نظّمت كتلة المعارضة الرئيسية في كينيا مسيرة حاشدة في العاصمة نيروبي، للمطالبة بإجراء استفتاء شعبي على عدد من القضايا الحرجة التي تواجه البلاد. ووفقا لما ذكرته وكالة "الأناضول" فقد جاء في بيان تلي في نهاية المسيرة مساء أمس الإثنين، اقترح حزب "الائتلاف من أجل الإصلاح والديمقراطية"، أن تشرف الأممالمتحدة على الاستفتاء. وجاء في البيان الذي تلقت وكالة "الأناضول" نسخة منه، "نحن عازمون على عقد لجنة استفتاء وطني شاملة للجميع لغرض إعداد شعب كينيا لاستفتاء وطني حول التحديات الحرجة التي تواجه بلادنا"، دون أن يحدد ماهيتها. وأشارت كتلة المعارضة إلى أن فكرة الاستفتاء طرحت لأول مرة بعد فشل جولة من الحوار الوطني مع الحكومة، دون أن توضح متى جرت هذه الجولة أو تفاصيل عنها. وفي البيان الذي تضمن عدة نقاط، دعت كتلة المعارضة أيضا إلى تشكيل مجموعة يطلق عليها اسم "حركة أوكوا (انقذوا) كينيا"، غير أنها لم تحدد، متى ستشكل المجموعة أو كيف تخطط "لإنقاذ" الأمة. وقال البيان إن "الحركة ستدافع عن دستورنا، وحماية المكتسبات التي حققناها في إطار الحكم الديمقراطي، وإعادة تكريس أنفسنا للوحدة الوطنية والتعايش السلمي". وطالبت المعارضة بحل فوري للجنة الانتخابية المستقلة في كينيا، وتشكيل هيئة انتخابية جديدة. واتهموا اللجنة الانتخابية (الحالية) ب"التحيز" في الانتخابات الرئاسية عام 2013، التي انتهت بحلول زعيم المعارضة رايلا أودينغا في المرتبة الثانية وخسارته أمام خصمه الرئيس (الحالي) أوهورو كينياتا. وخرجت مسيرة أمس الإثنين، لتخليد ذكرى أكثر من 30 شخصا قتلوا يوم 7 يوليو/ تموز 1990 في احتجاجات مناهضة للحكومة. وأثناء المسيرة، عززت السلطات الإجراءات الأمنية، حيث أحاط أكثر من 50 ألف من أفراد الشرطة، والقوات شبه العسكرية متنزه "أوهورو بارك" الشهير في قلب العاصمة للحفاظ على القانون والنظام. من جانبه انتقد زعيم حزب "الائتلاف من أجل الإصلاح والديمقراطية"، رايل أودينغا، التواجد الأمني الكثيف في المسيرة. وقال خلال المسيرة "الشرطة في كل مكان، وكأن هذه هي وظيفة الدولة، بدلا من تعزيز الأمن في مقاطعة "تانا ريفر"، في إشارة إلى المنطقة الساحلية في كينيا التي شهدت مقتل 22 شخصا الأسبوع الماضي في أعمال عنف. وأضاف: "نقول لهم إن الكينيين وراءنا ونحن لسنا خائفين من البنادق". وفي كلمة وجهها للمشاركين في المسيرة، ألمح سيناتور "عضو مجلس الشيوخ" مومباسا، حسن عمر، إلى الموجة الأخيرة من الهجمات في البلاد، حيث قال "لا ينبغي إلقاء اللوم في هذه الهجمات القاتلة على الساسة، وشعب المنطقة الساحلية كينيا تحملت الوطأة الكاملة لهذه الهجمات المنتظمة، وكذلك عانى المسلمون". وشهدت كينيا مؤخرا سلسلة من الهجمات التي عادة ما تحمل السلطات مسؤوليتها لحركة "الشباب المجاهدين" الصومالية. وتزايدت هجمات حركة "الشباب" ضد كينيا بشكل كبير بعد إرسال نيروبي قوات إلى الصومال في أكتوبر/ تشرين الأول 2011، للمساعدة في إعادة سيطرة الحكومة المركزية في مقديشو على العديد من المناطق التي يسيطر عليها مقاتلو الحركة. من جهته، ناشد نائب الرئيس الكيني السابق، كالونزو موسيوكا، والرجل الثاني في المعارضة الآن، الرئيس كينياتا، لسحب القوات الكينية من الصومال المجاورة. وقال: "نريد أن تعود قواتنا إلى ديارها. وشعب الصومال فحسب هو الذي يمكنه ضمان أن يسود السلام في أمتهم، وليست القوات الكينية". وبدوره، قال عضو مجلس الشيوخ، جونستون موثاما، من مقاطعة "ماشاكوس" شرقي كينيا، ولت تلك الأيام التي كان يحكم فيها الطغاة البلاد، ولن "نسمح بالقمع بعد الآن". وهتف "موثاما "قائلا: "تقدموا إلى بيت الدولة" في إشارة الى مقر الإقامة الرسمي كينياتا، ردت الحشود: "جاهزون للتقدم إلى قصر الرئاسة". وفي ذات السياق، قال أوتينو كاجوانغ، عضو مجلس الشيوخ عن هوماباي في منطقة نيانزا المطلة على بحيرة فيكتوريا، ألهب حماس المتظاهرين بشكل جنوني عندما صاح: "اليوم هو اليوم الذي سنذهب فيه لإسماع أصواتنا.. سنذهب إلى هناك.. إلى قصر الرئاسة". بعد وقت قصير من تصريحات كاجوانج، بدأ مئات من أنصار المعارضة التحرك في مسيرة نحو مقر إقامة الرئيس، قبل أن يفرقهم أفراد الأمن المدججون بالسلاح. وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع في الهواء لمنع أنصار المعارضة من الوصول إلى مقر الرئاسة الذي غالبا ما يشار إليه من قبل الكينيين باسم "البيت على التلة". وبينما لم تجر السلطات أي اعتقالات، غادرت الحشود مكان المظاهرة، وكانوا ينشدون أغاني مناهضة للحكومة، إلا أن الشرطة طاردتهم مجددا ومنعتهم من إعادة تجميع صفوفهم. ولكن في كيسومو، ثالث أكبر المدن الكينية، والمعقل السياسي لأودينغا، ألقت الشرطة القبض على أكثر من 50 شخصا بتهمة "إحداث الاضطراب". وفي غضون ذلك، ظلت نيروبي، هادئة نسبيا، فيما أغلقت المحلات التجارية معظم أوقات اليوم بسبب المخاوف من النهب. وفي يونيو/ حزيران الماضي، أبدى الرئيس الكيني، استعداده للانخراط في حوار وطني اقترحت المعارضة عقده قبل 7 يوليو/ تموز الجاري حول التحديات التي تواجه البلاد، إلا أنه استبعد أي إمكانية لتقاسم السلطة. وفي كلمة ألقاها بمناسبة الاحتفال بالذكرى ال51 للحكم الذاتي في كينيا، المعروفة باسم يوم "ماداراكا"، قال كينياتا إن "ما نريده هو حوار وطني، ونحن مستعدون للحوار حول القضايا التي تهم الكينيين، مثل رفع المرتبات ومكافحة الإرهاب".