يعيش الأطفال في مجتمعاتنا النامية انفتاحا معرفيا متناميا وثورة تكنولوجية عارمة تروج لها أدوات الدعاية المنتشرة حول العالم بما يخدم أهدافا بعينها، دون النظر إلى ما تسببه من مخاطر صحية تهدد الأفراد. ونظرا لهذا الانفتاح، عجزت مجتمعاتنا العربية عن استيعاب أخطار التكنولوجيا، وباتت خطرا يتحكم في مدخلات ومخرجات جيل تربى على غياب الرقابة، وأبرزها الألعاب الإلكترونية، التي انتشرت بين الأطفال كالنار في الهشيم دون وجود بديل لها، فيعيشون عالم خيالي بعيد عن الواقع يفرحون ويحزنون ويمارسون كافة أنشطتهم الإنسانية عبر لعبتهم المفضلة. ولما تسببه الألعاب الإلكترونية من أخطار صحية وجسدية تهدد مستقل أطفالنا، استطلعت شبكة الإعلام العربية "محيط"، أراء الخبراء حول أخطارها وما يمكنه أن تسببه. التأثير على هرمونات النمو من جانبها، أشارت الدكتورة ريم محمد طبيبة بمستشفى بلبيس، إلى خطورة مثل هذه الألعاب على صحة الأطفال بقولها: "هناك العديد من الدراسات والأبحاث كشفت عن خطورة مثل هذه الألعاب فالوميض الصادر من الإضاءة الموجودة في الألعاب الإلكترونية، يتسبب في حدوث نوبات من الصرع، والاستخدام المتزايد لهذه الألعاب الاهتزازية يزيد احتمال إصابة الأطفال بمرض ارتعاش الأذرع والأكف". كما أشارت أيضا إلى ظهور مجموعة من الإصابات الخاصة بالجهاز العظمي والعضلي نتيجة للحركة السريعة المتكررة أثناء ممارسة هذه الألعاب وكذلك تعب العمود الفقري نتيجة الجلوس الخاطئ لفترات طويلة وهو ما يعرف بأعراض التعب المتكرر، وأن كثرة حركة الأصابع على لوحة ذراع اللعبة والمفاتيح تسبب أضراراً بالغة لإصبع الإبهام ومفصل الرسغ نتيجة لثنيهما بصورة مستمرة. وأضافت الدكتورة ريم أن حركة العينين تكون سريعة جداً أثناء ممارسة الألعاب الالكترونية مما يزيد من فرص إجهادها، كما أن مجالات الأشعة الكهرومغناطيسية والمنبعثة من الشاشات تؤدي إلى حدوث احمرار العين وجفافها وكذلك الزغللة، وكلها أعراض تعطي الإحساس بالصداع والشعور بالإجهاد البدني وأحياناً بالقلق والاكتئاب. وحول الوقت الذي يهدر في ممارسة تلك الألعاب، أكدت أن الأطفال الذين يقضون ساعات طويلة أمام الألعاب الالكترونية يصابون بقصر النظر أكثر من غيرهم، بالإضافة إلى بقاء الأطفال سهارى لساعات طويل أماه شاشات الأجهزه الالكترونية يعمل على اضطرابات في جهازهم الهرموني. وأوضحت أن هناك هرمونات معينة لا تفرز إلا ليلا، مثل هرمون النمو وهرمون "الميلاتونين" وهو بالفعل ما يؤثر سلبا على صحة أطفالنا ونموهم . الألعاب الالكترونية تسبب الكسل يقول الدكتور إسماعيل يوسف رئيس قسم الطب النفسي بجامعة السويس، إن التواصل البشري هو أكبر متعة يشعر بها الإنسان في الحياة، لكن هذه المواقع والألعاب الإلكترونية تحرم أطفالنا من هذه المتعة. وأوضح أن الألعاب الالكترونية تعوق دون التواصل مع بشر من لحم ودم وتمنع من التفاعل مع الآخر ومعايشة ردود الأفعال والإحساس بها. ونوه إلى أن الأطفال عادة عندما تخوض اللعب يكون هناك مكسب وخسارة والألعاب الالكترونية تحرمهم من الشعور بلذة الفوز الحقيقية كذلك من الحزن في حالة الخسارة، مؤكدا أن " الإدمان وكراهية النفس أشار خبير الاجتماع الدكتور علي ليلة إن تعود الأطفال على ممارسة هذه الألعاب يؤدي بهم إلى الإدمان عليها، فهم يقضون معظم ساعات اليوم أمام الكمبيوتر، كما أنها تتسبب في زعزعة ثقتهم بأنفسهم والانقياد لآراء وتصرفات الآخرين. وأشار إلى أن تلك الألعاب تعمل على خلخلة نظام القيم لدى الأطفال نتيجة امتزاج الثقافات؛ حيث تعكس ثقافة دول وأجناس أخرى قد لا تتوافق مع ثقافة مجتمعاتنا العربية، كما أن مثل هذه الألعاب تؤدي إلى الكسل والخمول حيث يجلس الطفل لساعات بلا حركة كما أنها تعمل على قتل الإبداع لدى الأطفال حيث تنمي بداخلهم الحصول على المعلومة دون مجهود ذهني ". وعن الشق التربوي في تلك الظاهرة، شدد الدكتور محمود أحمد أستاذ علم النفس التربوي، على أن التكنولوجيا عموما لها آثار اجتماعية وأخلاقية سلبية؛ ويقود استخدامها إلى توجيه سلوك الفرد داخل المجتمعات بتأثر الفرد بثقافات ومعارف غيره على الشبكة وتطور تلك الأفكار إلى قناعات تنعكس كسلوك اجتماعي يمارسه الفرد داخل مجتمعه ويعبر عنه بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، يفاخر به أحيانا ويخجل منه أحيانا، ولا يستطيع مقاومته أحيانا أخرى. ونوه على أن تلك الألعاب تصيب الأطفال أيضا بالحساسية المفرطة ضد المؤثرات الطبيعية أكثر تأثرا من الكبار، كما تعمل على تسويق مبادئ غير أخلاقية من خلال عناوين جذابة وأيضا ضياع هوية الأمة في ظل الدعاية القوية التي تروج لها أدوات المعلوماتية . اقرأ فى هذا الملف * حوار مع "طفلة"..أسرة افتراضية من شخصيات الألعاب الالكترونية * «ألعاب» في ذاكرة التاريخ.. عودة إلى الطفولة * ألعاب الفلاش.. هل سيطرت على براءة الأطفال؟ * بداية الملف