تزدان الشوارع والمساجد والمحال التجارية والمنازل في فلسطين هذه الايام بزينة شهر رمضان المبارك بحيث يشاهد الفرد خلال تجوله زينة جميلة تحمل رمزية هلال شهر رمضان المبارك في معظم شوارع ومدن وقرى ومخيمات فلسطين احتفاء بالشهر الفضيل وكنوع من الاحتفال به وبما يحمله من معاني انسانية وروحية دينية عظيمة. مدينة بيت لحم مهد السيد المسيح التي يتعانق في سماءها كنيسة المهد ومسجد عمر بن الخطاب والتي شكلت على مر العصور نموذجاً للتأخي والمحبة والتسامح تعانقت فيها زينة شهر رمضان المبارك مع زينة ميلاد السيد المسيح في ساحة المهد لتؤكد ان الفلسطينيون بمسلميهم ومسيحييهم موحدون يحتفلون بالمناسبات الدينية بروحية واخوية سواء كانت اسلامية ام مسيحية ولينفوا بذلك في كل مناسبة كافة الشائعات الاسرائيلية التي تحاول تسميم وتعكير هذه الاجواء. كما يسعى الفلسطينيون مع حلول شهر رمضان من كل عام ان يحافظوا على العديد من الطقوس الرمضانية التي ترمز لذلك الشهر مثل فتح معظم التكايا في الاراضي الفلسطينية ابوابها طيلة شهر رمضان لتوزيع الغذاء على الفقراء والمحتاجين والسائلين. وفي حين تستمد التكايا مواد تموينها من اصحاب الخير والميسورين والمتبرعين تشهد ابواب التكايا سواء كانت في القدس او الخليل او غيرها من المدن الفلسطينية توافد الفقراء والمحتاجون للحصول على وجبة افطارهم من تلك التكايا التي تعود في معظمها الى العصر العثماني . ويحرص المسحراتي الفلسطيني على توارث تلك العادة الرمضانية المشهورة في فلسطين حيث يطوف المسحراتي الحارات والشوارع في بعض القرى والمخيمات والبلدات الفلسطينية قبل ساعات الفجر لايقاظ المواطنين من اجل تناول وجب السحور .. والمسحراتي يخرج من منزله الساعة 2:20 فجراً حاملاً الطبل التي يستخدمه خلال ترديده بعض العبارات مثل ‘اصح يا نايم.. وحد الدايم، رمضان كريم، اصح يا نايم وحد الدايم'، و'يا سمعين الصوت، صلوا على محمد، يا رب المصطفى، حل العسير عنا، يا مصطفى من غرامك ما بنام الليل، ساعة بصلي وساعة بمدحك يا زين" . وفي حين يستيقظ الكثير من اهالي مخيم عسكر للاجئين في نابلس شمال الضفة الغربية على صوت المسحراتي ابو رزق تتزين مدينة القدس وخاصة البلدة القديمة منها وازقتها بفوانيس رمضان التي ارتبط اسمها بحلول الشهر الفضيل. واذا قدر لك ان تسير في ازقة وشوارع القدس العتيقة لتستنشق عبق التاريخ فلا بد انك سترى تلك الفوانيس الرمضانية ذات الاحجام الكبيرة والمزخرفة بالآيات القرآنية والألوان الجذابة تزين ابواب وأسوار البلدة القديمة من المدينة المقدسة.. واحتفالا بحلول الشهر الكريم كونت عشر مؤسسات مقدسية ائتلافا من أجل رمضان للقيام بعدة فعاليات خلال أيامه ولياليه، حيث كانت أولى الفعاليات تنظيم مسيرة أطفال الفوانيس التي انطلقت مساء الجمعة "ليلة ثبوت رمضان" من سوق القطانين قرب المسجد الأقصى المبارك مروراً بشارع الواد وصولاً إلى باب العمود، حيث حمل الأطفال المشاركون الفوانيس المضيئة ورددوا أهلا رمضان..رمضان كريم، وفي مقدمة المسيرة كانت فرقة البيارق المقدسية تعزف وتنشد للاطفال . وأوضح جميل دويك منسق الائتلاف المقدسي ومدير جمعية الرازي للثقافة والمجتمع أن مثل هذه المسيرات هدفها استرجاع الماضي للتأكيد على إسلامية القدس وعروبتها في وجه التهويد الذي تعيشه هذه الأيام وأضاف :"إننا في الائتلاف سنثبت أن القدس مدينة عربية من خلال الفعاليات التي ستقام في المؤسسات". اسواق القدس أما الأسواق المقدسية فهي حتى ساعات الظهيرة تكون هادئة، لكن أصحاب المحلات يستعدون لفترة ما قبل الغروب، حيث تزدحم الأسواق والطرقات..ويحاول الجميع إنهاء مشترياته والتواجد في بيته قبل أذان المغرب، أما محلات الحلويات والمطاعم وبائعوا العصائر يسابقون الزمن لإعداد ما لذ وطاب من اجل بيعها للصائمين. وفي باب العامود أشهر أبواب المدينة القديمة تختلط الأصوات..باعة على البسطات يرغبون المارة ببضاعتهم، وأبواق السيارات والحافلات في الشارع المحاذي حيث يريد السائقون السير بسرعة، وأصوات سماعات محال بيع الأشرطة والاسطوانات بالقرآن والأناشيد الدينية، لتهدأ مع أذان المغرب. الحلويات فى رمضان وعندما يحل شهر رمضان لا يغيب عن البال حلوى القطايف.. حيث يقبل الناس على شرائها بكميات كبيرة كما قال المواطن سامر زلاطيمو، ويضيف :"ارتبط القطايف بشهر رمضان حيث يكثر بيعه والإقبال عليه خاصة في أوائل وأواخر الشهر، ففي أوله يكون الناس مشتاقون له، وفي أواخره يودعونه حيث يعتبر سيد الحلويات". وقال زلاطيمو :"تحتاج عجينة القطايف إلى خبرة عالية ليكون طعمها لذيذا، وتتكون العجينة من الطحين والسميد والخميرة والسكر وكربونات الصوديوم" وإضافة إلى القطايف تشتهر من المأكولات الرمضانية "البرازق" و"الهريسة" والكنافة" و"الكلاج"، ومن المشروبات شراب الخروب والسوس واللوز والليمون. العادات الاجتماعية في رمضان ومن أهم العادات الرمضانية الإفطار الجماعي للعائلة، حيث يلتقي الآباء والأبناء والأحفاد كل يوم عند أحد الأبناء، الأمر الذي يزيد من اللحمة والنسيج الأسري والاجتماعي، كما تمتد الأيدي الرحيمة لتمسح دموع الأيتام وترعى أسر الشهداء والأسرى وتقوم جماعات من الناس بعيادة المرضى في المشافي وتقديم هدايا رمزية، وتزداد صلة الأرحام، كما تنتشر الولائم والإفطارات الجماعية في المساجد. وفي الأيام الأخيرة من الشهر تبدأ الاستعدادات في أغلب البيوت الفلسطينية للعيد بتحضير الكعك والمعمول والكرابيج.