اتفق خبراء سياسيون فلسطينيون على أن كل محاولات حركة "حماس"، التقارب مع النظام الحاكم في مصر، "لن تجدي نفعًا، ولن تؤتي ثمارها". ورأى الخبراء، في تصريحات لوكالة الأناضول، أن العلاقة بين حركة حماس «التي تشترك مع جماعة الإخوان المسلمين المصرية في المرجعية الفكرية» ومصر وصلت في الوقت الراهن إلى «نقطة اللاعودة»، وأن التقارب بينهما «شبه مستحيل» وفقا لما نقلته وكالة أنباء الشرق الأوسط. وقال وليد المدلل، رئيس مركز الدراسات السياسية والتنموية في غزة «مستقل» إن أي "لغة غزل سياسية جديدة تتبنّاها حركة حماس التي تدير الحكم في قطاع غزة منذ عام 2007، تجاه النظام المصري الحالي، لن يكتب لها النجاح". وأضاف: "النظام الحالي في مصر اتخذ قراره بتجريم الحركة وحظر أنشطتها والتعامل معها كحركة إرهابية". وتتهم السلطات المصرية حركة "حماس"، التي تدير غزة، بالتدخّل في الشأن الداخلي المصري والمشاركة في تنفيذ "عمليات إرهابية وتفجيرات" في مصر، وهو ما تنفيه الحركة بشكل مستمر. وأصدرت محكمة "الأمور المستعجلة"، بالقاهرة، في 4 مارس الجاري، حكمًا قابلاً للطعن، بوقف نشاط حركة "حماس"، داخل مصر، وحظر أنشطتها بالكامل، والتحفّظ علي مقراتها داخل مصر. وتابع المدلل: "مهما بلغت المرونة في خطابها وموقفها السياسي، وهو ما يحدث الآن، فثمة قرار اتخذته مصر، ولن تحيد عنه على الأقل في الوقت الراهن". وأشار إلى أن "النظام المصري يحارب هذه الحركة، لأنها امتداد لجماعة الإخوان المسلمين، التي يعتاش النظام الحالي في مصر من محاربتها وشيطنتّها داخليًا وخارجيًا". وفي المستقبل، قد تفرض ضرورات الحكم في مصر، معادلات جديدة تتمثل بقبول حركة حماس التي تدير شؤون قطاع غزة، والتعامل معها من منظور إنساني، ولو بشكل جزئي، كما أكد المدلل. غير أنه استدرك: "لكن في الوقت الحالي، من الصعوبة، بل من شبه المستحيل أن تعود المياه إلى مجاريها بين الطرفين، أو أن نشهد مصالحة بين مصر وحماس، رغم كل محاولات الأخيرة بالتأكيد وفي كل مناسبة على عدم التدخل في الشأن الداخلي المصري". وكان إسماعيل هنية، رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة في غزة، قد أكد خلال مهرجان نظّمته حركة حماس، الأحد الماضي أن حركة حماس لا تتدخل في شأن مصر الداخلي، مؤكدًا حرص الفلسطينيين في قطاع غزة على مصر "الشقيقة والعزيزة، ومصر العروبة والتاريخ والجغرافيا، ومصر الأخ والجار والشقيق الأكبر" على حد قوله. بدوره، قال هاني البسوس، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الإسلامية بغزة، إن أي محاولات تتخذها حماس، في الوقت الحالي، للتقارب مع مصر، "لن تلقى مصر لها بالاً". وأضاف: "حركة حماس وبشكل رسمي وواضح تعلن وفي كل مرة أنها لا تتدخل في الشأن الداخلي المصري، بل وتتعامل بشكل طبيعي ومسالم مع النظام الحالي، وتتجنّب التعليق على أي حدث يتعلق بجماعة "الإخوان المسلمين". ونأت حركة حماس بنفسها عن التعليق مؤخرًا على حكم أصدرته محكمة مصرية بإعدام عناصر وقادة من جماعة الإخوان، لكن المسألة كما يرى البسوس أكبر من "غزل سياسي، أو اعتراف صريح تقدمه الحركة للنظام الحالي في مصر". وتابع: "المسألة تجاوزت هذا كله، فالسؤال لدى مصر، والكرة في ملعبها، هل تقبل هي بالتعامل مع حركة حماس مع كل ما تبديه من مرونة؟!" وأكد البسوس أن المشكلة تكمن في "عداء" النظام المصري للحركات الإسلامية ومن ضمنها حركة حماس. ولفت إلى أنه "لا يمكن لهذه اللهجة السياسية أن تتغيّر إلا بمزيد من الوقت، وتبنّي مصر لمواقف جديدة تفرضها أجندة الواقع والمتغيرات في المنطقة". ويتفق عبد الستار قاسم، الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، مع "البسوس" في أن الكرة في الملعب المصري، وأن حركة حماس لا حول لها أمام القرار المصري المدعوم عربيًا وإقليميًا. وقال قاسم «أستاذ العلوم السياسية السابق في جامعة النجاح بمدينة نابلس شمال الضفة» إن "مصر تبالغ في ردة فعلها تجاه حركة حماس". وأضاف: "مصر لا تحارب حركة حماس وحدها بل هي تعاقب قرابة 2 مليون مواطن يعيشون في قطاع غزة، رغم أنه في الآونة الأخيرة تبنّت حماس لغة سياسية هادئة، وجاملت النظام الحالي، ولكن من الواضح أن قرارًا اتخذ ولن يتم التراجع عنه يتمثل في مقاطعة وتجاهل الحركة". وأشار المحلل السياسي إلى أن العلاقة بين حماس ومصر وصلت الآن وفي الوقت الراهن إلى نقطة "اللاعودة"، مؤكدًا أن أي تغيير يسير في الاتجاه العكسي، يحتاج إلى وقت كبير، ومتغيرات سياسية داخلية في مصر وأخرى مرتبطة بالوضع الإقليمي. وتعاني حركة حماس التي تتولى إدارة الحكم في قطاع غزة، من عزلة فرضتها متغيرات الوضع العربي والإقليمي، حيث فقدت حليفًا قويًا بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي في يوليو/تموز الماضي. كما يخضع القطاع لحصار فرضته إسرائيل منذ فوز حركة "حماس" في الانتخابات التشريعية عام 2006 وشددته عقب سيطرة الحركة على غزة في صيف العام 2007. وتغلق السلطات المصرية، معبر رفح، الواصل بين قطاع غزة ومصر، بشكل شبه كامل، وتفتحه فقط لسفر الحالات الإنسانية، منذ الإطاحة بمرسي. ويعيش قرابة مليوني فلسطيني في قطاع غزة واقعا اقتصاديا وإنسانيا صعبا، في ظل تشديد الحصار الإسرائيلي والمتزامن مع إغلاق الأنفاق الحدودية من قبل السلطات المصرية.