ايران تكسب مرتين فماذا عن العرب؟ حسين الرواشدة يبدو ان طهران قد التقطت فعلا الذبذبات التي انطلقت مبكرا من «اوباما» اثناء حملته الانتخابية ، وربما تكون رسالة التهنئة التي ارسلها احمدي نجاد للرئيس الامريكي الفائز وهي الاولى من رئيس ايراني منذ الثورة تتويجا لجهود بدأت عبر وسطاء بين الطرفين الايراني والامريكي لفتح صفحة جديدة من الحوار والتفاهم «وهذا ما عبر عنه اوباما في دعوته الى «حوار غير مشروط» مع الايرانيين ، كمنطلق لترتيب اكثر من ملف في المنطقة.. ابتداء من العراق الى الاسلحة النووية.. الى فلسطين ولبنان ايضا. والسؤال: هل صحيح ان اوباما يريد ان يبدأ «بايران» كمنطلق لاعادة ترتيب علاقات واشنطن بالمنطقة ، وهل تشكل طهران محورا اساسيا يعتمد عليه اوباما في انقاذ سمعة واشنطن التي تضررت في السنوات الثمانية الماضية بسبب حروب بوش ، وهل بوسع الايرانيين ان يلعبوا الدور الابرز في تغيير التفاهمات والعلاقات التي استقرت بفعل مواجهة الصراع الذي اتخذ من «الارهاب» غطاء لافراز ما ظهر من محاور واستقطابات ، وماذا عن العرب، هل سيكون لهم نصيب من هذه الحوارات أم أنها ستكون على حسابهم ، وبالتالي فان تفاهم واشنطنوطهران سيزيد من قوة ايران واستئثارها بالادوار المتاحة وسيلحق العرب بما تقرره هذه التفاهمات من نتائج.. او بما تفضي اليه من خرائط جديدة. من المؤكد ان اوباما قد ادرك فعلا بأن الايرانيين اصبحوا اللاعب الوحيد في المنطقة ، وبأن اي اجراء امريكي في العراق لا بدّ ان يمرّ من بوابة طهران ، كما ان أي تسوية للملفات الاقليمية ، سواء في لبنان حيث يرتبط حزب الله بشكل أو بآخر بالمحور الايراني ، أو في فلسطين حيث طهران الداعم الاساسي لحماس والجهاد ، لا بد ان تراعي المصالح الايرانية.. وعليه فان المخاوف التي كان يعبر عنها البعض تجاه واقع الفراغ الذي ملأته ايران في العراق او في غيره ، ستتصاعد ، وربما يتوجب على الذين اتهموا الايرانيين باختراق الساحات العربية والاسلامية ، ان ينتبهوا الى ان هذا الاختراق الذي حصل فيما مضى رغما عن ارادة واشنطن. سيتم هذه المرّة بالحوار والتفاهم معها.. وهذا يتطلب وعيا عربيا ، أو هجمة استباقية تتجاوز القاء التهم والملامة الى ابداع خطة او مبادرة ، ليس في اتجاه واشنطن والغرب عموما ، ولكن باتجاه العرب انفسهم اولا ، وباتجاه العرب مع جيرانهم الايرانيين ثانيا ، فالتفاهم العربي العربي ، والعربي الايراني ، هو الوحيد القادر على افراز جبهة موحّدة ضد اي «مغامرة» امريكية أو ضد الاستفراد الامريكي بأية دولة ، وخاصة ايران التي يبدو انها تراهن الان على مسألتين: دور محوري واساسي في المنطقة ، وعلاقة طبيعية مع واشنطن والغرب مع ضمان حرية «الحركة» واللعب في المواقع والجيوب التي تشكل امتدادا طبيعيا لنفوذها في المنطقة والعالم. اذا كان الجانب العربي يتوقع من الرئيس الامريكي الجديد ان ينحاز اكثر الى قضاياه ، في فلسطين او العراق او غيرهما ، فهذا التوقع وان كان مجرد وهم يحتاج من العرب الى مساعدة انفسهم اولا ، والى احترامهم لمراكز القوة الداخلية التي تؤهلهم للمطالبة بحقوقهم ، وهو درس نتعلمه من ايران التي فهمت منطق الآخر وتعاملت معه على اساس من الندية والتكافؤ ، لا المناشدة والتمنيات فقط. رسالة أحمدي نجاد الى اوباما ، ربما تمهد لمرحلة جديدة من التغيير الذي اشار اليه خطاب اوباما عشية الفوز ، لكن ما هي الرسالة التي يمكن للعرب ان يرسلوها الى الرئيس الجديد.. وهل سيكون صداها في البيت الابيض مساويا لصدى رسالة احمدي؟ وماذا عن اللواقط العربية التي يبدو انها حتى الان لم تغير اتجاهاتها لاستقبال «التغيير» الامريكي الذي حصل.. وهل سندفع مرّة اخرى ضريبة الحوار.. مثلما دفعنا سابقا ضريبة الحوار.. والهدية في الحالتين لايران فقط. عن صحيفة الدستور الاردنية 8/11/2008