إعلان صنعاء ويوم الأرض موسى ابو عيد قد يتساءل المرء ما العلاقة بين إعلان صنعاء الذي من المفترض أن يكون اتفاقاً للمصالحة بين حركتي فتح وحماس ويوم الأرض الذي تحل ذكراه في الثلاثين من مارس من كل عام؟ وفي الحقيقة فإن الرابط هو تصادف حدوثهما في شهر واحد وهما حدثان مفرحان إذا خلصت النوايا.
كما أن الشهر نفسه من عام 1978 شهد هو كذلك تنفيذ العملية البطولية التي قادتها الشهيدة دلال المغربي حيث نزلت ومجموعة من الفدائيين على الشاطئ الفلسطيني بزوارق مطاطية وخاضت معركة بطولية مع قوات الاحتلال الصهيوني واشرف عليها الإرهابي «ايهود باراك» والذي مثل بجثتها بعد استشهادها ؟
فسبحان مغير الأحوال فقد أصبح هذا الإرهابي حملا وداعية للسلام ويصافح المتهالكين على التسوية فيما يداه ما زالتا ملطختان بدماء الشهداء الفلسطينيين.. فهل يغير الذئب طبعه؟. وللذكرى فإن الشهيد خليل الوزير «ابوجهاد» رحمه الله المسؤول عما يعرف بالقطاع الغربي هو الذي خطط للعملية الفدائية البطولية فشتان ما بين حركة فتح عام 1978 وحركة فتح عام 2008.
وبالعودة إلى يوم الأرض المجيد فقد شكل الثلاثون من مارس 1976 منعطفا مهماً في حياة الفلسطينيين القابعين تحت الاحتلال الصهيوني منذ عام 1948 وأصبح ذكرى يحتفل بها الشعب العربي الفلسطيني في كل مكان باعتباره رمزاً لتمسك العرب الفلسطينيين بأرضهم في وجه عمليات التهويد ومصادرة الأراضي بالقوة وزرعها بالمستوطنات، وقد سقط 6 شهداء من عرب الداخل فيما أصيب العشرات بجراح على يد القوات الصهيونية.
وفي صنعاء استطاع الرئيس اليمني علي عبدالله صالح جمع الطرفين الفلسطينيين المتخاصمين والتوصل لتوقيع اتفاق مصالحة عرف باسم (إعلان صنعاء) لإنهاء الخلاف بين حركتي فتح وحماس وقد وقع الاتفاق موسى أبو مرزوق نائب رئيس الكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس وعزام الأحمد رئيس كتلة فتح في المجلس التشريعي الفلسطيني بصفته ممثلا لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس «ابو مازن «وبحضور أعضاء من منظمة التحرير الفلسطينية وزير الخارجية اليمني أبو بكر القربي.
ومنذ تم التوقيع على اتفاق المصالحة حاولت بعض الأطراف الفلسطينية في حركة فتح والسلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير التنصل من الاتفاق وإظهار الاتفاق بأنه مبادرة للتنفيذ وليس للحوار والمصالحة بين الحركتين واختلفت التفاسير والتأويلات لإفراغ الاتفاق من مضامينه.
ويمكن القول بوضوح إن من وجه سهامه إلى هذا الاتفاق هو «تيار الاسرلة» والذي يأتمر بالأوامر الأميركية و«الإسرائيلية» ممن يعتقدون أن الاتفاق سيسلبهم حقوقهم وامتيازاتهم التي طالما تشبثوا بها وقاتلوا من أجلها.
هذا في الوقت نفسه الذي شن فيه نائب الرئيس الأميركي حملة شعواء ضد حركة حماس خلال زيارته للأراضي المحتلة والذي أعلن تمسكه «بأمن إسرائيل» ورفضه للضغط عليها، فيما ساندته في مواقفه هذه وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس.
وفي الجانب «الإسرائيلي» هدد رئيس الوزراء الصهيوني «أيهود أولمرت» بالعمل على إقصاء حركة حماس وتدميرها وخير الرئيس الفلسطيني محمود عباس بين استمرار المفاوضات أو المصالحة مع حماس. وذهبت وزيرة الخارجية الصهيونية إلى ابعد من ذلك بقولها إن المفاوضات لا تشكل حماية لحركة حماس.
بمعنى ان حربها ضد حماس وسياسة الاغتيالات وقتل الأطفال والنساء وتدمير المنازل ومصادرة الأراضي في الضفة وغزة ستستمر بغض النظر عن المفاوضات والتي ستشهد لقاء بين سلام فياض رئيس وزراء حكومة تسير الأعمال الفلسطينية ووزير الحرب الصهيوني «أيهود باراك».
بعد سماح الكيان الصهيوني بنشر 600 عنصر من قوات الأمن الفلسطينية في جنين. وكأن اللقاء مكافأة لفياض على بسط الأمن حسب المفهوم «الإسرائيلي» على نابلس وجنين وعدم تحريك أي ساكن على عمليات التوغل الصهيونية واغتيال المقاومين في الضفة الغربيةالمحتلة. عن صحيفة البيان الاماراتية 29/3/2008