هي صغرى بنات الرسول صلى الله عليه وسلم، أم الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وزوجة الإمام علي بن أبي طالب أول من أسلم من الصبية، فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين ابنة أم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها. ولدت فاطمة الزهراء في العام الخامس والثلاثين من عمر النبي صلى الله عليه وسلم، أسمها فاطمة ولقبت بالزهراء، ونشأت في بيت النبوة وتربت على خير الصفات من العفة وحسن الخلق فقد كانت أحب الناس إلى أبيها من النساء، وكان زوجها علي بن أبي طالب أحبهم إلى رسول الله من الرجال. فكانت أقرب بنات الرسول شبها له في صوتها ومشيتها وعلاقتها بمن حولها وكل تصرفاتها كانت تشبه أبيها كثيرا، واقترن مولدها بالبعث فما أن تمت من عمرها خمس سنوات حتى نزل الوحي على رسول الله وتم تكليفه بالدعوة إلى الإسلام وبدأت رحلة النبوة وشاركت فاطمة أبيها آلام البعث ونشر الرسالة. ورغم صغر سنها عاشت محن قوية فمن مكائد وحصار قريش للمسلمين وقطع الطعام عنهم استمر لثلاث سنوات وموت أمها السيدة خديجة ووجدت نفسها أمام مسئولية كبيرة والتخفيف عن أبيها حزنه وفاجعته في وفاة خديجة رضي الله عنها وعمه أبي طالب، وبعد هجرة الرسول إلى المدينةالمنورة بقيت فاطمة وأختها أم كلثوم في مكة حتى أرسل لهم أبيهم رسول لإحضارهن إلى المدينة. بعد الهجرة كان الرسول قد تزوج من السيدة عائشة بنت أبي بكر وثارت غيرة فاطمة من الزوجة التي شاركتها في قلب أبيها، لكنها تغاضت عن ذلك في مقابل حبها للنبي صلى الله عليه وسلم، وعندما بلغت الثامنة عشر من عمرها فتقدم لخطبتها كبار الصحابة لكن الرسول رفض بلطف حتى تقدم علي بن أبي طالب فرحب به الرسول وكان مهرها درعا أهداه النبي لعلي في غزوة بدر. ودعا لهما النبي صلى الله عليه وسلم أن يبارك فيهما وعليهما وفي نسلهما، وعاشت فاطمة في بيت زوجها، حتى بشرا بالغلام وأسماه الرسول حسن فأرضعته أم الفضل، وما كاد أن يمر عام على ولادة حسن حتى رزقهم الله الحسين في شهر شعبان لعام أربعة من الهجرة، ودعا النبي لابنته وزوجها وأطفالها أن يطهرهم ويذهب عنهم الرجس، فولدت الزهراء في الخامس من الهجرة طفلة أسماها النبي زينب، وبعدها بعامين وضعت أم كلثوم تخليدا لبنات الرسول اللائي فارقن الحياة. قال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم "فاطمة بضعة مني يريبني ما رابها ويؤذيني ما آذاها"، فشهدت الزهراء أم الحسن والحسين الكثير من المآسي والأحداث القاسية بدءا من وفاة أمها وأختيها رقية وزينب والحصار والتقشف قبل الهجرة وفي التاسعة من الهجرة وفاة أختها أم كلثوم وتحملت الفقر وضيق العيش. لم تنته مأساتها إلى هذا الحد فقد عايشت مرض الرسول صلى الله عليه وسلم ووفاته، فبقيت بجانبه تخدمه وتسهر عليه صابرة على قضاء الله وقدره فبعدما اشتد المرض به أخذت تصيح قائلة "وا كرباه أباه" فقال صلى الله عليه وسلم "ليس على أبيك كرب بعد الموت". وتقول السيدة عائشة عن وفاة النبي "لما ثقل النبي كانت فاطمة رضي الله عنها حاضرة عنده.. ترى ما نزل به من أمر أبيها وهي تراه يدخل يديه في الماء فيمسح بها وجهه ويقول لا إله إلا الله إن للموت سكرات". وصرخت فاطمة لفراق الرسول فقالت "يا أبتاه .. أجاب ربا دعاه.. يا أبتاه من جنة الفردوس مأواه إلى جبريل منفاه"، وبعد دفنه صلى الله عليه وسلم قالت لأنس "يا أنس كيف طابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله التراب"، فكانت أول أهله لحوقا به كما قال لها الرسول، فبدأت تستعد ليوم الممات، ومرضت بعده وبدأت تذبل وتنطفئ. وفي رمضان من العام الحادي عشر من الهجرة قبضت روحها وانتقلت إلى ربها، فصلى عليها زوجها وعمه أبو العباس وخرجت جنازتها لتدفن في البقيع مع إخوتها وأمها.