"حرب إسرائيلية على قطاع غزة يعقبها جهود لإعادة الإعمار" .. مشهد تكرر ثلاث مرات من عام 2008 إلى 2014، حتى سئم صانعوا المشهد أنفسهم، وباتوا يبحثون عن حل نهائي يقضي "متوالية الهدم ثم البناء" ولا يكتف ب"مجرد المسكنات". وتكررت اليوم خلال الكلمات التي ألقيت في مؤتمر إعمار غزة الذي تستضيفه القاهرة الدعوات بضرورة الوصول لحل نهائي للقضية، حتى لا نكون على موعد مع مؤتمر قادم لإعادة إعمار غزة بعد عامين قادمين. وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس "أبو مازن" في كلمته بافتتاح المؤتمر: "لم يعد مقبولا أن نعيش تكرار النكبات والمآسى والحروب، وطلب إعادة الإعمار كل عامين". واستضافت مدينة شرم الشيخ المصرية المؤتمر الأول لإعادة إعمار غزة عام 2009 بعد الحرب الإسرائيلية على القطاع في نفس العام، وبعد تكرار الحرب على القطاع عام 2012 لم يعقد مؤتمر، ولكن كانت هناك جهود فردية بذلت من جانب بعض الدول على حدة، واليوم تستضيف القاهرة مؤتمرا لإعادة الإعمار بعد حرب الأخيرة في يوليو وأغسطس من العام الجاري. والحل الذي يراه "أبو مازن" لعدم تكرار طلب إعادة الإعمار، هو إيجاد مقاربة دولية جديدة لحل الصراع الفلسطينى - الإسرائيلي، تنهى الاحتلال الإسرائيلي، وتفضى إلى إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدسالشرقية على حدود عام 1967، لتعيش إلى جانب دولة إسرائيل في أمن وحسن جوار، تطبيقا لرؤية حل الدولتين، ومبادرة السلام العربية. وشدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على نفس المعنى الذي ذهب إليه الرئيس الفلسطيني في كلمته، وقال "لا بديل عن تسوية عادلة ودائمة وشاملة حتى يتفرغ الشعب الفلسطيني للبناء دون أن يخشى هدم ما بناه بسواعده". وشدد وزير الخارجية النرويجي بروج برندة من جانبه على نفس المعنى، وقال خلال كلمته بالمؤتمر "نأمل أن يساهم إعادة إعمار القطاع في الوصول إلى حل الدولتين، حتى لا يتجدد الصراع مرة أخرى". ودعا وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في نفس الإطار إلى ضرورة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، قائلا "لابد أن يكون هناك دولة فلسطينية تعيش بسلام مع إسرائيل.. حل الدولتين الآن مهدد بفعل الاستيطان .. لابد أن نعترف بالدولة الفلسطينية". وكانت هذه الرؤية هي محور ما ذهب إليه وفد المفاوضات الفلسطينية مع إسرائيل إبان الحرب الأخيرة على قطاع غزة، والتي رعتها القاهرة في شهر أغسطس الماضي، حيث كان الوفد الفلسطيني يبحث عن حلول دائمة لأزمته حتى لا يتكرر مشهد الهدم مرة أخرى. وتمسك الوفد الفلسطيني خلال المفاوضات برفض الشرط الإسرائيلي بمصادرة سلاح المقاومة الفلسطينية، طالما بقي الاحتلال. وقال أكثر من عضو بالوفد لوكالة الأناضول: "نحن نسعى من خلال المفاوضات لحل نهائي يفضي لإقامة دولة فلسطينية، لتجنب تكرار نفس المشهد كل عامين". وبالتزامن مع المؤتمر الذي تستضيفه القاهرة اليوم، قال إسماعيل هنية، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، إن الفلسطينيين يتطلعون لأنّ يكون مؤتمر إعادة إعمار غزة المنعقد في القاهرة اليوم مختلفا عن سابقيه. وقال هنية في بيانٍ أصدره مكتبه الإعلامي صباح اليوم الأحد، وتلقت الأناضول نسخةً منه إن "الفلسطينيين يتطلعون لمؤتمر مختلف، تدفع فيه إسرائيل ثمن ما ارتكبته من جرائم خلال حربها" الأخيرة على قطاع غزة. وأضاف أن الأموال التي رصدت خلال المؤتمرين السابقين لإعمار غزة (بعد حربي 2008 و2011) لم يصل منها أي شيء منها إلى القطاع، وهو ما يتطلب وقفة حقيقية من المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته. ورصد مؤتمر إعادة الإعمار الماضي الذي عقد في شرم الشيخ عقب حرب 2008-2009 على غزة، مبلغ 5.4 مليار دولار، ولكن الدول المانحة التي شاركت فيه لم تلتزم بتقديم غالبية المبالغ التي وعدت بها خلال المؤتمر، مبررة ذلك بعدم وجود حكومة موحدة تمنح لها الأموال. وتبحث الحكومة الفلسطينية في هذا المؤتمر عن مبلغ 4 مليارات دولار أمريكي، وهي التكلفة التي قدرتها لجنة إعادة الإعمار الفلسطينية. وقال خليل الحية القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) السبت الماضي خلال مؤتمر جماهيري إن حركته نزعت كافة الذرائع التي يمكن أن يتذرع بها البعض لتأخير إعادة إعمار قطاع غزة بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع، وذلك باستقبال الحركة لحكومة الوفاق الفلسطينية، برئاسة رامي الحمد الله، في غزة، الخميس الماضي، والعمل على إنجاح زيارتها الأولى للقطاع. وتتمسك إسرائيل والولايات المتحدة بأن تشرف حكومة التوافق الفلسطينية، وليس "حماس"، على عمليات إعادة الإعمار، بدعوى ضمان توجيه الأموال إلى جهود إعادة الإعمار، والخشية من استخدام جزء منها في إعادة تسليح "حماس".