بعد أكثر من شهر على تدشين اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر لعملية عسكرية ضد كتائب الثوار المرتبطة برئاسة الأركان الليبية وتنظيم أنصار الشريعة يترقب سكان بنغازي (شرق) لمعارك محتمله لا تخلو من قذائف عشوائية تطال مساكنهم. هذه الحرب بين تلك الأطراف والتي أوقعت في مجملها أكثر من 100 قتيل، ناهيك عن أكثر من 200 جريح ألقت بظلالها عن المواطنين الذين نالهم نصيب من الأحداث إثر تساقط القذائف على مساكنهم وتزايد تردي الوضع الأمني بالمدينة. ودشن اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر في 16 أيار/ مايو الماضي عملية عسكرية اسماها "عملية الكرامة" قال إنها ضد كتائب الثوار (تابعة لرئاسة الأركان) وتنظيم أنصار الشريعة الجهادي بعد اتهامه لهم بالتطرف والإرهاب والوقوف وراء تري الأوضاع الأمنية وسلسلة الاغتيالات بالمدينة، فيما اعتبرت الحكومة تحركات حفتر بأنها انقلاب على شرعية الدولة. وفي ظل الحرب الكلامية القائمة حاليا والتي تصدر عن طريق بيانات للطريفين فإن الوضع يزداد خطورة كما أن الواقع على الأرض ينذر بقرب حرب لا تحمد عقباها. قوات حفتر، وهي قوات كونها اللواء الركن المتقاعد خليفة بالقاسم حفتر خلال بداية ثورة السابع عشر من فبراير/ شباط الليبية، وتتمركز بمنطقة الرجمة (حوالي 30 لم جنوب شرق بنغازي) قالت إنها تضاعفت 10 مرات، بحسب تصريحات إعلامية سابقة للواء المتقاعد وهي لا تغادر ثكنتها إلا في حالة نزولها للمدينة للاشتباك و ا يوجد لها تواجد على الأرض داخل المدينة. ورغم ذلك فإن قوات أخري موالية لحفتر تنتشر في المدينة خاصة بعد انضمام جميع الوحدات العسكرية النظامية له ما عدا كتيبة 204 دبابات التابعة للجيش الليبي والغرفة الأمنية المشتركة لتأمين بنغازي وهي قوات تشكلت في عام 2013 بقرار من رئيس وزراء ليبيا المقال علي زيدان وتتكون من وحدات مشتركة من الجيش والشرطة أوكلت لها مهمة حماية وتأمين المدينة. ويعد من أبرز القوات المتحالفة مع اللواء هي وحدة القوات الخاصة بقيادة العقيد ونيس بوخمادة وتعتبر من أهم وحدات الجيش الليبي في الشرق وتحظي بقبول كبير لدي الشارع الليبي كما أنها أكثر وحدات الجيش تدريبا وتسليحاً. وتتمركز هذه القوات في ثلاث ثكنات عسكرية متفرقة اثنين منها بمنطقة بوعطني (جنوب شرق) وأخري بمنطقة قاريونس (غرب) وتسمي شهداء الزاوية ولا يعرف مدي قوام منتسبيها خاصة بعد انضمام الكثير من المدنيين المتطوعين لها فور انطلاق الثورة الليبية عام 2011. وما يزيد من قوة اللواء حفتر على الأرض هو انضمام قاعدة بنينا الجوية وهي قاعدة تضم طائرات حربية يستخدمها اللواء في شن هجمات جوية من حين لأخر على أهداف يقول أنها تابعه لكتائب "متطرفة"، في إشارة إلى كتائب الثوار الإسلامية وتتخذ القاعدة من تكنه عسكرية بضاحية بنينا (جنوبية شرق) مكانا لها. هناك أيضا الوحدات الخاصة بحرية انضمت هي الأخري لقوات اللواء حفتر وتمتلك زوارق وجرافات حربية مجهزة كما أنها وحدة نظامية تابعه للجيش الليبي تتمركز بمنطقة وسط المدينة. الشرطة أيضا أعلنت انضمامها لتلك القوات وذلك في بيان صدر عن مديرية أمن بنغازي التي تتبعها جميع المراكز الشرطية في المدينة كما تضم