بعد أن أعلنت وزارة الصحة المصرية، أنه تم حجز ست حالات اشتباه في الإصابة بمرض انفلونزا الخنازير في القاهرة والمحلة والغردقة، وأنه تم الكشف عن الإصابة رقم 23 بالمرض نقول لماذا نصمم أن نكون كالعير يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول؛ فالحجر الصحي أوصى به النبي محمد صلي الله عليه وسلم منذ مئات السنين.
ألم تعلموا أن النبي محمد صلي الله عليه وسلم قد قال : ( الطاعون بقية رجز أو عذاب أرسل على طائفة من بني إسرائيل، فإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها فرارا منه، وإذا وقع بأرض ولستم بها فلا تهبطوا عليها) متفق عليه [البخاري ومسلم]
و قال صلى الله عليه و سلم : ( الطاعون كان عذابا يبعثه الله على من يشاء، وإن الله جعله رحمة للمؤمنين، فليس من أحد يقع الطاعون فيمكث في بلده صابرا محتسبا يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له، إلا كان له مثل أجر شهيد(رواه الإمام أحمد في مسنده وصحيح البخاري
و قال صلى الله عليه و سلم : ( الطاعون غدة كغدة البعير، المقيم بها كالشهيد، والفار منها كالفار من الزحف) رواه الإمام أحمد في مسنده عن عائشة وقال السيوطي إنه حديث حسن ، وهذا يؤكد أن الحجر الصحي من أهم الوسائل التي جاء بها الإسلام لمقاومة انتشار الأمراض الوبائية قبيل ألف وأربعمائة عام, وقاية للمجتمع وحفاظًا علي النفس الإنسانية .
و يظهر بجلاء كما تقدم أن الأحاديث النبوية الشريفة قد حددت مبادئ الحجر الصحي كأوضح ما يكون التحديد ، فهي تمنع الناس من الدخول إلى البلد المصاب بالطاعون أو أي وباء كما أنها تمنع أهل تلك البلدة من الخروج منها.
و منع السليم من الدخول إلى أرض الوباء قد يكون مفهوماً بدون الحاجة إلى معرفة دقيقة بالمرض لكن منع سكان البلدة المصابة بالوباء من الخروج و خاصة منع الأصحاء منهم يبدوا عسيراً على الفهم بدون معرفة واسعة بالعلوم الطبية الحديثة .
فالمنطق و العقل يفرض على السليم الذي يعيش في بلدة الوباء أن يفر منها إلى بلدة سليمة حتى لا يصاب هو بالوباء !! و لكن الطب الحديث يؤكد أن : الشخص السليم في منطقة الوباء قد يكون حاملاً للميكروب أو الفيروس والكثير من هذه الفيروسات والأوبئة تصيب العديد من الناس و لكن ليس كل من دخل جسمه الميكروب أو الفيروس يصبح مريضاً .. فكم من شخص يحمل جراثيم المرض دون أن يبدوا عليه أي أثر من آثار المرض.
و هناك أيضاً فترة حضانة المرض وهي الفترة الزمنية التي تسبق ظهور الأمراض منذ دخول الميكروب إلى الجسم و في هذه الفترة يكون انقسام الميكروب و تكاثره على أشده و مع ذلك فلا يبدو على الشخص في فترة الحضانة هذه أنه يعاني من أي مرض .. و لكنه بعد فترة قد تطول أو قد تقصر على حسب نوع المرض و الميكروب الذي يحمله تظهر عليه أعراض المرض الكامنة في جسمه وهذا ما وقع بالأردن مؤخرا بالنسبة للطلبة الوافدين من الخارج.
و من المعلوم أن فترة حضانة التهاب الكبد الوبائي الفيروسي قد تطول لمدة سنوات.. كما أن السل قد يبقى كامناً في الجسم لشهور عديدة وطويلة .
والشخص السليم الحامل للميكروب أو الفيروس أو الشخص المريض الذي لا يزال في فترة الحضانة يعرض الآخرين للخطر دون أن يشعر هو أو يشعر الآخرين لذا جاء المنع الشديد و كان الذنب كبيراً كالهارب من الزحف وهذا يعد نوعا من الإعجاز العلمي للسنة المطهرة .
وقد جاء موقف الحكومات العربية والإسلامية علي غير المتوقع , فلم يعلنوا الحجر الصحي بين دولهم وبين الدول الموبوءة حتى الآن ، وأعتقد أن الوقت قد حان لضرورة استدراك الموقف وفرض الحجر الصحي بين الدول الإسلامية والدول التي ظهر فيها المرض.
