بيروت: يتحدث كتاب "حلف المصالح المشتركة" الصادر عن الدار العربية للعلوم ناشرون تأليف الخبير في السياسة الخارجية الأميركية تريتا بارزي عن الحلف الذي يتكون من اسرائيل وإيرانوالولاياتالمتحدة وكيفيّة إجراء التعاملات السرية بينها. قال مستشار الأمن الأميركي السابق زبيغنيو بريجنسكي عن الكتاب أنه "دراسة ثاقبة ومثيرة، وفي الوقت المناسب تماماً تفك ألغاز كيفية تلاعب كل من إيران وإسرائيل بسياسة الولاياتالمتحدة في الشرق الأوسط بالرغم من أن العلاقات بين الطرفين تراوحت بين التواطؤ السرّي والتصادم العلني". اعتمد مؤلف الكتاب - وفق جريدة "الجريدة" الكويتية - على مقابلات أجراها مع كبار صنّاع السياسة الأميركيين والإيرانيين والإسرائيليين، ومن خلالها حصل على روايات للأحداث وتعرف إلى طريقة التفكير التي أنتجت القرارات الاستراتيجية، وبصفته مستشاراً لدى أحد أعضاء الكونجرس الأميركي، تمكن المؤلف من الاطلاع على بعض التعاملات السرية بين هذه البلدان أوردها في فصول الكتاب الأخيرة. عاد المؤلف في معالجته طبيعة العلاقات الإسرائيلية الإيرانية الى تاريخ إنشاء إسرائيل، وقد قام بذلك في ثلاثة أقسام منفصلة، عالج في القسم الأول منها السياق التاريخي للمثلث الأميركي الإسرائيلي الإيراني في أيام الشاه. بعد ذلك، قام بتفحص المعلومات الخاصة بالاتفاق التفاهمي الإسرائيلي الإيراني وخيانة الشاه لإسرائيل من خلال اتفاقية الجزائر عام 1975، فضلاً عن الجهود الإسرائيلية المكثفة لترقيع العلاقات الأميركية الإيرانية في ثمانينيات القرن الماضي وسياسة إيران المزدوجة في تعاملها مع إسرائيل انطلاقاً من إنكار حقها في الوجود من ناحية والقبول بدعمها وضبابية تعاملها مع القضية الفلسطينية من ناحية أخرى. في الفصل الثاني يبين المؤلف كيف غيّرت هذه الهزة التي أعقبت انهيار الاتحاد السوفياتي وهزيمة العراق في حرب الخليج في العام 1991 العلاقات بين الولاياتالمتحدةوإيران وإسرائيل بشكل جذريّ. ففي الشرق الأوسط الجديد الذي برز بعد هذا التصدع الجيوسياسي، لم تعد إيران وإسرائيل تنظران الى بعضهما كشريكين محتملين في موضوع الأمن، بل كمتنافستين في تحديد التوازن في الشرق الأوسط. وهنا يناقش المؤلف تحوّل إيران إلى خصم نشيط لإسرائيل، والتحوّل الكليّ لتل أبيب الى معارضة التقارب الأميركي الإيراني بدلاً من دعمه، إضافة إلى الجهود التي تبذلها كل من إيران وإسرائيل لإجهاض السياسات الأميركية في المنطقة التي يعتبرها كل من الطرفين بأنها تصبّ في مصلحة الآخر. تساءل وزير الخارجية الألماني السابق يوشكا فيشر يوماً: "من الذي يهيمن على الشرق الأوسط؟ إيران أم الولاياتالمتحدة؟". وبمجرد طرحه لهذا السؤال تكمن مقدرة إيران على التأثير في مجريات الأمور في المنطقة سلباً أو إيجاباً. وهذا أيضاً ما جعل المؤلف يعنون قسمه الثالث بالتطلع الى المستقبل. في هذا القسم يقدم المؤلف - وفقا لنفس المصدر - بعض التساؤلات: بماذا تفكر واشنطن في الوقت الراهن؟ وكيف يمكن أن تستفيد من إيران القوية بمثابة حاجز يحول دون وصول الصين إلى مصادر الطاقة في الخليج العربي وحوض قزوين كما سبق أن خدمت كحاجز في وجه الاتحاد السوفياتي قبل انهيار الشيوعية؟ لكن إسرائيل تعارض فكرة أن تؤدي إيران دوراً هامّاً أو تكون الأولى في المنطقة، ولذلك أسهمت في جعل البرنامج الايراني النووي مصدر قلق دولياً واسعاً وأقنعت واشنطن بتبني سياسة أكثر تشدداً، وهي لا تثق في الوقت نفسه، بحسب أوزي أراد، مدير الاستخبارات السابق في الموساد، بأن الإصلاح في إيران سوف يزيل الخطر الاستراتيجي الذي يهدد إسرائيل. كيف ستواجه هذه الأطراف حقيقة الأوضاع الراهنة؟ كيف ستواجه المستقبل المليء بالتحديات والنزاعات؟ هل تتمتع إدارة بوش ببعض الحظوظ للتخفيف من حدّة المنافسات الإسرائيلية والإيرانية والتقليل من خطر نشوب حرب كارثية تعمّ الشرق الأوسط وأميركا على عدة عقود قادمة؟ أسئلة يجيب عنها المؤلف في خاتمة كتابه.