آفة الدروس الخصوصية التي تأكل ثمرة الجهد والعناء والإنتظار والتحضير والمثابرة والعمل الشاق الغير منقطع لكي يجني الأب ثمن كفاحة وعنائه طوال شهر كامل من العمل المتواصل، والإزدحام في المواصلات العامة والخروج من المنزل في ظل درجات حرارة نراها فقط عند غليان المياة، ولكن هذة المرة نراها نتيجة غليان الدماء في عروق العاملين والموظفين الذين يذهبون الي أعمالهم طلباً للرزق ولسد جوع أسرهم وقضاء حوائجهم الماليه كافة، وبعد كل هذا العناء تأتي هذه الآفة الموروثة الملعونه الغير مبرره منطقياً ولا عقلانياً أو نفسياً لتأكل ثمرة الجهد والعمل الشاق وهي الأموال تفرُم المرتب المنهك والخائر القوى أمام الإحتياجات والأسعار المولعة نار. أي عدل هذا أن يتم ترسيخ فكرة أن الطالب لازم ولابد أن يأخذ دروس خصوصية وليس فقط في مادة يصعب فيها التحصيل بل في كل المواد الدراسية التي يدرسها الطالب في المدارس سواء الحكومية او الخاصة او اللغات او التجريبية. بعد ترسيخ هذه الفكرة ينتقل الطالب بعد اليوم الدراسي الحافل بكل عناءه وتعبه الي الدرس الخصوصي ومنه الي الدرس الآخر، ومن ثم يذهب الي بيته يأكل وينام لكي يستطيع الحصول على قسط من الراحة كافي لكي يكمل يومه التالي في المدرسة، ويستيقظ الطالب في السادسة صباحاً يغسل وجهه واسنانه ويأخذ حمام ساخناً ويلبس ملابسه المكوية وحذائه المتلمع لكي يذهب للمدرسة ويتلقى العلم الذي لا يتلقاه في نفس الوقت، ولكنه كطالب لا يبالي اعتقاداً منه بأنه سوف يعاد له في الدرس مرة أخرى. وطبعاً المدرس أيضاً لا يبالي، لأنه سوف يشرح لطلابه هذا الدرس ويفسره جيداً في مقابل نزع أحشاء أسرة الطالب، وشفط كل أموالهم، وهو لا يري إلا الطمع والجشع في أنه يريد جمع الطلاب حوله وحلَب أسرهم وضمان تنفيض وتنظيف جيوب الآباء تماماً من الأموال، في مقابل شرح وتفسير المعلومة التي هي في الأساس حق للطالب المدرسي ان يتلقاها في المدرسة كحق مُسلم به. ولا يوجد من يستطيع حرمان الطالب من هذا الحق سوى ضمير المُدرس المعدوم، الذي يرى أن البخل بالمعلومة على الطالب والتحجج بضيق وقت الحصة المُخصص للمادة، هو السبب مع العلم أنه من المُفترض أن يكون هناك لجنة خاصة بوضع خطط زمنية لكل مادة، حتى يتثنى للمدرس ان يحصل على الوقت الكافي لكي يشرح بإستفاضة المعلومة للطالب. حيث تكون هذه اللجنة تابعة لوزارة التربية والتعليم وتحت إشراف الوزير بنفسه وتكون جزء من خطة رئيس الجمهورية أن يهتم بالطلاب من أجل تربية أجيال أفضل لمصر. وذلك لأن كل طالب منهم هو جزء من المصلحة العليا للوطن وبمثابه أمن قومي لمصر، لأن الشباب هم المستقبل الذي نبني به الدوله وتصرف وتبذل الغالي والنفيس من أجل توفير المناخ الآمن و المناسب لهم ولأسرهم. وتتظاهر دائماً المدارس بمحاربة آفة الدروس الخصوصية ولكنها محاربة وهمية صورية غير