وظهر واضحًا تدخل دول لها مصالح في منع الحجر الصحي بين الدول الموبوءة وباقي دول العالم حتى لا تحاصر دول مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسبانيا وأستراليا فتصاب بمقاطعة كلية شبيهة بتلك التي تفرضها علي فلسطيني قطاع غزة الأحرار.
في برنامج البيت بيتك في مطلع هذا الأسبوع قال المفتي المصري السابق الدكتور أحمد الطيب في مداخلة هاتفية ردًا على سؤال الإعلامي محمود سعد تعددت الآراء الدينية وتضاربت الفتاوى حول أمر أنفلونزا الخنازير برأي من نهتدي : رأي المفتي أم شيخ الأزهر ؟ فكان رد الدكتور الطيب غريب حيث قال رأي أهل الطب والمختصين، الأمر الذى أسعد كثيرا من الأطباء الموجودين وكادوا يصفقوا لما سمعوا .
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هنا لماذا لم يعلن الأطباء في مصر ومنظمة الصحة العالمية الحجر الصحي وفرض الحصار الكامل علي الدول الموبوءة كالولاياتالمتحدةالأمريكية وإسبانيا وأستراليا؟ ومن المسئول عن الأرواح التي من المؤكد أن تموت جراء هذا الوباء ؟
ومن الملفت أنه لم تتعالي إلى الآن النداءات بضرورة الحجر الصحي الشامل بيننا وبين الدول الموبوءة ولكن تعالت أصوات أخرى.تدعوا إلى إلغاء الحج والعمرة هذا العام ومنهم وزير الصحة المصري الدكتور حاتم الجبلي وزير الصحة الذي دعا المواطنين المصريين إلى تأجيل رحلات الحج والعمرة بقدر الإمكان خوفاً من انتشار أنفلونزا الخنازير، مؤكداً أنه سيتم تطبيق الحجر الصحي على جميع الحجاج العائدين إذا ظهر المرض في السعودية.
وأيده في ذلك لجنة الفتوى بالأزهر الشريف التي أجازت تأجيل رحلات العمرة والحج لحين انتهاء خطر مرض أنفلونزا الخنازير, مؤكدة أن تأجيل رحلات الحج والعمرة خوفا من الوباء يستند إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوا عليه، وإذا وقع وأنتم بأرض فلا تخرجوا فرارا منه".
في حين دعا الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية، إلى ضرورة الإجتهاد الجماعى بين كل المجامع الفقهية المعترف بها على مستوى العالم الإسلامي، للخروج بفتوى موحدة توضح موقف الشريعة الإسلامية حول مدى جواز تأجيل أداء الحج والعمرة، بسبب انتشار فيروس «أنفلونزا الخنازير».
وقد عقدت لجنة الصحة بمجلس الشورى المصرى إجتماعات مفتوحة لبحث أزمة إنتشار أنفلونزا الخنازير أبدي خلالها النائب محمد فريد خميس رئيس لجنة الصناعة والطاقة بمجلس الشورى تخوفه من تزايد الحالات المصابة بمرض إنفلونزا الخنازير بين المصريين فى موسم الحج, وقال خلال إجتماع لجنة الصحة بمجلس الشورى أن الحكومة عليها الآن إصدار فتوى حول إمكانية منع الحج هذا العام إذا كان جائزاً دينياً.
ولعلنا لاحظنا أن هناك اتفاق حول ضرورة منع العمرة والحج هذا العام وأنا أؤيد مثل هذه الأراء إستنادًا إلى أحاديث رسول الله لكن مازال سؤال يطرح نفسه بداخلي لو تم إعلان الحجر الصحي بالدول الإسلامية كما أمر به الإسلام هل كان لهذا الوباء أن ينتشر في ديار الإسلام لان المرض جاء إليها من خلال المرضي المصابين القادمين من البلاد الموبوءة ؟ وهل كنا سنسمع مثل هذه الأصوات التي تنادي بمنع فريضة الحج والعمرة هذا العام ؟ وهل سينتهي هذا الوباء هذا العام لنقوم بأداء الحج والعمرة العام القادم ؟
أعتقد أنه حان الوقت لفرض الحجر الصحي علي دولاً مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل إلخ ، وادعوا البرلمانيين إلي القيام بمسئوليتهم حيال ما جرى من عدم فرض الحجر الصحي علي تلك البلدان ؟
والسؤال الذي يطرح نفسه بعد أن أكد الدكتور صالح الشيمى رئيس لجنة الصحة بمجلس الشوري أن مرض إنفلونزا الخنازير ليس شديد الضراوة ولكن شديد الإنتشار، فهل الحكومات العربية وعلى رأسها الحكومة المصرية لازالت تعتقد انه يمكنها مواجهة هذا المرض سريع الانتشار دون فرض الحجر الصحي الذي دعت إليه السنة النبوية المطهرة ؟