منتصر الزيات التقي المحامون في مدينة بورسعيد وهي رمزية مقصودة لاستلهام معاني الصمود ضد العدوان ربما لحاجة المحامين للصمود في معركة حامية الوطيس تفرض نفسها بمناسبة تعديل قانون المحاماة الذي يتمسك المحامون بإجرائه باعتبار أن شعار المؤتمر لهذا العام (نحو تعديل لقانون المحاماة). كان المشهد مهيبا في السرادق الكبير المشيد بوسط بور سعيد التي اعتادت للعام الثالث علي التوالي استقبال المحامين في مؤتمرهم العام السنوي أكثر من ثلاثة آلاف محام يمثلون شرائح مختلفة وألوان طيف متباينة من مختلف محافظات مصر توافدوا ليناقشوا مشروع البرنامج الذي قدمه سامح عاشور وقضايا أخري قومية وعربية ودولية. بينما أتوجه إلي المدينة الباسلة عصر الثلاثاء الماضي رغم وعكة صحية ألمت بي هاتفني أحد الأصدقاء الصحفيين يستطلع رأيي في انعقاد المؤتمر علي خلفية بيان أصدره مجموعة من المحامين ينددون بانعقاده ويعتبرونه إهدارا للمال العام!! وأن المؤتمر فنتازيا احتفالية خاصة لعاشور لا يسمح فيها بنقده أو مجلسه ويراد منه تمرير مشروعه الخاص لتعديل قانون المحاماة قلت لصديقي الذي لم ينشر ما قلته ربما لان إجابتي لم ترد علي نحو توقعه وأمنياته وهي آفة تلحق العمل الصحفي وتهدد تلك المهنة في صميمها أن توجه التحقيقات الصحفية لحسابات خاصة سواء كانت شخصية أو أيديولوجية أو فكرية. إن نظرة البعض للعمل النقابي والأنشطة الجماعية باعتبارها إهدار وتبديد نظرة سطحية ليسمح لي الزملاء الأعزاء بمخالفتها علي هذا النحو لأن أي ميزانية في الدنيا لا بد لها أن تراعي الثقيل من الأعمال والترفيهي أيضا في آن واحد فضلا عن أن المؤتمرات العامة السياسية أو المهنية النقابية هي من جنس التعبير عن الرأي والفكر والعقيدة وهي أمور من صميم العمل النقابي. إن إحاطة المحامين بقضاياهم وقضايا الوطن والأمة جد لا هزل فيه ولا يحتمله خلف بين زملاء في المهنة وبين نقيبهم لسبب حقيقي أو وهمي فكثيرا ما تصنع المواقف من خلال المؤتمرات وتكون سببا في تحولات وهي سمة الأعمال الجماهيرية عموما التي تعمل علي استنهاض الهمم وبث الحماسة في النفوس ثم التوافق علي موضوعات نقابية ووطنية وقومية. غالبني الصحفي المشاغب واستمر في تأكيداته خصوصية المؤتمر بشخص النقيب ربما استحضر هذه الملاحظة من غياب مجموعة الإخوان من لائحة الإعداد والتجهيز للمؤتمر واقتصاره علي مجموعة الأستاذ النقيب وهذا حق ربما يرجع لأداء المجلس منقسما بين دفتيه لكن المتابع لشأن نقابة المحامين يدرك أن هناك مؤتمرا أخرا تنظمه لجنة الشريعة وتشرف عليه بعيدا عن قائمة النقيب وهي إحدي إشكاليات عدم التجانس بين مكونات مجلس نقابة المحامين وإن هدأت العواصف شيئا كثيرا ويشاء الله أن نشهد في حفل الافتتاح بينما يلقي علي رياض نقيب محامي المنيا كلمة النقابات الفرعية ممتدحا سامح عاشور في كلمته بينما يقاطعه أحد شباب المحامين طالبا منه الكف عن مهادنة عاشور