لليوم الثاني على التوالي، امتدت طوابير طلاب الجامعات المصرية بالعاصمة القاهرة، لعشرات الأمتار، مع ثاني أيام العام الدراسي الجديد، بسبب تشديدات أمنية فرضتها شركة الحراسات الخاصة الجديدة التي تقوم بتأمين الجامعات. في الوقت الذي شهدت جامعات مظاهرات "محدودة" حتى الساعة الثانية عشر ظهرا بالتوقيت المحلي للطلاب المعارضين للسلطات الحالية، الذين توعدوا في بيان لهم أمس ب"انتفاضة طلابية". وشهدت جامعة الأزهر بمدينة نصر، تكدسا للطلاب والطالبات لليوم الثاني على التوالي، أمام بوابات الجامعة نتيجة إجراءات الامن وعمليات التفتيش التي اتخذتها الجامعة لتأمين العملية التعليمية، ومنع المتسللين ودخول أية أسلحة أو أداوت تظاهر إلى الحرم الجامعي. وهو الأمر الذي تكرر في جامعتي القاهرة التي شهدت مناوشات بين الطلاب وأفراد الأمن، وعين شمس. بينما كانت البؤرة الأشد تكدسا في القاهرة في جامعة حلوان، والتي شهدت مشادات بين الطلاب وأفراد شركة الأمن الخاصة بسبب الإجراءات الأمنية للدخول، دفعت الطلاب إلى اقتحام أبواب الجامعة رغما عن أفراد الأمن. وكانت شركة "فالكون" للأمن الخاص، التي يديرها رجال شرطة وجيش متقاعدون، بقيادة شريف خالد، وكيل جهاز المخابرات العامة السابق، ومسؤول قطاع الأمن باتحاد الإذاعة والتليفزيون الحكومي سابقا، تسلمت أبواب الجامعات الأربعاء الماضي، تمهيدا لتأمين الجامعات خلال العام الدراسي الحالي. وفي جامعة بني سويف، رفض أفراد الأمن السماح بدخول الطلاب للحرم الجامعي، دون الخضوع لإجراءات تفتيش صارمة مما تسبب فى تأخير دخول الطلاب لكلياتهم، بحسب عدد من الطلاب. في الوقت الذي شهدت كل الجامعات تكثيفا أمنيا مشددا بعربات الأمن المركزي، ووحدات التدخل السريع، على أبواب وأسوار الجامعات. لكن التشديدات الأمنية على الأبواب لم تمنع الطلاب المؤيدين لمرسي والمعارضين للسلطات الحالية، من تنظيم فاعليات "محدودة" في عدة جامعات. فقد نظم طلاب مؤيدون لمرسي بجامعة الأزهر وقفة داخل الحرم الجامعي رافعين لافتات ورقية كتب عليها "رجعوا التلامذة (التلاميذ)"، للمطالبة بعودة 73 طالبا مفصولا حصلوا على أحكام ببطلان قرارات فصلهم للمشاركة في مظاهرات معارضة داخل الجامعة. وفي جامعة قناة السويس بالإسماعيلية، حرصت إدارة رعاية الشباب على إقامة حفلات فنية وشعرية وتسيير سيارات تجوب الجامعة تذيع أغاني "بشرة خير" و"تسلم الايادي" وتردد هتافات "تحيا مصر". في الوقت الذي نظم العشرات من الطلاب المؤيدين لمرسي وقفة أمام مبنى كلية التجارة، تبعتها مسيرة جابت أرجاء الجامعة حمل خلالها الطلاب شارات رابعة ورددوا هتافات تطالب بالإفراج عن زملاءهم "المعتقلين" والقصاص للضحايا. وفي جامعة بني سويف، نظم طلاب معارضون للسلطات الحالية، سلسلة بشرية لا ستقابل الطلاب، أتبعوها بمظاهرة حاشدة طالبوا فيها بطرد الحرس خارج أسوار الجامعة، مرددين هتافات ضد ما أسموه "قمع الطلاب واعتقالهم"، وهو ما حاولت قوات الأمن الإداري بالجامعة التصدي له. وتكرر الأمر في جامعة المنيا، حيث تظاهر مؤيدون لمرسي، داخل أسوار الجامعة، رافعين صورا له، وشارات رابعة العدوية، ما أوقع مناوشات بين الطلاب والأمن الإداري. وكان أحمد ناصف، المتحدث باسم حركة "طلاب ضد الانقلاب"، قال في تصريح لوكالة الأناضول اليوم، إنهم يعدون "مفاجآت قوية" للسلطات الحالية، سيعلن عنها في حينها، على حد قوله. وأشار إلى أن حملات القبض على قيادات وكوادر الحركة تواصلت فجر اليوم الأحد، حتى وصل عدد المقبوض عليهم 65 طالبا خلال يومين، وهو ما لم يتسن الحصول على تعقيب فوري بشأنه من وزارة الداخلية المصرية. وأضاف: "مثل تلك الاعتقالات لا يمكنها أبدا إيقاف ثورة الطلاب أو إضعاف اشتعال جذوتها في صدور الطلاب". وشهدت أغلب الجامعات المصرية في العام الدراسي المنقضي، مظاهرات واحتجاجات طلابية شبه يومية أغلبها مؤيدة لمرسي، وتخللها اشتباكات مع قوات الشرطة داخل وخارج الحرم الجامعي في العديد من الجامعات المصرية، أدت لسقوط قتلى ومصابين في صفوف الطلاب، بالإضافة للقبض على العشرات منهم، وهو ما أدى إلى تصاعد الموجات الاحتجاجية الطلابية التي تعتبرها السلطات المصرية "مظاهرات تخريبية". كما تعرض بعض الطلاب للفصل من جامعاتهم نتيجة مشاركتهم في تلك المظاهرات. واتهم الأمن المصري طوال العام الدراسي السابق، جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها مرسي، باستغلال الطلاب في مظاهرات، هدفها تقويض استقرار البلاد، في المقابل رصدت منظمات حقوقية طلابية ما وصفته بأنه "انتهاكات" بحق الطلاب. وكان من المقرر أن يبدأ العام الدراسي بالجامعات يوم 27 سبتمبر، إلا أنه تم تأجيله إلى أمس السبت "لاستكمال الاستعدادات". وفي محاولة من الجامعات للحد من تكرار هذا المشهد والاتهامات المتبادلة، استبق رؤسائها العام الجامعي بقرارات غير مسبوقة، تضمنت "3 خطوط حمراء" يحظر على الطلاب الاقتراب منها، في مقدمتها إهانة رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، كما اتخذ الأمن في بعض الجامعات إجراءات غير مسبوقة، منها تعيين شرطة سرية داخل الجامعات، واحتفظت جامعة الأزهر بإجراءات خاصة، كونها البقعة الأكثر اشتعالا بين الجامعات.