حقيقية خاصة في المدارس الخاصة، حيث أن الأجور التي يحصل عليها المدرس في هذه المدارس هي غير مناسبة لقيمه ومكانة المدرس لأنها أجور ذهيدة على عكس مدرسي المدارس الحكومية. حيث يتقاضى المدرس ألف ونصف جنيه مصري وهي بمثابة راتب مناسب للجهد الذي يبذله المُدرس في المدارس الحكومية ولكنهم أبداً لا يتوقفون عن نهب أموال الشعب تحت مسمى أنا شخصياً بكره وهو الدروس الخصوصية التي هي عادة لا يُستفاد منها تماماً. وفي الماضي كانت توصف الدروس الخصوصية للأغبياء فقط أو ضعاف التحصيل الدراسي ممن يحتاجون لجهد إضافي من المدرس، لذلك تم إبتكار فكرة مجموعات التقوية المدرسية، ومن ثم جاء بعدها الدروس في المنازل وتمادى الأمر حتى أصبح خارج عن السيطرة وتحول إلى آفة تأكل الأخضر واليابس، والمواطن والأُسر غلابة لا يعرفون من أين يدفعون الأموال خاصة بعد أن أصبحت الحياة ومتطلباتها أصعب وأغلى، ومن ثم تعقيد ورفع أسعار كل شيء بما في ذلك الدروس الخصوصية. ومن الآثار السلبية للدروس الخصوصية خلق جيل من الكسالى غير المنتبهين للمرة الأولى في أي شيء، حيث أنهم يعتمدون أنهم سوف يتم مراجعة ما سبق في وقت لاحق ولكن يُصدم هؤلاء التكاليين بالواقع المرير في الحياة التي لا تعرف الأعذار والعمل الذي لا يتحمل التأخر ولكنهم تأثروا بالآفة التي لم يواجهها المجتمع وهم كطلاب يدفعون ضريبتها. ولم تقتصر الدروس الخصوصية فقط على التعليم الأساسي والمدارس بل نفس الطالب يذهب إلى الجامعة ولم يتعلم الإعتماد على ذاته في التحصيل أو البحث عن المعلومات وتثقيف الذات وفي الجامعة يرسب في السنوات الأولى إلى أن يعرف من المعيد الذي يعيد عليه شرح ما قاله الدكتور المُحاضر من طلاسم مادته. وبذلك يجد الطالب الآفه أيضاً التي طالما تعود عليها وأدمنها وأصبحت لا تفارقة حتى في الجامعة وهي الدروس الخصوصية الجامعية والمشكلة تكمن في ماذا سيفعل او ستفعل هذا الطالب في زواجة أخشى أن لا يستطيع قيادة منزله ويحتاج الي دروس خصوصية أيضاً من أجل تعلم الزواج. ومثلما خلق الله عز وجل الداء خلق الدواء والحل هو المواجهه والإعتراف بأن الآباء مُقصرون في حق أطفالهم حيث أنهم لا يهتمون بالمستوى التدريسي الذي يُقدم من قبل المدرسة لأبنائهم ويهملون المتابعة التي هي أساس النجاح لأبنائهم. والمدرسة عليها دور حقيقي في إيقاظ الضمير عند المدرسين ولا تكتفي بذلك بل وتراقب وترصد وتتابع كل شكاوي الطلبة ولتطمئن على المستوى المقدم للطلاب، كي لا يكونوا في حاجة إلى تلك الدروس الخصوصية وأن لا تسمح المدرسة في أن يتحول الطلاب لفريسة سهلة للمدرسين الجشعيين ويستغلوهم في جلب الاموال عن طريق الدروس الخصوصية. يجب منع الدروس وجعل الوسيلة الوحيدة للطلاب لتلقي المعلومة هي المدرسة وأن الآفة المُستفحلة في المجتمع يجب مواجهتها بالمبيدات الحشرية القاتلة للدروس الخصوصية.