والتحدث في موضوعات المؤتمر وتقبل عاشور نفسه تلك الملاحظة أو المقاطعة بهدوء ومرت دون مشكلات من محبيه. لا يمكن أن نجد قضية يمكن أن يتفق عليها جمهور المحامين مثل ضرورة تعديل قانون المحاماة فالقانون الحالي أصبح رثا بدرجة لا يمكن السكوت عنها فقد نالت كثرة الثقوب من روب المحاماة الرفيع ومن تشريعاته ولوائحه وارتبطت ملفات مهمة خاصة بكرامة المهنة وتنقية الجدول من غير المشتغلين وحصانة المحامي بضرورة تعديل القانون فإذا ارتبطت ضرورة تعديل القانون بإمكانية ترشح سامح عاشور لدورات أخري فلا بأس فيه والجمعية العمومية هي التي تقرر إنجاحه أو إسقاطه، أما رفض تعديل القانون لمجرد حرمان عاشور فهذا تزايد ينبئ عن ضعف موقف المعترضين لا عن قوته وأنهم لا يملكون إسقاطه ومن ثم يطالبون ببقاء القانون علي حاله إنني مع ضرورة تعديل قانون المحاماة بما يليق بهذه المهنة العظيمة بحيث تعود للمحامي مكانته وكرامته واعتقد أنه مما يحسب لسامح عاشور أنه سن مقترحا ومشروعا للقانون طبعه وطرحه للنقاش والحوار نختلف مع بعض ما جاء به لكنه يصلح أساسا مناسبا للحوار والنقاش وصولا لأفضل الصياغات التي تحقق آمال المحامين وأحلامهم وتوظف طاقات وقدرات المهنة لصالح الشباب والشيوخ في آن. لقد غمرني المحامون علي هامش المؤتمر بمشاعر ودية فياضة جعلتني أراهن علي وحدتهم وقدرتهم علي تجاوز الأزمات المفتعلة نحو مستقبل أفضل. كان تفاعل المحامين المصريين في رفض التدخل الاجنبي واضحا رافضا أي أملاءات أمريكية علي السياسة المصرية ورفض المساعدات المالية التي تسمح للكونجرس الامريكي دس أنفه في شئوننا الداخلية وبلغت الذروة حينما أكد سامح عاشور أننا سنقاوم بالسلاح أي تدخل امريكي في بلادنا إبراهيم عيسي: لم أستطع أن أتم حضور جلسات مؤتمر المحامين ببورسعيد لاضطراري العودة وحضور التحقيقات التي أجرتها نيابة أمن الدولة مع الصحفي القدير إبراهيم عيسي في شائعة مرض الرئيس والحقيقة أن تلك المشكلة ترجع إلي غياب الشفافية والمصداقية في التعامل مع الصحافة والاعلام وأن حجب المعلومات يفتح الباب للتكهنات والشائعات وهو ما حدث بالضبط فيما يعرف بشائعة مرض الرئيس ولو التزمت الحكومة الصراحة والشفافية في تلك القضية ما حدثت تلك المشكلة أصلا وهو ما ينم عن خلفي بنيان الفكر الحكومي في التعامل مع القضايا الجماهيرية لقد جاء استجواب ابراهيم عيسي في إطار رغبة الدوائر الحكومية ارهاب أصحاب الرأي ومحاولة فرض مزيد من القيود الجائرة علي حرية الرأي والتعبير لتحقيق أغراض شخصية ومساعدة الفاسدين علي الافلات من سلطة الصحافة وقد كان ابراهيم عيسي كعادته قويا هادئا مطمئنا وشامخا لكن الذي استفدته من الحضور كان أكثر بكثير مما استفاده هو، فاستفدت حنكة أجوبته عن أسئلة مستفزة فقد كانت إجاباته نموذجية بالغة الدلالة في الاستخفاف بمن أرادوا الاستخفاف بنا.. سلا مات يا أبو خليل. عن صحيفة الراية القطرية 8/9/2007