بعد تقرير فينوغراد: مستجدات الصراع السياسي في إسرائيل د. أسعد عبد الرحمن كتب (ناحوم برنياع) و(شمعون شيفر) يقولان: هناك اليوم في اسرائيل على الأقل عشرة سياسيين يريدون الوصول الي التاج: اولمرت، نتنياهو، بيريس، باراك، أيلون، بيرتس، لفني، شطريت، موفاز، وديختر. هذا ما هو معروض على البسطات، وهذا هو بنك القيادة. كل واحد ونواقصه ونقاط ضعفه: لا يملك أي واحد منهم المعايير التي تحددها لجنة فينوغراد. وهناك شك في أن يتمكنوا من اجتياز اختبار حتى أقل تشددا من تقرير فينوغراد. لطالما ظللت آثار حرب لبنان (2006) الحلبة السياسية الإسرائيلية وصاغت مشهدها. ولا تزال الاستطلاعات تمنح أفضلية لزعيم حزب الليكود (بنيامين نتنياهو) على غيره في الانتخابات المقبلة. وكان رئيس الوزراء رئيس حزب كاديما (إيهود أولمرت) الأقل حظوة لدى الجمهور مقارنة ب (نتنياهو) لكنه -بعد تقرير فينوغراد النهائي- تجاوز زعيم حزب العمل (ايهود باراك). وكان (باراك) و(نتنياهو) قد لاحظا، على حد سواء، أن التقرير المرحلي للجنة فينوغراد خلق أصداء ضد (أولمرت) وأعاد لكل منهما الحلم بعودة مظفرة إلى كرسي رئيس الحكومة. لذلك ما كان من (أولمرت) إلا أن عاد ليطرح نفسه رجل السلام الوحيد الممكن مع الفلسطينيين وبالتالي ضرورة بقائه على رأس السلطة. غير أن الأكثر خطورة بالنسبة لحزب كاديما هو التضعضع الداخلي، فبعد إعلان (أفيجدور ليبرمان) عن استقالته من الائتلاف الوزاري وسعيه لإجراء انتخابات مبكرة، توقع محللون نهاية وشيكة لحكومة (أولمرت). وكما قال (آري شبيط) في صحيفة هآرتس في مقالة تلخص آراء كثيرين الأمر الذي يبرر الاقتباس المطول منها: ضمن المفهوم الضيق والفوري، حرب لبنان الثانية كانت حربا حمقاء، حدث خطير تجسد فيه الفشل في القيادة. قادة صيف 2006 يتحملون مسؤولية ادارة حدث وطني كتلك الحرب باهمال اجرامي. كل القادة الكبار والميدانيين تقريبا اضطروا لتحمل المسؤولية عن لامبالاتهم، وانصرفوا. بقي رئيس الوزراء وحده . وأضاف: الحرب كشفت حقيقة أن القيادة الوطنية ليست جديرة بالمنصب فبدلا من مواجهة المشاكل الوجودية الاساسية الاسرائيلية هي تعكف على الحفاظ على بقائها الشخصي. الحرب كشفت حقيقة ان اسرائيل كانت دولة سوق مزدهرة مع ثقافة سياسية ملوثة وفاسدة - سياسة تفتقد للعمق والاستقامة ومصابة بالاهمال والعفن. الآن، أكثر المعنيين بتقديم موعد الانتخابات هو (نتنياهو) المرشح للفوز بأكبر عدد من المقاعد وتشكيل الحكومة المقبلة. ولهذا السبب بالذات، أحجم (باراك) أكس فقط عن تأييد تقديم موعد الانتخابات التي ستسفر عن فوز خصمه اللدود. لذلك من المرجح عند عديد المراقبين استمرار باراك في إطالة عمر الحكومة والعمل على تغيير ميزان القوى في أوساط جمهور الناخبين لضمان فوزه لاحقا. في المقابل، حملت الصحف الإسرائيلية أنباء مختلفة (لم تتأكد بعد بشكل ملموس) عن تحالفات عقدها (باراك) مع وزيرة الخارجية (تسيبي ليفني) ضد (أولمرت) وضد مؤتمر أنابوليس، ثم مع آخرين في كديما، لكن صدور التقرير النهائي وعدم إدانة رئيس الحكومة سيؤدي حتما إلى إضعاف خصوم أولمرت الداخليين. التنازع يجري على قدم وساق بين الثالوث (أولمرت وباراك ونتنياهو) دون أن يكون بينهم من ينتظر تحديد موعد الانتخابات، فكل منهم يريد حسم الأمور بأقرب وقت ممكن. وفي هذا السياق، هناك الكثير من السيناريوهات المتضاربة: منها سعي نتنياهو لتقسيم حزب كديما بهدف جلب أكبر جزء منه إلى خانته وتشكيل جبهة تقود إسرائيل في المرحلة المقبلة. وفي هذا السياق، يعرض الكاتب الإسرائيلي (بن كاسبيت) الوضع في إسرائيل بالقول: ما يوجد لدينا الآن: أولمرت، باراك ونتنياهو. ومن هذه الثلاثية سيخرج القائد القادم لإسرائيل. وهذا أمر يبعث على الاكتئاب الكبير. ثلاثة أشخاص ذوي مواهب كل في مجاله، ولكنهم مثيرون كبيرون للمشاكل . وعن (نتنياهو) و(باراك) يقول: هذان الاثنان يحرصان على السقوط مرة تلو الأخرى في نفس برميل الحشرات الذي كانا قد نجيا منه بصعوبة في المرة السابقة . وهما أيضا كما يقول (ايتان هابر) رئيس ديوان رابين سابقا: بيبي وباراك مثل توأمين سياميين في طفولتهما، ويقومان باستخدام نفس الذرائع والتبريرات لعودتهما نحو القيادة السياسية: أخطأنا. فشلنا. تعلمنا الدرس. تغيرنا. فلتستقبلوا العريس والعروس بتصفيق عاصف ! ومع ذلك، وبعد صدور التقرير النهائي للجنة فينوغراد، فإن الحياة السياسية الإسرائيلية لم تعد حبلى بالأحداث الدراماتيكية التي كانت واردة قبل أيام. عن صحيفة الرأي الاردنية 3/2/2008