بدأت خريطة تحالفات الانتخابات التشريعية المصرية التي تبدأ إجراءاتها الشهر المقبل في التبلور، حتى قبل إجراءات تنصيب الرئيس الجديد عبدالفتاح السيسي. وبدا أن المنافسة ستكون بين تحالف انتخابي على قاعدة دعم السيسي في مواجهة تحالف متوقع للمعارضة، فيما تغيب جماعة «الإخوان المسلمين» وحلفاؤها عن الاستحقاق. وكان الرئيس الموقت عدلي منصور أصدر مساء أول من أمس قانوني مباشرة الحقوق السياسية وتنظيم انتخابات مجلس النواب. وحدد القانون عدد الأعضاء المنتخبين ب540 نائباً منهم 420 ينتخبون عن طريق نظام المنافسة الفردي، و120 عن طريق نظام القوائم المطلقة المغلقة مقسمة على 4 دوائر انتخابية، على أن تضم دائرتان منهما 15 مقعداً لكل منهما ويخصص للدائرتين الأخريين 45 مقعداً لكل منهما، ويحق للرئيس الجديد تعيين 27 نائباً آخر بنسبة 5 في المئة من إجمالي المقاعد. ويلزم القانون الجديد بألا تقل المقاعد المخصصة للمرأة عن 56 مقعداً على القوائم الانتخابية، ولا تقل عن نصف مقاعد المعينين، بخلاف إمكان ترشحها على المقاعد الفردية. وبحسب الدستور الجديد، يلتزم الرئيس بالحصول على تزكية غالبية البرلمان لحكومته، فإن لم يحصل عليها يكلف حزب الأكثرية بتشكيل الحكومة، كما أن عليه الرجوع إلى الغالبية النيابية لتغيير رئيس الوزراء أو الوزراء، على أن يضع الرئيس بالاشتراك مع مجلس الوزراء السياسة العامة للدولة ويشرفان على تنفيذها، ما يبرز أهمية تشكيل البرلمان الجديد للرئيس المنتخب. وكشف عمرو موسى الذي تولى الإشراف على الحملة الانتخابية للسيسي، أنه يسعى إلى تشكيل تحالف انتخابي «يدعم الحركة السياسية التي سيقودها الرئيس». وتشمل جهود موسى أحزاب «المؤتمر» الذي كان أسسه، و «الوفد»، و «المصري الديموقراطي الاجتماعي»، و «المصريين الأحرار»، و «التجمع» و «الأحرار»، و «الحركة الوطنية» الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق أحمد شفيق، إضافة إلى حركة «مصر بلدي» التي يقودها وزير الداخلية السابق أحمد جمال الدين، وحركة «تمرد» التي لعبت دوراً رئيساً في الحشد ضد «الإخوان المسلمين»، إضافة إلى رئيس الاستخبارات السابق مراد موافي. وقال موسى في تصريح لصحيفة «الحياة» اللندنية إن قانون التشريعيات «أصبح أفضل في نسخته النهائية، لكننا الآن أصبحنا أمام أمر واقع ولا ضرورة للحديث حول تفاصيله، نحترم القانون وستجرى الانتخابات على أساسه». وأشار إلى أنه يبحث مع مجموعة من الأحزاب في «التحرك نحو الاستحقاق التشريعي، نتشاور معهم ونسعى إلى توافق وتفاهم بين الاحزاب ذات التوجه الواحد لدعم الحركة السياسية التي سيقودها الرئيس السيسي، ونحاول جمع الأحزاب الجدية والبعيدة من المصالح الخاصة، ونسعى إلى تلبية الالتزامات السياسية الملقاة على عاتقنا للمساعدة في الخروج بمصر من أزمتها». ورفض الحديث عن شكل التحالف الانتخابي وكيفية تقاسم المنافسة على الدوائر الانتخابية، قائلاً «لا نزال في الإطار العام نحو التفاهم، ومازلنا في بداية النقاشات». ومن جانبه، أكد مصدر أنه تم التوافق إلى حد كبير على اختيار اللواء مراد موافي ليكون رئيسا للحكومة المقبلة إذا ما حصد الائتلاف الأغلبية البرلمانية. في المقابل، تتجه أحزاب معارضة إلى تشكيل تحالف منافس لخوض التشريعيات، في مقدمها حزب «الدستور» الذي أسسه محمد البرادعي و «الكرامة» الذي أسسه حمدين صباحي و «التحالف الشعبي الاشتراكي». واعتبر رئيس «التحالف الشعبي» عبدالغفار شكر الذي أعلن وعدد من الأحزاب رفض قانون التشريعيات الجديد، أن تشكيل موسى تحالفه «من شأنه أن يضعف جبهة المعارضة التي بدأت تتبلور، إذ إنه سيجمع غالبية الأحزاب الكبيرة ذات القواعد الشعبية والقادرة على تدبير الأموال». وقال ل «الحياة» إن «الخريطة السياسية يعاد تشكيلها في تلك المرحلة»، منتقداً في شدة قانون التشريعيات الجديد، موضحاً أن تغليب المنافسة بالنظام الفردي «يعني أن الوصول إلى قبة البرلمان سيعتمد على القدرة المالية، كما أن اعتماد نظام القائمة المطلقة يعني فوز القائمة بكاملها التي تحصل على أكثر من 50 في المئة من الأصوات، ما يهدر أصوات الناخبين». ورأى أن «هذا القانون سيمكن القوى ذات النفوذ العصبي والعائلي والمالي من النجاح، أما القوى الأخرى غير القادرة، فلن تجد لها مكاناً، ما من شأنه زيادة إضعاف التعددية الحزبية وقطع الطريق على التحول الديموقراطي، حيث أن هناك أحزاب لن تتمكن عملياً من خوض الانتخابات». وانتقد حزب «النور» السلفي الذي يتوقع أن يخوض الاستحقاق التشريعي منفرداً القانون الجديد. وسيبحث الحزب الذي كان أعلن دعمه السيسي خلال الانتخابات، كيفية التعاطي مع القانون الجديد في اجتماع لقياداته اليوم. وكان رئيس الحزب يونس مخيون ناشد قبل ساعات من تمرير القانون الرئيس الموقت «ألا يختم فترة ولايته بإصدار هذا القانون المثير للجدل شكلاً وموضوعاً وألا يتحمل هو تبعات هذا القانون وآثاره، وأن تترك فرصة لمزيد من الحوار للوصول إلى صيغة توافقية لأهمية وخطورة هذا القانون الذي يحدد شكل الحياة السياسية ومسارها وملامحها في الفترة المقبلة».