تعتبر خطوط السكة الحديدية من أهم المشاريع التي تخدم المواطن في كل مكان، فهي تسهل حركة تنقله من مكان لآخر دون مشقة. وبجانب خدمة المواطن هناك بعض خطوط السكك الحديدية التي أنشأت لأهداف سياسية خاصة لخدمة قضية بعينها، أو لاستخدامها لأغراض عسكرية في الحروب، أو حتى مشاريع تقترحها حكومة جديدة لتثبت قدرتها علي النجاح. في سياق التقرير التالي نعرض أهم مشروعات السكك الحديدية التي أنشأت لأغراض سياسية وتعثر تنفيذها، وأخذت وقتا أكثر من غيرها. خط سكك حديد الحجاز «إن قصة الخط الحديدي الحجازي مأساة دونها المآسي الأدبية، حملته أمه ثماني سنين وعاش بعدما ولد عشر سنين ثم أصابته علة مزمنة فلا هو حي فيرجى ولا هو ميت فينسى»، بهذه الكلمات استهل الشيخ «علي الطنطاوي» قصيدته التي يرثي بها سكة حديد الحجاز الذي كان يعني الكثير للمواطنين وقتها. ولم تكن فكرة إنشاء سكة حديد هدفها الوحيد هو خدمة المواطن ورفع المعاناة عن كاهل الفرد، وإن كان هذا الهدف من أهم أهداف السلطان العثماني "عبد الحميد الثاني" خلال تفكيره في ربط الحجاز بالشام بخط سكة حديد واحد لخدمة حجاج بيت الله الحرام الذين كانوا يعانون الكثير خلال لرحلتهم لقضاء فريضة الحج. الهدف الحقيقي للمشروع بالإضافة لنقل خط الحجاز للحجاج، يخدم المشروع حركة الجامعة الاسلامية وهي حركة ظهرت في القرن التاسع عشر واستهدفت توحيد المسلمين في دولة كبرى ويعتبر "جمال الدين الأفغاني" أبرز الداعين إليها ورعاها السلطان عبد الحميد الثاني. وكان الهدف الأهم هو ربط أجزاء الدولة العثمانية المترامية الأطراف وتوحيد قواها وليحكم سيطرته علي مقاليد ومرافق الدولة فكانت هذه سياسته العليا في إنشاء خط السكة الحديد. وأنشئ هذا الخط عام 1900 وبدأ من دمشق ووصل عمان في عام 1902 وفي عام 1908 وصل أول قطار إلى المدينةالمنورة. ويعتبر السلطان عبد الحميد الثاني أول من أدخل السكك الحديدية، في القُطر العربي، حيث أنشئ في عهده الخط الحديدي من يافا إلى القدس سنة 1888م أول الخطوط الحديدية في الشام، وكان يخدم الحجاج المسيحيين القادمين من أوروبا وبلغ طوله 87 كم، كذلك تم إنشاء خط حديدي بين دمشقوبيروت بطول 147 كم، كان يقطعها القطار في ست ساعات. السكك الحديدية في الحروب برز دور خط سكك حديد الحجاز مع قيام الحرب العالمية الأولى عام 1914 فكان عاملا هاما في ثبات العثمانيين نحو عامين في وجه القوات البريطانية، وتعرض الخط للكثير من الضرر بسبب استخدامه في الأغراض العسكرية بعد أن استمر في عمله ما يقرب من تسع سنوات استفاد خلالها الحجاج والتجار. الشريف حسين وتدمير خط الحجاز كان خط سكك حديد الحجاز عقبة كبيرة أمام "الشريف حسين" مؤسس المملكة الحجازية الهاشمية وأول من نادي باستقلال العرب من حكم الإمبراطورية العثمانية، ولم يمكنه الخط من السيطرة علي المدينةالمنورة بعد القيام بالثورة العربية الكبرى بسبب اتصالها بخط السكة الحديد ووصول الإمدادات إليها. تم تخريب ونسف الخط بعدما حرض ضابط الاستخبارات البريطاني "لورانس" الشريف حسين عندما أقنعه "لورانس" باحتمال قيام "احمد جمال باشا" قائد الجيش العثماني باستغلال خط الحجاز في نقل قواته لإحباط الثورة العربية، مما أدي لنسف جسوره وانتزاع قضبانه، ولم تفلح المحاولات لإعادة تشغيل الخط أو تحديثه. مشروع لهدف سياسي مع اندلاع الحرب العالمية الأولي، فكرت إنجلترا في إقامة خط سكك حديدية بين مصر وفلسطين لخدمة مصالحها، ونقل الذخائر والعتاد والجنود من مصر إلى فلسطين، وتم بناء الخط من القنطرة شرق بالضفة الشرقية لقناة السويس وحتى غزة. وتم الانتهاء من إنشاء الخط عام 1918، ووافقت شركة قناة السويس في حينها على إقامة كوبري علوي أعلي القناة حتى يسهل ربط خط سكك حديد «القاهرة – السويس» بخط فلسطين مباشرة لتوفير الوقت، وكان ذلك بشرط تفكيك الكوبري بعد انتهاء الحرب. محاولات لإعادة الترابط في الآونة الأخيرة فكرت بعض الدول العربية في إعادة إحياء خطوط السكك الحديدية التي كانت تربطهم بعضهم البعض، فلذلك تقوم سوريا ولبنان بالتفكير بإعادة تسيير خط السكة الحديدية الذي يعود تاريخه إلى عام 1895 لربط كل من بيروتبدمشق، علاوة على التفكير بربط دمشقبعمان بسكة حديدية يمكن أن تسهل نقل السياح إلى سوريا التي تعمل بجهد على زيادة عدد السائحين إليها. كما أن هناك محادثات جارية بين سوريا والسعودية لإعادة إحياء خط سكك حديد الحجاز مرة أخري، وكان الخط السابق «الحجاز» يربط بين دمشقوالمدينةالمنورة مرورا بالعقبة في الأردن. مشروع لم ولن ينفذ بعد كانت حكومة الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء الأسبق اعلنت في أكتوبر 2012 عن عرض أسباني بقيمة 18 مليار يورو لتنفيذ مشروعي القطارين السريع والمعلق لربط 5 محافظات هي: الإسكندرية، القاهرة، الأقصر، أسوان والبحر الأحمر، وذلك لحل مشكلة الاختناقات المرورية في العاصمة، وانتهى المشروع بعزل الرئيس مرسي والحكومة في 30 يونيو 2013.