفى لعمل سور يحيط بفرنسا كلها "تسيسات" أعنف الشلالات فى العالم ..و منطقة السدود بحجم انجلترا الحمامات الشعبية استخدمت ورق المخطوطات لتسخين المياه مسلتى كليوباترا على ضفاف التيميز و نيويورك وفاء النيل أقدم أعياد الأرض ..العثمانيون سرقوه.. و الحملة الفرنسية حولته لخمر و نساء سياحة عبر الزمان و المكان نعيشها مع كتاب " مصر و النيل " فى أربعة كتب عالمية ،و مع وجود الكثير من الكتب العالمية التى وضعت عن مصر و تاريخها ، و لكنها مازالت مجهولة للقارئ المصرى ، هذة الكتب المتاحة لكل القراء فى مختلف بلاد العالم إلا المصريين ، اختار منها " مختار السويفى " أربعة كتب ، لنعيش فيها مع مصر التاريخ و الحضارة . و رحلتنا اليوم مع كتاب " النيل .. النهر و الناس " لبارتون ورثنجتون ، و الذى يستعرض فيه ، رحلة 54 مليون سنة التقى فيها مجرى النيل الأزرق هابطا من مرتفعات الحبشة إلى سهول السودان ، بالنيل الأبيض القادم فى بطء و جلال عبر رحلة طويلة من منطقة البحيرات بوسط أفريقيا ليتحدا فى نيل واحد " نهر النيل " . يتميز نهر النيل عن غيره من الأنهار بالأسماك النيلية التى ليس لها مثيل فى أى نهر بالعالم ، كسمك الفرخ النيلى الذى يتضخم حتى يزن نحو 136 كيلو جرام ، و سمك النمر النيلى المعروف بأسنانه الحادة المتوحشة . " دلتا " هو الاسم الذى أطلقه الإغريق على دلتا نهر النيل ، لأنها تشبه الحرف الرابع فى أبجديتهم حرف " الدال " و يكتب على شكل مثلث ، و هذة الدلتا كانت فى الأصل خليجا بحريا قام النيل بردمه بما رسبه من بلايين الأطنان من الطمى عبر ملايين السنين ، و الدلتا كانت لها 9 فروع تقلصت لسبعة ثم خمسة فثلاثة ، ثم لم يتبقى سوى اثنان هما رشيد و دمياط . و فى أقاصى الجنوب سنجد " الشيلوك " و" الدنكا " و هم شعوب نيلية يعيشون على صيد السمك و الرعى ، و أعجب ما فيهم أن الراعى يقف لساعات طويلة على ساق واحدة مستندا إلى رمحه ، كطائر اللقلق . و يقول ورثنجتون أن الأهرامات كانت تطل من قرون طويلة على نهر النيل ، ووقت الفيضان كانت تصل المياه إلى حافة هضبة منف التى أقيمت فوقها الأهرام ، و يقول المؤلف أن وزن الأحجار التى استخدمت فى بناء الأهرام 6 مليون طن ، و قال علماء الحلمة الفرنسية أن الأحجار التى استخدمت فى بناء الأهرامات الثلاثة تكفى وحدها لعمل سورى حجرى ارتفاعه عشرة أمتار و يحيط بفرنسا كلها . "أما تسيسات "فهو أعنف الشلالات فى العالم و يقع عند حافة بحيرة " تانا " التى يتدفق منها النيل الأزرق ، و أكثر منطقة تهدر فيها مياه النيل هى " منطقة السدود "، و برغم ان تلك المنطقة تعادل فى مساحتها " انجلترا " و لكنها قليلة فى الكثافة السكانية ، و سكانها الحقيقيون مجموعة هائلة من الحيوانات و الزواحف و الطيور منها مالك الحزين و اللقلق و ابن الماء و الغاق و الأوز العراقى . مقاطعة الصقر يذكر الكتاب أن البحوث التاريخية الحديثة أثبتت أن عملية الوحدة تمت ، قبل قدوم مينا بألف عام ، فى 4240 قبل الميلاد ، على يد ملوك مقاطعة الصقر " حورس "من عاصمتهم " دمنهور الحالية "ووحدوا القطرين وجعلوا منطقة أون العاصمة " عين شمس و هليوبوليس ". و عن القاهرة قال ورثنجتون : هى مدينة ضخمة مشوشة التخطيط و المواصلات تزدحم شوارعها بناس كثيرين يبدون كما لو كانوا بلا عمل على الإطلاق . أما " الإسكندرية " فأهملت بعد الفتح العربى و كان الاهتمام أكثر بالمدن النيلية كالقاهرة و الفسطاط و القطائع و العسكر ، حتى سقطت منارة الإسكندرية التى كانت إحدى عجائب الدنيا السبع ، و كانت تستخدم - حسبما يقول الكتاب وهي نقطة محل جدل تاريخي - أن الكتب و المخطوطات التى تحوى ذخائر العلوم الانسانية كوقود لتسخين المياه فى الحمامات الشعبية ، و تم نقل مسلتى كليوباترا ، واحدة إلى لندن على ضفاف التيمز، و الثانية بمدينة نيويورك . فى التاريخ القديم مصر كانت تنتج من القمح و الحبوب ما يكفى حاجة جميع الناس حتى أفقر الفقراء ، و الآن هى تستورده رغم ما تملكه من مساحات شاسعة من الأراضى الزراعية ، و كان الشاعر المصرى