فاجعة بوش عاطف عبد الجواد قبل بدء عمليات غزو العراق في مارس 2003 عارض كثير من الساسة المحنكين الحرب وأعربوا عن معارضتهم لها علنا. وكان من بين المعارضين برنت سكوكروفت مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس بوش الأب الذي نشر مقالا في صحيفة وول ستريت جورنال اشتمل على وجهة نظره ، ونظرا للعلاقة الوثيقة بين بوش الأب وبين سكوكروفت اعتبر كثيرون هذا المقال بمثابة تعبير عن وجهة نظر بوش الأب ، ووسيلة لإبلاغ بوش الابن بوجهة نظر والده المعارضة للحرب. وحذر سكوكروفت ايضا من ان الحرب سوف تؤدي الى تقوية نفوذ ايران ، ولكن الرئيس بوش الابن رد على سكوكروفت قائلا بسخرية إنه يشكل بديلا مملا عن والده بوش الأب. وقال ايضا: إن سكوكروفت اصبح مزعجا كلما تقدم في العمر. في كتاب جديد صدر حديثا في الولاياتالمتحدة بعنوان (فاجعة بوش) يقول المؤلف جيكوب وايزبرج إن الرئيس بوش الابن دخل عالم السياسة القومية وهو مصمم على ان يكون عكس ابيه، الذي اعتبره رئيسا ضعيفا أخطأ عندما أبقى على صدام حسين في الحكم بعد حرب تحرير الكويت عام 1991، وعندما أخفق في اتخاذ موقف متشدد من الصين، وعندما لم يتباه علنا بانتصار أميركا في الحرب الباردة. لكن رغبة بوش الابن في ان يكون عكس ابيه كان لها دافع آخر وهو اقناع والديه بأنه يستحق الاحترام والإعجاب. لم يكن جورج هو الابن المفضل لدى والدته باربرا بوش. بل كان ابنها الأصغر جيب بوش هو اكثر حكمة وتعقلا وتفوقا من جورج ، الذي اتى الى والديه بمشاغبات ومشاكل كثيرة في صباه وشبابه المبكر. لقد جاء بوش الابن بمجموعة المحافظين الجدد واحاط نفسه بهم لأن والده كان يزدريهم وينأي بنفسه بعيدا عنهم. ويقول مؤلف الكتاب إن هؤلاء المحافظين الجدد هم الذين جاءوا لبوش الابن بالحجج والأسباب لانتقاد سياسات والده ، ووفروا له بديلا عن هذه السياسات. ويقول المؤلف وايزبرج إن غطرسة المحافظين الجدد دفعتهم الى تجاهل حقائق التاريخ والتركيبة الدينية والطائفية للشعب العراقي. كانوا يستخدمون النموذج التاريخي للديموقراطية في اليابان والمانيا للتأكيد على ان العراق اليوم سوف ينهج نهج اليابانيين والألمان بعد الحرب العالمية الثانية. لقد صدم ثلاثة من المنفيين العراقيين عندما التقاهم الرئيس بوش قبل الحرب، في بداية عام 2003 ، لإطلاعه على الشأن العراقي. لماذا الصدمة؟ لأنهم اكتشفوا ان الرئيس بوش لم يعرف الفرق بين السنة والشيعة. قبل الحرب بذل زعماء عرب من بينهم الملك عبد الله الثاني والرئيس حسني مبارك جهدا لإقناع الرئيس بوش بأن الحرب في العراق سوف تؤدي الى تقوية النفوذ الإيراني عن طريق انشاء مثلث الشيعة في العراق ولبنان وايران. ولكن بوش الابن كان يعتقد ان اباه اخطأ لعدم دخوله بغداد في عام 1991 وأن الديموقراطية في العراق كفيلة بمواجهة المد الإيراني في المنطقة. لكن مؤلف الكتاب يعتقد أن قرار الحرب سوف ينظر إليه في التاريخ كقرار خاطئ مهما آل إليه مستقبل العراق. سنواصل مناقشة مضمون كتاب ( فاجعة بوش). عن صحيفة الوطن العمانية 24/3/2008