اعتاد مسلمو إندونيسيا على استقبال شهر رمضان بمظاهر احتفالية تميزهم عن سائر المسلمين في العالم, وتتبدل أنماط معيشتهم وتتغير بصورة كبيرة خلال شهر رمضان ويصبح شاغلهم الأول على مدى أيام الشهر هو العبادة وتلاوة القرآن، والإكثار من ارتياد المساجد. ويتميز سكان العاصمة الإندونيسية جاكرتا وخاصة سكانها الأصليين الذين يعرفون باسم "البتاويين" بترحيبهم الخاص برمضان الذي يغير من عاداتهم اليومية المعروفة لتظهر عاداتهم وتقاليدهم التي ارتبطت بالشهر الكريم. الإسلام في اندونيسيا وتعتبر اندونيسيا أكبر دولة من حيث عدد السكان المسلمين في العالم والتي يمثل فيها السكان المسلمون نسبة تزيد علي 85% من إجمالي عدد سكانها البالغ حوالي 238 مليون نسمة (وفق إحصاء عام 2010)- الإندونيسي خاصة مسجد الاستقلال بجاكرتا أكبر مساجد إندونيسيا ومنطقة جنوب شرق آسيا. ودخل الإسلام إلى إندونيسيا في القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي) على يد التجار المسلمين من العرب والهنود والفرس ثم انتشر بين جزر الأرخبيل عن طريق السكان الوطنيين أنفسهم، وكانت جزيرة سومطرة أول مركز للدعوة الإسلامية ونشأت بها أول دولة إسلامية. استقبال رمضان من مظاهر استقبال الشهر الكريم في إندونيسيا، الاهتمام بالمنازل وتزيينها ووضع الزخارف عليها، وكذلك تزيين الشوارع ورفع اللافتات, وصولا إلى العناية بالمساجد على نحو خاص, حيث يحرصون على أداء صلاة التراويح في كافة المساجد، كما يبلغ عدد ساعات الصوم هذا العام 12 ساعة. وتمنح الحكومة أجازة للتلاميذ في الأسبوع الأول من شهر رمضان، وتعقد المعاهد والمدارس برنامجًا خاصًا في رمضان يسمونه (PESANTREN KILAT)، وهو عبارة عن أنشطة خاصة أثناء رمضان للتلاميذ، يتضمن إفطارا جماعيا، وخواطر إيمانية، ومحاضرات ودروس وعبر من أحداث رمضان عبر التاريخ، ودروس خاصة للشباب. رؤية الهلال وتبدأ الاستعدادات لاستقبال شهر رمضان حتى قبل إعلان وزارة الشؤون الدينية الإندونيسية عن موعد بدء الشهر بأكثر من أسبوعين حيث تستند في ذلك إلى الرؤية الشرعية للهلال من خلال اللجان التي تبعث بها إلى مختلف مناطق إندونيسيا لاستطلاع الهلال, كما تضع في اعتبارها أيضا الحسابات الفلكية عند تحديد أول أيام الصوم. ومن التقاليد والعادات الرمضانية في إندونيسيا قيام المطاعم والمقاهي بإغلاق أبوابها في نهار رمضان كما تغلق النوادي الليلية خلال الشهر كمظهر من مظاهر الاحترام. كما تقدم المساجد وجبات الإفطار المجانية للصائمين, وتستقبل إندونيسيا الشهر الكريم بقرع الطبول الإندونيسية التقليدية المعروفة باسم "البدوق", وهي طبول ضخمة يتم قرعها فور الإعلان عن حلول شهر رمضان حيث تجوب الشوارع شاحنات صغيرة تحمل "البدوق", ويقوم الشباب بقرعها للاحتفال بقدوم رمضان كما تقرع هذه الطبول قبيل أذان المغرب مباشرة إيذانا بحلول موعد الإفطار وتعتبر هذه الطبول رمزا للشهر الكريم في إندونيسيا. موائد اندونيسية وتختلف موائد الإندونيسيين في أيام رمضان حيث يقبلون على تناول أنواع معينة من المشروبات والأطعمة والفواكه ويبدأ الصائمون إفطارهم بأنواع مختلفة من المشروبات مثل شراب "تيمون سورى" وهو نوع من الشمام, كما يحرص الكثيرون منهم على الإفطار على