كما جرت العادة في مقديشو، يواجه الصوماليون في كل رمضان ارتفاعاً حاداً يشمل غالبية المواد الغذائية، وخاصة السلع المرتبطة بهذا الشهر الفضيل، في ظل غياب كامل للتسعيرة الحكومية في الأسواق. والتسعيرة هي سِعْر تحدِّده الدّولة للسِّلع لا يجوز للبائع أن يتعدّاه، وإلا يعتبر مخالفا ويتم عقابا، وهو إجراء تتبعه بعض الدول، خاصة النامية، كنوع من الضوابط وفرض رقابة على الأسواق لمنع ارتفاع الأسعار. ورغم ارتفاع الأسعار، تشهد الأسواق المحلية في العاصمة مقديشو، نشاطا كبيرا نسبيا لشراء السلع الغذائية والاستهلاكية وسط إقبال ملحوظ من قبل المتسوقين الذين يسعون لتأمين احتياجاتهم خلال رمضان. المساومة على تخفيض السعر، تعم أفواه المشترين عند شراء المستلزمات في سوق "حمروين"، ثالث أكبر أسواق مقديشو، أملا في الوصول لسعر أقل للسلع التي يرغبون في شرائها، نتيجة الارتفاع الذي يطرأ على المواد الغذائية مقارنة بأسعارها قبل أيام قليلة، مع اقتراب شهر رمضان. فاطمة عبدي (30عاما) تجولت في سوق "حمراوين" لمدة ساعة ولم تشترِ شيئا؛ فأغلب السلع غالية جدا، قياسا بقدرتها على الشراء. وتقول فاطمة، في حديثها لمراسل وكالة الأناضول، "أكاد أن أرجع إلى بيتي دون شراء شيء؛ لأن ما معي من نقود لا يناسب الأسعار الغذائية في السوق." وتضيف أن استقبال رمضان عبء اقتصادى بالنسبة لذوي الدخل المحدود، متهمة التجار باستغلال هذه الأيام، ويرفعون أسعار المواد الغذائية، والمستلزمات الأخرى الخاصة بشهر رمضان." من جانبه، قال عبدالله أحمد، بعد أن قام بشراء سلع رمضانية متنوعة، "اشتريت جل مستلزمات هذا الشهر الفضيل التي لا تتعرض للتلف سريعا". وأضاف: "يوم بعد أخر يرفع التجار أسعار السلع ما يشكل عائقاً لذوي الدخل المحدود، حيث لا يوجد حكومة ولا جهة تضبط سعر السوق وتضع حدا لجشع التجار." وفي ظل معاناة الصوماليين خاصة البسطاء من الغلاء المعيشي الذي يسود الأسواق في العاصمة مقديشو قبيل الشهر الفضيل إلا أن الحكومة الصومالية اقتصر دورها باطلاق تصريحات عبر منابر الإعلام تطالب فيه التجار وأصحاب المحال بتخفيض اسعارهم الغذائية والسلع الأخرى. في المقابل يعارض عبدالله عمر، وهو تاجر صومالي يبيع السلع الغذائية، مقولة أن الأسعار شهدت ارتفاع كبيرا، التي اشتكى منها مواطنون، مشيرا إلى أن الفارق ليس كبيرا مقارنة بالأيام الماضية، ويضرب مثالا بسعر الكيلو الواحد من الأرز الذي يباع ب 15 ألف شلن صومالي (أكثر من نصف دولار) فيما يباع حاليا في الأسواق ب 18 ألف شلن صومالي. وأضاف عبدالله أن هناك احتمال لاستيراد مزيداً من التمور، والتي ستعرض قريباً في الأسواق نتيجة تزايد الهيئات الإنسانية التي توزع التمور، مع وجبات غذائية على المقيمين بمعسكرات النازحين ما يساهم قيمة الأسعار التي تباعها حاليا في الأسواق 40 ألف شلن صومالي أي مايقارب دولارين . ولتفادي الأسعار الجنونية للمواد الغذائية قبيل أيام من حلول شهر رمضان المبارك، يتبع معظم الصوماليين وخاصة ذوي الدخل المحدود وهي تخزين المواد الغذائية والمستلزمات الخاصة لهذا الشهر . ويقول أحمد عبدالله، المحلل الاقتصادي، إن "أبرز ما يساهم في الارتفاع الجنوني الذي تشهده الأسواق هو وصول موسم إغلاق البحر، حيث تتوقف حركة السفن التجارية لشدة الرياح التي تستمر لمدة شهرين (يونيو ويوليو وبداية أغسطس)، بالإضافة إلى غياب الرقابة الحكومية على الأسواق، وعدم وجود سياسة اقتصادية حكومية لمواجهة الغلاء المعيشي وذلك ما يسمح للتجار بالتلاعب بالأسعار بدون ضمير." وأشار عبدالله، في حديثه لوكالة الأناضول، إلى أن أن التجار يعتبرون شهر رمضان بشهر الربح حيث يظهر "تجار رمضان"، لا يظهرون غلا في هذا الشهر، وبعد أن يحققوا أرباحاً هائلة من الأسواق يختفون تماماً، ليعدوا العدة لرمضان القادم.