بعد 35 سنة من غزو الاتحاد السوفيتى لأفغانستان يوم 24 ديسمبر 1979 تأتى اعترافات أحد ألمع الشخصيات السياسية الأمريكية وهو "زبيجنيو بريجنيسكى"، الذى كان مستشارا للأمن القومى للرئيس الأمريكى الأسبق جيمى كارتر فى ذلك الوقت، ويكشف في كتاب صادر مؤخراً تحت عنوان "التدخل العسكرى الأمريكى وعمليات المخابرات الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية" لمؤلفه بيل بلوم، أن هذا الغزو كان بمؤامرة أمريكية سعت إلى خلق فيتنام جديدة يتورط فيها الاتحاد السوفيتى وتستنزف جهده وأمواله، إلا أن الذى لم يكن مقدراً أن يكون هذا الغزو نهاية الإمبراطورية السوفيتية وتفككها عام 1991. يقول بريجنيسكى، فى أحاديث تضمنها الكتاب - كما جاء بمقال الكاتب صلاح منتصر في صحيفة "المصري اليوم" - أن الرئيس الأمريكى الأسبق جيمى كارتر وقع قراراً يوم 3 يوليو 1979 قبل ستة أشهر من الغزو السوفيتى لتقديم المساعدات إلى "المجاهدين" فى أفغانستان لمجابهة محاولات موسكو سيطرة الشيوعيين فى أفغانستان، وكنت أكتب للرئيس كارتر- والكلام على لسان بريجينسكى- يومياً، مؤكداً أن هذه المساعدات ستدفع القادة السوفيت إلى تورطهم فى عملية عسكرية ضخمة وهو ما حدث بالفعل فى ديسمبر 79 وكانت بمثابة فيتنام للسوفيت. وفى حواره مع مؤلف الكتاب "بيل بلوم" يدافع بريجنيسكى عن أمريكا بقوله: "إننا لم ندفعهم للغزو، لكننا زدنا احتمالاته، وبالتالى فهم الذين اختاروا"! وعندما سأله المؤلف: ألا يقتضى الأمر بعد أن زينتم لموسكو طريق الغزو فى الوقت الذى كان ذلك بداية ظهور قوة المتطرفين أن تعتذر عما وقع خاصة بعد النتائج التى جرت من "المجاهدين" الذين حملوا السلاح فى أفغانستان؟ قال بريجنيسكى بحسم: "أعتذر عن ماذا؟ أيهما أهم بالنسبة لتاريخ العالم: طالبان أم انهيار الإمبراطورية السوفيتية؟ تحريك مجموعة من المسلمين أم تحرير وسط أوروبا ونهاية الحرب الباردة؟". وعندما يناقشه المؤلف فى الأخطار التى نتجت عن تقوية شوكة المجاهدين وظهور المتطرفين الإسلاميين الذين أصبحوا خطرا يهدد السلام العالمى اليوم، لا يعترف بريجنيسكى بهذه الخطورة، ويرى أن عدد المتطرفين الإسلاميين قليل بالنسبة لألف و500 مليون مسلم فى العالم.