كان العرب على وشك ان يتخذوا »خطوات نحو التطبيع« مع حكومة نتنياهو ان لم يكن بعضهم قد اتخذ بالفعل عرفانا بالجميل للرجل الذي جار على نفسه وعلى ائتلافه المتشدد وفكّر في وقف الاستيطان »غير الشرعي« مؤقتاً في الاراضي الفلسطينية المحتلة باستثناء القدس.
غير ان نتنياهو المراوغ ظل يلاعب المبعوث الامريكي لايام من دون ان يقدم اي تنازل يذكر في جولة دبلوماسية قيل انها حاسمة فشل جورج ميتشل بالحصول على تنازل من نتنياهو وابلغ الفلسطينيين بذلك ويبدو انه اعترف بالفشل ايضا في اجتماعه الخميس الماضي مع الملك عبدالله الثاني. والمفارقة ان ميتشل وبعد سلسلة من الجولات في المنطقة والاجتماعات الطويلة مع المسؤولين الاسرائيليين في تل ابيب ولندن وواشنطن وباريس لم يتوصل الى »ارضية لحل وسط« على حد قول صائب عريقات!
نتنياهو ليس مستعداً لتقديم تنازلات تعطي لمحمود عباس الفرصة للقبول بلقائه في نيويورك, فهو ماض في مخططه الاستيطاني ويرسم من طرف واحد ملامح الحل القائم على "السلام الاقتصادي".
الملك عبدالله الثاني التقط المسألة بدقة بعد جولة ميتشل الفاشلة وحذر العالم وواشنطن على وجه التحديد من نوايا نتنياهو, كل ما تسعى اليه اسرائيل حسب جلالته تعطيل المفاوضات وايجاد فراغ تستغله في فرض الامر الواقع والاستمرار في بناء المستوطنات«. هذا ما يحدث فعلا على الارض فيما العرب منهمكون في بحث نوعية الخطوات التطبيعية التي ينوون اتخاذها تجاه اسرائيل.
والخطورة في منطق نتنياهو وسياسته تكمن في نجاحه بجعل الاستيطان في القدس خارج نطاق المفاوضات او ما تسمّى بالتنازلات وفق التعريف الاسرائيلي. وقد شكل الاجتماع الذي ترأسه جلالة الملك قبل ايام لفعاليات مقدسية رداً عمليا مباشراً على سياسة حكومة نتنياهو التي تحاول استثناء القدس من اي مفاوضات مقبلة.
الادارة الامريكية تشعر بالحرج وهي تقف عاجزة امام تعنت نتنياهو ولم يعد بفصلنا عن خطاب الرئيس الامريكي باراك اوباما في الجمعية العامة للامم المتحدة سوى ايام فاي خطة للسلام سيتحدث عنها اوباما بعد فشل مهمة ميتشل.
ثمة محاولات تبذل الآن لاحتواء الفشل الدبلوماسي بدعوة عباس ونتنياهو للقاء ثلاثي مع اوباما عباس. يرفض المشاركة في اللقاء قبل ان تعلن اسرائيل تجميد الاستيطان, لكن المراقبين يعتقدون ان الرئىس الفلسطيني لن يقوى على مقاومة الضغوط الامريكية وسيقبل في نهاية المطاف الجلوس مع نتنياهو اكراماً لاوباما وان لم يفعل ذلك فسيتهم بعرقلة الجهود الامريكية.
بينما يظهر نتنياهو الى جانب اوباما كما لو انه رجل سلام لا يجد شريكاً فلسطينياً يملك شجاعته!
بهذا المعنى يصبح الاجتماع الثلاثي هدفا بحد ذاته وتصبح المفاوضات مع اسرائيل اكثر ما يطمح اليه الفلسطينيون والعرب ونعود من جديد الى دوامة عملية السلام. ويبدو ان الادارة الامريكية ستداري فشلها باعلان رئاسي عن استئناف المفاوضات وليس خطة لتحقيق السلام كما وعد اوباما من قبل0