القديم يقول " لو أن ما تعجبنه يداك كان ذهبا ، أو قوالب من الفضة ، لما أكله الناس ، لأنهم لا يأكلون الذهب و لا الفضة ، و إنما يأكلون القمح ،و هو أفضل من الأحجار الكريمة ". أسطورة عروس النيل عيد وفاء النيل هو أقدم أعياد الأرض ، و يقول مختار السيوفى أن عروس النيل ليست سوى خرافة ، ذكرها لأول مرة المؤرخ أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الحكم فى كتابه " فتوح مصر و المغرب " و روى فيه أن بعد فتح عمرو بن العاص لمصر أتاه أهلها ، قائلين إن النيل لا يجرى إلا عندما يلقوا به فى الليلة الثاية عشر من الشهر جارية بكر ترتدى أفضل الحلى و الثياب ، فرد عليهم قائلا : إن الإسلام يهدم ما قبله . و عندما أصبح النيل لا يجرى قليلا و لا كثيرا ، قررا أهلها الرحيل ، فبعث عمر بن الخطاب بورق لابن العاص ليلقيها فى النيل ، مذكور فيها : من عبد الله أمير المؤمنين إلى نيل مصر ، أما بعد ، فإن كنت كنت تجرى من قبلك فلا تجر ، و إن كان الله الواحد القهار هو الذى يجريك فنسأل الله الواحد القهار أن يجريك " و عندما ألقاها بن العاص فى النهر زاد 16 ذراعا ً فى ليلة واحدة ، و نقل هذة الحكاية عن بن الحكم الكثير من المؤرخين على أنها معلومة تاريخية مؤكدة كالمقريزى و الكندى و السيوطى . و يدلل السويفى بتأريخ المؤرخين اليونان و الرومان عندما أتوا لمصر و كتبوا الكثير عن أهلها منها أساطير غير صحيحة و لكن لم يذكروا شيئا عن عروس النيل ، فإن حدث هذا الأمر و لو مرة لما توانوا عن نقله ، و ما دونه ابن الحكم كان بعد فتح مصر ب 230 عام ، لذا فهو لما يعاصرها و ربما سمعها من أحد ، و توقف النيل عن الجريان كارثة لم تحدث أبدا فى التاريخ الجيولوجى لنهر النيل و ارتفاع منسوب النيل ب 16 ذراع فى ليلة واحدة أمر منافى لعلم القوى المائية ، و قبل الإسلام كان أهل مصر يعتنقون المسيحية التى لا تقر بالتضحية البشرية كقربان لله ، و الفراعنة أنفسهم لا شئ فى تاريخهم المدون يذكر أنهم كانوا يقدمون قرابين بشرية لآلهتهم ، و اللوحات التى تصف الاحتفالات النيلية تذكر كل تفاصيل الاحتفال و لا يوجد بها أى عروس نيل . مراسم وفاء النيل كان يبدأ الاحتفال عادة بذبح عجل أبيض و أوز و بط و دجاج كقربان ، ثم تلقى فى النيل رسالة مكتوبة على ورقة من أوراق البردى ، تتضمن بعض الصلوات و المدائح فى النيل ، اعترافا بفضله و ابتهالا له لمواصلة الفيضان فى كل عام ، و كان العيد يأخذ طابعا دينيا شعبيا يحضره الملك نفسه و حاشيته و رجال الدين و جميع طوائف الشعب ، و كانت تؤدى فيه الأشعار و الأغانى ، و فى المواسم التى كان يأتى النيل منخفضا كان المصريون يلقوا ببطاقات دعاوى و ابتهالات و منهم من كان يلقى له شعرا و مدحا . ،و قد عثر على بعض البرديات التى ألقيت فى النيل و تحمل دعوات و لم يذكر فيها أى عروس ! و أن عروس النيل الحقيقية هى مصر . ظل الاحتفال بوفاء النيل عيدا شعبيا طوال العصور الإسلامية المختلفة ، و كانت اهم مراسمه " كسر السد " أو " فم الخليج المصرى " فتتدفق مياه النيل عبر الخليج مع عشرات و مئات القوارب و السفن الشراعية و فيها طوائف الشعب المختلفة فى حالة ابتهاج و معهم الطبول و الآلات الموسيقية . وواصل العثمانيون تلك الاحتفالات و لكنهم سرقوها من المصريين ، فأصبح محظورا عليهم حضورها ! و عندما دخل نابليون إلى مصر احتفل بوفاء النيل و لكن بالطريقة الفرنسية " خمر و نساء " و قلدوا المصريين فقط فى أزياء المماليك و تقليد لغتهم كنوع من التفكه عليهم ، و ضربوا المدافع و الصواريخ فى الاحتفالية ، و عزفوا الطبول و المزامير ، و يقول الجبرتى أن بعد خروج الفرنسيين من مصر أصبح المصريون يحاكوهم فى احتفالهم بعيد وفاء النيل ، ووصف حال المصريين فى أوقات الجفاف و ارتفاع الأسعار من اشتداد المجاعات و العويل ليل و نهار ، و فى وقت الفيضانات حكى عن أكبر فيضان حصل فى مصر أهلك الكثير من الناس و الحيوان حتى أصبح بين الناس فى بيوتهم ، و كثرة عويل الفلاحين على محاصيلهم ، حتى أصبح ندب المصريون بالدفوف .