العديد من الأقسام بينها البحث الجنائي والتدخل السريع والدعم المركزي ويجمعها مقر واحد بمنطقة الهواري جنوبالمدينة. ويقف على الطرف الأخر تنظيم أنصار الشريعة وكتائب الثوار التي كونت الأسبوع الماضي جسم سمي بمجلس شوري كتائب الثوار يضم كتيبة رأف الله السحاتي وكتيبة 17 فبراير وكتيبة حماية بنغازي وعمر المختار وكتيبة ليبيا الحرة إضافة إلى قوات درع ليبيا رقمي 1 و 2. ومجلس شورى ثوار بنغازي أعلن عن تأسيسه في مدينة بنغازي بتاريخ 20 يونيو/حزيران الماضي وهو مكون من كافة الكتائب الثورية في المدينة، وجاء في بيان تأسيسه أن " ثوار المدينة أسسوا مجلسهم هذا بعد أن أعلنت الحرب القذرة على ثوارها وأبنائها الشرفاء لإسقاط مشروعهم وخيانة دماء الشهداء"، في إشارة الي العملية العسكرية التي يقودها اللواء حفتر. وقد أعلنت وحدات تابعه لهذا المجلس سيطرتها الأسبوع الماضي على مستشفي الجلاء الحكومي وميناء المدينة البحري رافضة تعليمات من الغرفة الأمنية بإخلائها وتسليمها. وتتمركز الكتائب التابعة لمجلس شوري ثوار بنغازي بمناطق على أطراف المدينة منها القوارشة (شمال غرب) والهواري (جنوب) و قاريونس (غرب) وسيدي فرج (جنوب) التي تسيطر عليها بشكل كامل كما تقيم استيقافات أمنية أمام ثكناتها العسكرية. وتعلن حالة الطواري داخل تلك الثكنات التي تتعرض من حين لآخر لهجمات طائرات حفتر. وتعتبر كل تلك الكتائب مشكلة فور اندلاع الثورة الليبية عام 2011 والتي أطاحت بحكم العقيد القذافي ومعظم منتسبيها من الثوار ذوي التوجه الإسلامي الذين قدموا من جبهات القتال ضد قوات العقيد. وتساند تلك الكتائب في حربها على قوات حفتر تنظيم أنصار الشريعة الجهادي وهو جسم كونه الجهادي السابق في أفغانستان محمد الزهاوي بعد انشقاقه عن كتيبة رأف الله السحاتي وللتنظيم العديد من المواقع منها المعلنة والغير معلنه لكن أبرزها هو مزرعة بمنطقة الهواري (جنوب) كان يملكها احد قيادات نظام معمر القذافي كان قد قتل خلال الحرب الليبية 2011. كما يساند كتائب الثوار ضد اللواء حفتر الرأي السياسي من قبل الحكومة الليبية ورئاسة المؤتمر الوطني العام ودار الإفتاء كونهم يعتبرون ما يقوم به حفتر من عمل عسكري انقلاب على الشرعية. وفي حين تترقب الأطراف المتنازعة في المدينة هجوم كلا منهما على الآخر تتطاير قذائف الهاوزر والهاون والجراد المتبادلة من الطرفين لكنها تسقط في بعض الأحيان على منازل مخلفة قتلي من المدنيين كون كل تلك الثكنات العسكرية التابعة للطرفين تقع داخل تجمعات سكانية مدنية. أما مدنيا لتزال الحياة في المدينة مصابة بشبة شلل في ظل استمرار تعليق الملاحة الجوية بمطار المدينة وإغلاق الجامعات أبوابها أمام الطلبة كما أن المصارف الحكومية والخاصة قللت من ساعات العمل بها تخوفاً من وقوع اشتباكات دون سابق إنذار. كما انعكس تزايد العنف في مدينة بنغازي على عدة قطاعات أخري منها الصحة التي غادرت معظم الأطقم الطبية الأجنبية المدينة مخلفة حالة من الارتباك في القطاع كما أن الوضع التجاري أصبح في تراجع بسبب نقص عدد المتسوقين وتخوف أصحاب المحال التي تغلق مبكراً إضافة إلى أن إغلاق الميناء التجاري في بعض الأيام أزمة أخرى تصيب المدينة في مقتل.