البيت الأبيض.. وحرب العراق جيمس كيرشيك أعلن حاكم ميتشجان جورج رومني - الذي كان يجول في فيتنام عام 1965 - عن أن التورط الأميركي هناك " صحيح وضروري أخلاقيا". على أنه بعدها بعامين، لم يسحب رومني- الذي كان يسعى إلى ترشيح الجمهوريين للرئاسة الأميركية لم يسحب فقط تأييده للحرب ولكنه زعم أيضا أنه قد خُدع وضُلل. وقال رومني لمراسل تلفازي من ديترويت سأله كيف يوفق بين آرائه المتغيرة:" عندما عدتُ من فيتنام، كان لدي أكبر عملية غسيل دماغ يمكن أن تحصل لأي امرئ". وكان رومني ( وهو الملقب بأبي ميتشجان) قد زار فيتنام مع تسعة محافظين أميركيين آخرين، كلهم أنكروا أنهم قد خُدعوا من حكومتهم. وبهذه الملاحظة، حُطمت آماله الرئاسية. وترددت ذكرى زلاته وأخطائه في الخطابة المعاصرة لكثير من الديمقراطيين الذين يستخدمون نفس الحجة بشكل أساسي عند مهاجمة إدارة بوش على الحرب ضد صدام حسين. وفي عام 2006، شرح جون كيري تمرير قرار الحرب على العراق من قبل مجلس الشيوخ الأميركي على هذا النحو:" نحن قد تم تضليلنا.. وتم إعطاؤنا دليلا لم يكن صحيحا". وفي مسار حملتها الانتخابية، راوغت وتملصت هيلاري كلينتون من اللوم على تصويتها المؤيد للحرب على العراق بالزعم بأن " الأخطاء قد ارتكبها هذا الرئيس، الذي ضلل هذا البلد وهذا الكونجرس". إن كل ديمقراطي بارز تقريبا كرر نسخة ما من هذه التهمة، والفكرة التي مؤداها أن إدارة بوش خدعت الشعب الأميركي أصبحت الرواية المقبولة لكيفية ذهابنا إلى الحرب. غير أنه بالرغم من الاتهامات الموجهة للبيت الأبيض ب" التلاعب " - بأنه ضغط على محللي الاستخبارات الأميركيين لربط صدام حسين ب" القاعدة " والدليل المفبرك بشأن أسلحة الدمار الشامل - إلا أن منتقدي الإدارة الأميركية يظهرون باستمرار عدم القدرة على التمييز بين تقديم مزاعم ليست مبنية على معلومات استخباراتية معيبة ونشر أكاذيب والدعاية لها عن عمد وعلم. وفي عام 2004، وافقت لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ الأميركي بالإجماع على تقرير يعترف بأنها " لم تجد أي دليل على أن مسئولي الإدارة الأميركية حاولوا إكراه أو التأثير أو الضغط على المحللين الاستخبارتيين الأميركيين لتغيير أحكامهم وتقديراتهم". وفي السنة التالية، لم يجد تقرير روب سيلبرمان الثنائي ( من الحزبين الجمهوري والديمقراطي ) بالمثل " أي مؤشر على أن الدوائر الاستخباراتية الأميركية شوهت أو أفسدت الدليل فيما يتعلق بأسلحة الدمار الشامل العراقية". وبمقارنة تلك النتائج بتقرير لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ الأميركي الصادر في الخامس من يونيو الجاري، نجد أن هناك فرقا. وفي تصريحه الصحفي معلنا عن التقرير، قال رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ الأميركي جون روكفيلر " للأسف، قادت إدارة بوش الأمة إلى الحرب بادعاء كاذب". غير أن تقرير روكفلير الحزبي جدا لا يدعم مزاعمه الأكثر تفجرا. فروكفيلر يلقي اتهاما - على سبيل المثال - بأن " كبار مسئولي الإدارة الأميركية أدلوا ببيانات وتصريحات متكررة ربطت بشكل زائف بين العراق و" القاعدة " كمصدر تهديد وحيد وألمحت بخبث إلى أن العراق لعب دورا في أحداث 11 سبتمبر". فما الذي وجده تقريره حقا؟ أن الروابط بين العراق و" القاعدة " أثبتتها ودعمتها معلومات استخباراتية" ونفس الشيء بالنسبة للمزاعم عن امتلاك صدام حسين لأسلحة بيولوجية وكيماوية وكذلك تشغيله المزعوم لبرنامج أسلحة نووية. إذا أراد الديمقراطيون أن يحاجوا ويدفعوا بأنهم قد تم " تضليلهم " في الحرب، فإنهم يجب أن ينفسوا عن غضبهم في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية " سي آي أيه ". بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، لم يرد الرئيس بوش أن يخاطر بالسماح لصدام حسين، الذي كان قد غزا مرتين دولا مجاورة وقتل أكثر من مليون عراقي ووقف في صف خرق قرارت مجلس الأمن الدولي بأن يظل ممتلكا ما أعتقد أنها مخازن من الرؤوس الحربية الكيماوية والبيولوجية وبرنامج أسلحة نووية. وبالتفسير الخاطئ لهذا التاريخ، توفر رواية الأكاذيب التي أدت إلى الحرب التي يرويها الديمقراطيون راحة كاذبة في عالم مليئ بالأخطار الكبيرة. نشر في صحيفة " لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست " ونقل من صحيفة " الوطن العمانية " 21/6/2008