بمناسبة صدور الطبعة العربية ، احتفل المركز القومي للترجمة أمس بكتاب "المجال العام –الحداثة الليبرالية والكاثوليكية والإسلام" لأرماندو سالفاتوري ،و ترجمة د. أحمد زايد . حضر الاحتفالية د. أحمد سالم أستاذ مساعد الفلسفة بكلية الآداب جامعة طنطا ،د. سامية قدري أستاذ علم الاجتماع بكلية البنات بجامعة عين شمس ،د. ياسر قنصوة أستاذ الفلسفة بكلية الأداب جامعة طنطا . و تحدث د. ياسر قنصوة أن الندوات و المناقشات ما هى إلا جزء أصيل من " المجال العام " ، و قال أن مترجم الكتاب تميز بأنه صاحب رؤية تنظيرية و تنظيمية ، ووصف الكتاب بأنه " قاطع الأنفاس " و كأنك فى ماراثون فكرى حيث نلهث وراء الكاتب متعدد الجنسيات سالفاتورى فى محاولة لمتابعة أفكاره القوية التى بلورها فى هذا الكتاب بين الأفكار المختلفة و الفلسفات . و قسم قنصوة الكتاب إلى مجموعة من مشاهد و لقطات فى صورة مسائلة ، و قال أن ما دفع أستاذ أكاديمى صاحب رؤية تنظيرية كأحمد زايد لترجمة هذا الكتاب ، هو " الحداثة " فنحن لدينا الحنين إلى الماضى و هم يملكون التفكير بالمستقبل . و يعبر سالفاتورى أن الحداثة ترتد إلى ذاتها عبر التراث ، و يصور كيف يكون التراث حيويا و الماضى ايجابيا و ملهما فى تشكيل المجال العام . كما رأى المؤلف أن الإسلام و الكاثوليكية تراث خصب للمجال العام ، فى حين هاجم علم الإجتماع الذى انشغل بالنظرية و استبعد الصالح العام . العلم الأصعب من جانبه قال د. أحمد سالم أن الكتاب مفيد لتداخله مع مجالات عديدة كالإعلام و علم النفس ، و بالأساس علم الاجتماع ، و قال أنه استغرق فترة طويلة فى قراءة الكتاب ، و رغم أنه استاذ فلسفة و لكنى لم يستوعب الكتاب بشكل تام فهناك مناطق غامضة ، و لم تتداركها الترجمة ، و لكن مع ذلك يعد الكتاب فريد فى " المجال العام " متناولا الحداثة الليبرالية و الكاثولكية و الإسلام . و الكتاب ينتمى للمجال النظرى ، و هو العلم الأصعب ، و نسى المؤلف ان هذا الكتاب لجيل من الباحثين فقير فى المعرفة ، فهناك العديد من الأجزاء تحتاج للشرح و التفسير و المناقشة ، و على المترجم أن يعى ذلك فالباحث لا يعرف حجم النقاشات المطروحة فى الكتاب . و تابع سالم أن الكاتب ركز على الطبقة الوسطى التى صنعت التنوير و الحداثة الاوروبية ، و المجال العام نظرية عالمية تتمركز بأوروبا ، و استطاع سلفاتورى أن يخرج من الرؤية الأحادية لأوروبا ، و البحث عن أصول الحراك عبر التاريخ الإنسانى . كما طرح أزمة علم الاجتماع الذى يتجاهل التراث الاجتماعى ، و أوضح أهمية العودة للتراث فى معرفة بناء القيم الاجتماعية . أما عن الفصل الذى يتحدث عن الإسلام توقف أستاذ الفلسفة أمامه كثيرا ، قائلا :الآن نحن وطن فى محنة ممزق بين جماعات تدعو باسم الله و لها وجود فى الشارع ، و بين نخب ليبرالية ليس لها ثقل فى الشارع . و تابع أن سالفاتورى إذا أدخل الله كموجه لمسار العلاقة بين الآنا و الآخر فقد يمتلك أحدهم الحديث باسمه ليفرض على الاخر ما يريد ، لذا فربط المجال العام بالسماء يخلق إشكالية سياسية . و هو أحد الأسباب الكبرى فى تدهور أورروبا فى العصر الوسيط ، بالتركيز على الدور الدينى فى المجال العام ، و عندما تم قطع تلك الصلة ازدهرت أوروبا . و ختم حديثه بأنه ليس هناك مجتمع مدنى بلا مجال عام ، و لكن هناك مجال عام بلا مجتمع مدنى و هذا ما نعايشه هنا . و أكد الكاتب أن العقل هو المركز فى المجال العام ، و أن الشريعة هى المعيار المقدس للحكم على الافعال الإنسانية فى الإسلام ، فى حين قال ابن سينا فى نظريته عن النبوة أن خطاب الرسول وعظى يعتمد على الخيال و الأسطورة و لكنه كان له تأثيره فى تحريك الأفراد ، و ركز سلفاتورى فى كتابه على كيفية تحويل التراث إلى ممارسة من خلال الدعوة و الوعظ ، و رأى ان الصوفية تعلمنا كيف نتذوق الإسلام بعيدا عن الأحكام الظاهرية للدين . المجال العام الكتاب من تأليف أرماندو سالفاتوري ،ومن ترجمة أحمد زايد،والصادر بالتعاون مع مؤسسة فورد،من خلال سلسلة العلوم الإجتماعية للباحثين الصادرة عن المركز القومي للترجمة. يناقش الكتاب فكرة مفهوم المجال العام وهو وجود مستوى من الفعل الاجتماعي من الإتصال بين الدول والمجتمع المدنى . وينتمى الفاعلون في المجال العام إلى الطبقات الوسطى المتعلمة وإلى البرجوازية،حيث يعبرعن المصالح والمشاعر المتجذرة في المجال الخاص وفي المجتمع المدنى عبر منتديات جماعية مثل حلقات النقاش في المقاهي والصالونات الأدبية،والنوادى والروابط التى قد تصل إلى تشكيلات حزبية . و المجال العام يرسل رسالة إلى الحكام تتعلق بالإرادة الجمعية للفاعلين الإجتماعيين المستقلين،ومن ثم فقد اُعتبر المجال العام " مدرسة للديمقراطية " ، خاصة في مراحل التشكل التى تسبق تكوين مؤسسات ديمقراطية كاملة. ويمكن للحكومة التى تستمد شرعيتها من أساس غير ديمقراطى أن تكبح تطوره،ولكنها لا تستطيع أن تفعل ذلك إلا في حدود معينة،لأن قوة المجال العام هي التى تسود في النهاية حتى بعد أن تفشل الثورات الديمقراطية الليبرالية "كما حدث في اوروبا في العام 1848". يذكر أن مؤلف الكتاب أرماندو سالفاتورى ،أستاذ علم الاجتماع المشارك في مدرسة الدراسات المتوسطية والاسلامية العربية بجامعة نابولى ،له العديد من المؤلفات حول الاسلام والحداثة. مترجم الكتاب،أحمد زايد،أستاذ علم الاجتماع السياسى بجامعة القاهرة ،له عدد كبير من المؤلفات ،نذكر منها "خطاب الحياة اليومية في المجتمع المصري" و "تناقضات الحداثة في مصر" و "صور من الخطاب الدينى المعاصر" .