صدر عن دار رياض الريس للكتب والنشر كتاب "أمريكا والإبادات الثقافية .. لعنة كنعان الإنكليزية" للباحث في الدراسات الأمريكية منير العكش، والذي يقدم بين دفتيه الإبادة التي مارسها الانجليز على مدى أربعمائة سنة في المنطقة التي تسمى اليوم بالولايات المتحدةالأمريكية. ويرصد المؤلف قيام الإنجليز بمحو أكثر من 18 مليون "هندي أحمر"، ومسحوا من ذاكرة التاريخ مئات الأمم والشعوب، كما فعلوا بعد ذلك في سكان استراليا ونيوزلندا وعشرات الجزر التي كانت تعج بالحياة. وأشار العكش الي أن المستعمر الإنجليزي لم يغب عن باله أن احتلال الأرض والإبادة الجماعية ليست كل شيء، وأدرك ضرورة ضرب ضحيته في مقتل والقضاء علي هويته ولغته وثقافته وتراثه الروحي. وبحسب صحيفة " البيان" الإماراتية فقد اختار باحث الدراسات الأمريكية ما اسماه ب"الإبادة الثقافية" لتكون موضوع هذا الكتاب، معتمدا على مراجعة مئات المصادر العامة وعلى البحث والتنقيب في صناديق الوثائق الحكومية التي تضم آلاف الأوراق التي ترى النور لأول مرة في صفحات هذا الكتاب. كشف العكش في طريقه نحو وصف "المحرقة الأخيرة للوجود" علي حد تعبير "رسل مينز" أحد زعماء الحركة الهندية، سجلات مفوضي المحفوظات الوطنية ووزارة الداخلية، وثائق قرن ونصف من وثائق الشؤون الهندية ومحفوظات الكونجرس والمنظمات التاريخية وغيرها. قسم المؤلف كتابه الي تسعة فصول تناول عبرها التطهير الثقافي الإنجليزي الي الحد الذي جعل شعوباً هندية صارت لا تعرف ولا تعرَف نفسها إلا بالاسم الذي أطلقه عليها غزاتها، فمسخت فكرة أمريكا "إستبدال شعب بشعب" جسد الضحية الهندية وثقافتها. "استباحة الجسد" أشار العكش في الفصل الثاني إلى معاناة الهنود في المدارس الداخلية التي اقيمت تحت دعاوي تمدين الهنود، فتعرضوا للاغتصاب الجنسي، الأمر الذي دفع الآباء الامتناع عن الإنجاب خشية انتهاكات المدارس الداخلية ونظام النقل الذي فرضه مكتب الشؤون الهندية وشركات التمدين. وعبر سياسة "الاستعمار الداخلي" صنع المستعمر جيلا من السماسرة يغني الغزاة عن الجيوش والأساطيل هي من إبداع توماس مكولاي رسول الإدارة الاستعمارية البريطانية إلى شبه الجزيرة الهندية والذي راح يقول: "علينا أن نبذل قصارى جهدنا لنربي طبقة تترجم من نريد للملايين الذين نحكمهم، طبقة من أشخاص هنود الدم والبشرة لكنهم إنجليزيو الذوق والأفكار والتوجه والأخلاق والعقل". وأبرز مؤلف الكتاب - بحسب المصدر نفسه - دور المبشرين في الابادة الثقافية والذين فرضوا تغييراً جوهرياً في البنى الثقافية والاجتماعية يمتد من السلوك الفردي إلى البنية الأوسع للتكافل الاجتماعي، حيث كانوا يحقنون التلاميذ بكراهية ثقافتهم ويوهمونهم بانحطاطها وتفاهتها مقارنة بثقافة الإنسان الأبيض وعقلية الانجليزي الراقية.