في مجتمع يتحايل على القانون والإنسانية والدين، باتت إنسانية وبراءة الفتيات الصغيرات محل الانتهاك، تخطف أحلامهم وضحكاتهم وتستغل سذاجتهم نحو مصير مجهول، وتحت مسمى الستر والبنت مصيرها للزواج يأتي زواج القاصرات. ووراء هذه الجريمة البشعة يظهر الأب والأهل ربما جناة، انتفت من قلوبهم الرحمة والإنسانية، أو مجني عليهم من الفقر وقسوة الحياة.. وتبقى "القاصر" الضحية الأكيدة المجني عليها. «القاصرات» في الشرع يقول د.محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية, والأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية إن لفظ القاصرات يطلق على الفتيات اللاتي لم يبلغن ومعناه العاجزات، وتحديد القصور من عدمه يرجع إلى الشرع، وقد أختلف الفقهاء في تحديد السن كأحد أسباب التكليف، وجرت معظم القوانين الدولية على ما اتفق مع مذهب الحنيفية، وهو بلوغ ثمانية عشر عاما، وهذا عند الأحناف في الغلمان، أما الفتاة عندهم فهى من بلغت سبعة عشر، ويعتبر هذا الكلام من ناحية التكليف. ومن ناحية الزواج فليس في الشريعة تحديد للعمر حيث لم يحدد الدين الإسلامي سنا صريحا كحد أدنى للزواج، وأقر بأن أركان الزواج هي الإيجاب والقبول وشاهدي العقد والإشهار، والإيجاب والقبول هنا يرتبطان بالإرادة التي لا تكتمل قبل الثامنة عشر، وذلك كما يرى بعض الفقهاء، لذلك فقد حرم الدين الإسلامي زواج "إسار الدًّين" أي تزويج الأب أو الأخ لابنته أو أخته سدادا لدينه، لأنها ليست سلعة، إلا أن الزواج في النهاية قائم على المصلحة، وكل فتاة تختلف عن الأخرى في المصلحة ولكن اشترط الشرع الولي لصحة عقد النكاح، وذلك ثقة بأمانة الولي ومعرفته بمصلحتها. السن القانوني للزواج يضيف الدكتور "الجندي"، القانون يشترط بلوغ الفتاة سن ال 18 للزواج، ويخضع زواج القاصر إلى قانون العقوبات وذلك لأنه يعتبر تزوير في محرر رسمي، ويعتبر هذا الزواج غير صحيح قانونيا لأن الفتاة تعتبر طفله حتى بلوغها سن 18 وقبل هذا السن لا يجوز للفتاة أن تتزوج طبقا لقانون الأسرة والأحوال الشخصية الجديد الذي حدد سن الزواج للإناث ب18 عاما بعد أن كان 16 عاما، وبالتالي فعقد الزواج لقاصر لم تبلغ سن 18 لا يعتد به أمام المحاكم وعليه ليس للزوجة القاصر التي لم تبلغ السن القانوني أي حقوق أمام المحاكم، إلا أن زواج هذه القاصر حلال شرعا مادام أنه تم بموافقة وإذن أبيها. موافقة الأب شرط في زواج الفتاة يوضح "الجندي" أنَّ الإسلام لا يسمح بخطف فتاة قاصر، ليعقد عليها الزواج بحجة أنها بالغة شرعا ولا تحتاج بالتالي إلى إذن ولي أمرها فهذا الكلام لا يعتبر صحيحا، فالزواج يشترط أن تكون الفتاة بالغة رشيدة، فالبلوغ في حد ذاته ليس كافيا في زواجها بدون إذن أبيها، بل يجب أن تكون رشيدة، فقد يصادف أن تكون فتاة بنت سبع عشرة وليست برشيدة؛ فالزواج ومسؤوليته يحتاج إلى توافر الرشد في الفتاة لذلك لا يمكن إهمال رأي الأب في زواجها. ولا يعني ذلك ابدا أن يزوّج الأب ابنته دون علمها، بل لابد من توكيلها له بمعنى أن الفتاة يجب أن تكون موافقة على هذا الزواج، وأن يوافق الأب أيضاً عليه. زواج «القاصرات» عرضة للفشل ويرى الدكتور "الجندي" أن زواج الفتاة القاصر يكون عرضة كبيرة للفشل، وذلك لعدم إدراكها لمفردات العلاقة الزوجية، فالزواج يحتاج إلى امرأة على درجة كافية من النضج تعي تماما معنى الأسرة والزوج. «القاصرات» في الفن توضح الكاتبة والناقدة السينمائية ماجدة خيرالله أن الدراما قامت بمعالجة قضية زواج القاصرات أكثر من مرة، وعكست مدى بشاعتها، إلا أن الدراما وحدها ليست بقادرة على القضاء والمعالجة لأنها أولا وأخيرا تعتبر مشكلة اجتماعية لابد من معرفة أسبابها واقتلاع جذورها. وتؤكد أن زواج القاصرات من مسنين عرب أو مصريين كارثة أخلاقية وإنسانية بكل المقاييس، وأن فقر الأسرة لا يبيح لهم أبدا التعامل مع بناتهم كسلع تباع وتشترى معتبرة، ذلك فقرا في الأخلاق وعدم الكرامة. اقرأ فى هذا الملف * أكتوبر والفيوم وأسيوط.. «بؤرة» انتشار زواج القاصرات * حالات حية لزواج قاصرات * علماء نفس ل "محيط ": عملية بيع وشراء لجسد الفتاة ** بداية الملف