رصد مسئولون وخبراء خليجيون الأربعاء، مهددات أمن الخليج، وآليات مواجهتها، خلال مؤتمر نظمه مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة "دراسات"، بالمنامة. وبحسب المشاركين في مؤتمر "الأمن الوطني والأمن الإقليمي لدول مجلس التعاون: رؤية من الداخل"، الذي بدأ الأربعاء ويختتم أعماله اليوم الخميس، فإن أبرز تلك التهديدات، هي "الشرخ الجديد في العلاقات الخليجية، والسياسات الإيرانية المعادية، والخلل الكبير بالتركيبة السكانية، والاستقواء بالأجنبي، والإرهاب وتدفق الجهاديين". وذكرت وكالة "الأناضول" أن مقترحات المشاركين لمواجهة تلك التحديات، تضمنت المطالبة ب "تحصين دول الخليج من الداخل بسياسات تحافظ على علاقات سوية بين القيادات والشعوب، والعمل بشكل حثيث على تقوية أواصر مجلس التعاون لمواجهة كافة التحديات، بالتحول من مرحلة التعاون إلى الاتحاد، أو إلى تحالف كونفيدرالي، وتعزيز الذراع السياسي والدبلوماسي والمخابراتي، واكتساب المعرفة النووية". ودعا محمد عبدالغفار مستشار العاهل البحريني للشئون الدبلوماسية، ورئيس مجلس أمناء المركز المنظم للمؤتمر في كلمته الافتتاحية، دول الخليج إلى "صياغة إستراتيجية مفهوم استراتيجي شامل، على غرار ما يفعله حلف الناتو كل عشر سنوات"، بحسب وكالة الأنباء البحرينية. وأضح أنه يجب "أن تكون ركيزتها بناء وتطوير سياسات حقيقية للدفاع المشترك قادرة على ردع التهديدات، والتعاون الخارجي ضمن مظلة خليجية واسعة لا تتبع بالضرورة الاستراتيجيات الدولية الكبرى، بل تتعاون معها". وأكد عبدالغفار على أنه "لا خيار أمام دول الخليج كتنظيم إقليمي متجانس في نضوجه السياسي والتداخل المجتمعي وأواصر القربى، سوى أن تعاضد بعضها بعضاً". ورأى أنه "لم يعد الانفصال أو الانسحاب من هذا الكيان ممكنا؛ لفداحة خسائره الإستراتيجية التي لا تستطيع تحمل تبعاتها الدول المنضوية تحت المظلة الخليجية". من جانبه، أوضح رئيس الاستخبارات السعودي الأسبق، الأمير تركي الفيصل بن عبدالعزيز آل سعود، رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، أن المؤتمر "يأتي في ظل ما تشهده منطقتنا، من انكشاف استراتيجي في أعلي مراحله على المستويين الوطني والإقليمي". وأوضح أن هذا الانكشاف يأتي " في الوقت الذي كان يجدر بنا بعد أكثر من 30 عاما من تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية، أن نكون قد وصلنا إلى أعلى درجات التنسيق والتعاون، والوصول الى مرحلة الاتحاد لضمان أمننا واستقرارنا". واعتبر الفيصل أن أخطر ما يواجه دول الخليج اليوم، هو هذا الشرخ الجديد في العلاقات "الذي قد تتسلل منه إلينا تداعيات ما يشهده إقليمنا من توترات لا تأتي بالخير لدولنا ومجلسنا ولمستقبلنا الواحد ". وأضاف أن "المنطقة الآن، بعد مضى نحو 4 أعوام على بدء أحداث ما يسمي بالربيع العربي، باتت في مرحلة مخاض شديد"، مشيرا إلى أن ما جرى، يكشف مدي "هشاشة الأوضاع في كل المجالات في العالم العربي عموما". ولفت إلى أن "أهم ما كشفته مجريات الأمور في المنطقة، هو أن الأمن الوطني ليس عسكريا فحسب، لدرء المخاطر الخارجية، بل هو أمن سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي وإعلامي، وأن الاعتماد على تثبيت القوة في الأمن الوطني ليس ضمانة كافية لتحقيقه، وعليه فإن الشرط الأول للحفاظ على أمن دول الخليج ومجتمعاتها، هو زيادة تحصين هذه الدول من الداخل بسياسات تحافظ على علاقات سوية بين القيادات والشعوب". وفي سياق تناول العلاقات الخليجية الإيرانية، قال الفيصل "إننا في هذا الجانب من الخليج، نكن كل احترام ومحبة لأخوة لنا يقطنون الجانب الآخر من الخليج.. إلا أنه في الوقت الذي تحمل دول الخليج هذه النظرة تجاه الجارة إيران، نأسف لأن تكون سياساتها منغصا للأمن الإقليمي في منطقة الخليج". ورأى أن تلك السياسات تدعو للأسف، سواء كان "هدفها فرض الهيمنة السياسية، أم التدخل في الشئون الداخلية لبلداننا عبر تأجيج الفتن الطائفية ومحاولة تصديرها إلينا، أم من خلال غموض نواياها بشأن خططها للمعرفة النووية، وبالتالي امتلاك السلاح النووي، أم من خلال احتلال الجزر الإماراتية، أم بدعمها للحكم الطائفي في العراق، أو تدخلها العسكري لدعم النظام السوري الإجرامي، أو التدخل لتفتيت اليمن مذهبيا". ولفت إلى أن "الضرورة للحفاظ على أمننا، تدفعنا إلى العمل على إيجاد توازن مع إيران، بما في ذلك المعرفة النووية، والاستعداد لأي احتمالات في الملف النووي الإيراني". بينما اعتبر محمد صباح السالم الصباح، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الكويتي السابق، أنه "آن الأوان لانتقال دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى تحالف كونفدرالي". وأشار إلى أن هذا "أمر يستوجب الانتقال من مرحلة الدبلوماسية، إلى أشكال من السياسة الحقيقية التي تضع بالاعتبار، المخاطر والمهددات الوجودية لكيان دول المنطقة وأمنها الداخلي". ورأى الصباح أن "أية خلافات خليجية حالية، في ظل وجود ملفات خطرة، مثل الخلل الكبير بالتركيبة السكانية، يمثل تهديدا وجوديا لدول مجلس التعاون"، مؤكداً أنه لا "مجال لترف الخلافات في ظل وجود هذه المهددات". وحذر الصباح من أن "الاحتماء بالخارج والاستقواء بالأجنبي والبحث عن قوى خارجية لدعم موقف محلي، أمر في غاية الخطورة ونتائجه كارثية، ويشكل هذا الأمر تحديا لدول مجلس التعاون". من جانبه، حذر عبدالله بشارة رئيس المركز الدبلوماسي للدراسات الإستراتيجية، والأمين العام الأسبق لمجلس التعاون لدول الخليج العربية مما أسماه "تدفق الجهاديين".