التمر واللبن اقتداء بسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم, ويقبل الإندونيسيون على تناول البطاطا حيث يقومون بسلقها وخلطها بالسكر البني وجوز الهند ويطلق الإندونيسيون على هذا النوع من حلوى البطاطا "الكولاك". ويحتل الأرز مكانا رئيسيا على موائد الإندونيسيين سواء في رمضان أو في شهور السنة الأخرى ويقدم في صور عديدة أشهرها الأرز المسلوق الأبيض والأرز المحمر الذي يعرف باسم "ناسى جورينج", ويقدم إلى جانب الأسماك أو الدجاج أو اللحوم. الشباب الاندونيسي يتجمع الشباب الاندونيسي بالقرب من المساجد لترديد الأناشيد والابتهالات الدينية حتى موعد السحور, يوقظون النائمين من أجل السحور مستخدمين الطبول التقليدية الكبيرة "البدوق". صلاة التراويح وصلاة التراويح في إندونيسيا يصليها المسلمون ثماني ركعات في بعض المساجد، وفي بعضها الآخر تصلى عشرين ركعة؛ ولا تلتزم تلك المساجد في أغلبها ختم القرآن كاملاً، بل تقرأ في صلاة التراويح ما تيسر من القرآن؛ وقد تتخلل صلاة التراويح أحيانًا كلمة وعظ أو درس ديني. ومن عادة أغلب المساجد أن تقرأ بعض الأذكار بين كل ركعتين من ركعات التراويح، كالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والترضي على الخلفاء الأربعة رضي الله عنهم وعن الصحابة أجمعين، وتشارك النساء في صلاة التراويح، ويصلين من وراء ستائر خاصة بهن، موضوعة في مؤخرة المسجد. حفلات ذكرى نزول القرآن تقام في هذا الشهر الفضيل حفلات خاصة بذكرى نزول القرآن الكريم، يتم الترتيب لها في القصر الرئاسي للدولة، وتستمر هذه الحفلات طيلة الشهر الكريم، ويشارك التلفزيون الاندونيسي والإذاعة الرسميان في نقل إحياء ليالي هذا الشهر الفضيل. صلح المتخاصمين «حلال بحلال» ومن التقاليد المرعية في اندونيسيا، أن المسلمين ينتهزون فرصة هذا الشهر المبارك ليتصالح المتخاصمون، ويتسامح المتهاجرون، ويتناسوا ما وقع بينهم من خلاف وشقاق، وتقام حفلات التصالح هذه عادة في المساجد، وتسمى عندهم حلال بحلال ويشرف على ترتيب المجالس التصالحية وجهاء الناس وعلماؤهم. انخفاض الجرائم ومما يميز هذا الشهر أيضًا على مستوى المجتمع في اندونيسيا أن نسبة الجرائم تنقص، ومظاهر المعاصي تنحصر تمامًا لقداسة هذا الشهر، ومن ذلك أن أصحاب الملاهي والمراقص يغلقون أبوابها خلال الشهر الفضيل، والناس بفطرتهم يقبلون هذه المنحة الغالية وينتهزونها لإصلاح العلاقة بينهم وبين ربهم، وبينهم وبين الناس من حولهم، ومن عادات المسلمين هناك الاستعداد ببرنامج خاص لاستقبال رمضان من خلال المواعظ الدينية والمحاضرات عن شهر رمضان وفضله. ليلة القدر ويحتفل المسلمون الاندونيسيون بالعشر الأواخر من رمضان ويرون أن ليلة القدر في الليالي المفردة من العشر، لذلك نجدهم ينشطون ويجتهدون في العبادة والطاعة في هذه الليالي الفضيلة، والبعض منهم يلزمون الاعتكاف في المساجد فلا يخرجون منها؛ ابتغاء مرضات الله، وطلبًا لثوابه. ليلة العيد وفي ليلة العيد يخرج المسلمون في إندونيسيا إلى الشوارع، يطوفون خلالها بسياراتهم أو على أرجلهم، وأصوات الجميع تهتف بالتكبير، ويرافق ذلك القرع على الطبول، والعزف على بعض الآلات الموسيقية؛ تعبيرًا عن فرحة العيد، وابتهاجًا بقدومه.