انتقد الباحث الأثري عالم المصريات بسام الشماع تقرير نشرته صحيفة "الديلي ميل" البريطانية اليوم الثلاثاء، عن دراسة أجريت بالتعاون بين باحثين بريطانيين وباحث من معهد المومياوات في إيطاليا، زعمت فيه أن الملك الفرعوني توت عنخ آمون ( حكم من 1334 إلى 1325 ق.م ) هو نتاج علاقة جمعت بين أبيه وشقيقته، وأنه كان مصابا بشلل الأطفال، كما كان يملك نتوء في الفك العلوي وفخذين نسائيين. وقال الشماع في تصريحات خاصة لوكالة الأناضول: "لا ننكر أن هناك حالات في التاريخ المصري القديم لزواج الإخوة، والتي نسميها - حاليا - بزنا المحارم، ولكن هذه الحالات لا تشمل الملك اخناتون والد الملك توت عنخ آمون ". واكتشف نسب توت عنخ آمون إلى الملك اخناتون في شهر أبريل عام 2010، بناء على اختبارات الحمض النووي (دي إن آيه) وفقا لبيان صدر عن المجلس الأعلى للآثار المصرية وقتها. وأوضح الشماع أن الملك توت عنخ أمون هو نتاج زواج إخناتون من زوجته الثانية (كيا)، وتزوجها بعد عدم انجابه ذكرا من زوجته الأولى نيفرتيتي، التي أنجبت له ست من البنات، أكبرهم كانت "ميريت آتون". ويواصل الشماع تفنيد هذه النقطة قائلا :"الزوجة الثانية تسمى عند المصري القديم ب (الزوجة الثانوية)، وتكريما ل (كيا) بعد انجابها توت عنخ أمون حملت لقب (كاشبست) أي (السيدة النبيلة)، وكان أول ذكر لها في التاريخ في السنة العاشرة لحكم إخناتون، لكنها لم تذكر بعد السنة ال 12 ، وبدأ تكسير كل مناظرها، واستبدلت بمناظر الابنة الكبرى لأخناتون (ميريت آتون)، وقد يكون اختفاء مناظر الزوجة هو ما دفع للاعتقاد أن توت عنخ آمون هو نتاج علاقة زنا محارم". وانتقل الشماع إلى المعلومة الأخرى في التقرير وهي أنه كان مصابا بشلل الأطفال، ويتساءل: " كيف يكون مصابا بشلل أطفال ويقود العجلة الحربية، إذ توجد الكثير من الصور تظهره وهو يقود العجلة الحربية، التي يحتاج قيادتها إلى ثبات غير طبيعي ويدين وقدمين قويين". وسخر الشماع من المعلومة الثالثة التي يتضمنها التقرير، والتي تقول أن توت عنخ آمون كان يملك فخذين نسائيين، في إشارة من الصحيفة إلى أنه ربما كان (مخنثا). ويرجح كاتب علم المصريات أن تكون هذه المعلومة مصدرها صورة تمثال لتوت عنخ آمون بالمتحف المصري، يظهر فيه بجزء علوي طبيعي لا يختلف عن الرجال، بينما الجزء السفلي به نتوء في البطن والحوض عريض ولا توجد أعضاء تناسلية، ولا يرتدي "التنورة" المميزة لأزياء الملوك في كل التماثيل. ويرد الشماع على ذلك بقوله: "هناك صور كثيرة لتوت عنخ آمون ظهر فيها بالشكل التقليدي والمعتاد للملوك، ثم قد يكون هذا التمثال من نوعية التماثيل غير المكتملة، فهناك حالات كثيرة لتماثيل لم تكتمل لموت صاحبها، وتوت عنخ آمون مات فجأة وفي سن مبكر (بعمر 19 عاما)". أما عن وجود نتوء في الفك العلوي، فهذه هي المعلومة الوحيدة التي يرى الشماع أنها قد تكون صحيحه، ويرجع ذلك إلى اعتقاد شخصي لديه أن توت عنخ آمون له دم نوبي جنوبي مصدره جدته الملكة (تي)، وهذه النتوء مميزة لسكان تلك المنطقة. ويعتقد الشماع أن الملكة (تي) تنتمي لهذه المنطقة، بسبب تمثال لها باللون الأسود، بدت فيه بملاح المرأة الجنوبية. وعثر في مقبرة توت عنخ آمون لدى اكتشافها على تابوت صغير بحجم الكف، وجد بداخله خصلة شعر، قارنوها بشعر مومياء السيدة العجوز "اسم أطلق على مومياء الملكة تي"، فوجدوا أن هذه الخصلة ترجع إليها، بحسب الشماع. وكانت الدراسة قد استندت إلى "تشريح افتراضي"، اعتمد على أكثر من 2000 صورة أجري لها مسح كمبيوتر، ونفذ ذلك جنبا إلى جنب مع التحليل الجيني لعائلة توت عنخ آمون عبر عينات "دي إن آيه ". ورغم تشكيك الشماع فيما خلصت له الدراسة، إلا أنه يطرح تساؤلا في النهاية قد يقود إلى فتح ملف العبث بالآثار المصرية : " ما هو مصدر عينات (الدي إن آيه) التي استندت لها الدراسة". ويعتبر توت عنخ أمون من أشهر الفراعنة لأسباب لا تتعلق بانجازاته؛ وإنما لأسباب أخرى تعتبر مهمة من الناحية التاريخية ومن أبرزها اكتشاف مقبرته وكنوزه بالكامل دون أي تلف.