السيسي يهنئ الشعب المصري ورجال القوات المسلحة بمناسبة الاحتفال بذكرى انتصارات أكتوبر    البنك الأهلى اليونانى يستكمل إجراءات التخارج من السوق المصرية قبل نهاية العام الجارى    8 بنوك تمنح شركة تابعة ل«بالم هيلز» تمويلاً مشتركًا بقيمة 10.3 مليار جنيه    تقارير إسرائيلية: توقعات بوصول قائد القيادة المركزية الأمريكية إلى إسرائيل للمساعدة بتنسيق الرد على إيران    محافظ الغربية ووزير الشباب يفتتحان الملعب المنجل بمركز شباب الفرستق    أرقام مميزة ل فيكتور بونيفاس رفقة بارين ليفركوزن    تفاصيل غرق طالب بنهر النيل في الحوامدية    اليوم.. العرض المصري «حيث لا يراني أحد» يشارك في مهرجان ظفار الدولي للمسرح    حبس موظف تحرش بسيدة أجنبية في المعادي    الإمارات تُطلق حملة إغاثة لدعم لبنان ب 100 مليون دولار    «الإفتاء» تنظم البرنامج التدريبي «التأهيل الفقهي» لمجموعة من علماء ماليزيا    الصحة: فريق الحوكمة والمراجعة الداخلية يتفقد مستشفى الغردقة العام ويحيل واقعة تقصير للشئون القانونية    البورصة المصرية تربح 71.1 مليار جنيه في أسبوع    الأرصاد تكشف تفاصيل حالة الطقس غداً الأحد ودرجات الحرارة المتوقعة (تفاصيل)    تأجيل إعلان جوائز مسابقة ممدوح الليثي بمهرجان الإسكندرية لدول البحر المتوسط    الدفع ب9 سيارات إسعاف لموقع حادث اصطدام «ميني باص» بشجرة في الإسماعيلية    كومباني يوضح صعوبة مواجهة فرانكفورت في الدوري الألماني    نقابة المهن الموسيقية ترعى مؤتمر الموسيقى والمجتمع في جامعة حلوان    عاجل.. تأجيل إعادة محاكمة متهم بتفجير فندق الأهرامات الثلاثة لحضور المحامي الأصيل    وزير الصحة: حملة 100 يوم صحة قدمت أكثر من 103 ملايين خدمة مجانية خلال 65 يوما    «العمل» تعلن عن 4774 وظيفة للشباب.. تعرف على التخصصات    خلال 24 ساعة.. تحرير 534 مخالفة لغير الملتزمين بارتداء الخوذة    موعد مباراة منتخب مصر ضد موريتانيا في تصفيات أمم أفريقيا    القوات الروسية تحرر بلدة جيلانوي فتورويي في جمهورية دونيتسك الشعبية    اليابان تجلي 16 من رعاياها من لبنان بطائرة عسكرية    خبيرة: مشروع رأس الحكمة أحدث استقرارا نقديا انعكس إيجابيا على مناخ الاستثمار    «إسلام وسيف وميشيل».. أفضل 3 مواهب في الأسبوع الخامس من كاستنج (فيديو)    صفحات من المجد.. قراءة في كتب حرب أكتوبر    احتفالًا بانتصارات أكتوبر.. ورش وعروض فنية ضمن فاعليات قصور الثقافة    التضامن: تسليم 801 وحدة سكنية في 12 محافظة للأبناء كريمي النسب    الكنيسة الأرثوذكسية تهنئ الرئيس والمصريين بذكرى نصر أكتوبر    رئيس معهد التمريض بالتأمين الصحي في الشرقية: تكليف الطلبة بالعمل فور التخرج    «منظومة الشكاوى» تكشف عن الوزارات والمحافظات صاحبة النصيب الأكبر من الشكاوى    في حوار من القلب.. الكاتب الصحفي عادل حمودة: "أسرار جديدة عن أحمد زكي"    موشيه ديان يروى شهادته على حرب 73: مواقعنا الحصينة تحولت إلى فخاخ لجنودنا.. خسرنا كثيرا من الرجال ومواقع غالية    وزير التعليم العالي: لدينا 20 جامعة أهلية تتضمن 200 كلية و410 من البرامج البينية    إطلاق حملة لصيانة وتركيب كشافات الإنارة ب«الطاحونة» في أسيوط    ترشيدًا لاستهلاك الكهرباء.. تحرير 159 مخالفة للمحال التجارية خلال 24 ساعة    التنمية المحلية: حل 690 شكوى خلال شهر سبتمبر من خلال "صوتك مسموع"    تخفيضات 10%.. بشرى سارة من التموين بشأن أسعار السلع بمناسبة ذكرى أكتوبر    رئيس جامعة الأزهر: الله أعطى سيدنا النبي اسمين من أسمائه الحسنى    فضل الصلاة على النبي محمد وأهميتها    الولايات المتحدة تضرب 15 هدفًا للحوثيين في اليمن    برلماني يحذر من مخاطر انتشار تطبيقات المراهنات: تسمح بقرصنة بيانات المستخدمين    لموظفي القطاع الخاص.. موعد إجازة 6 أكتوبر 2024    فرد الأمن بواقعة أمام عاشور: ذهبت للأهلي لعقد الصلح.. واللاعب تكبر ولم يحضر (فيديو)    شاهندة المغربي: استمتعت بأول قمة للسيدات.. وأتمنى قيادة مباراة الأهلي والزمالك للرجال    تقرير أمريكي: السنوار اتخذ مواقف أكثر تشددا.. وحماس لا ترغب في المفاوضات    حاول إنقاذه فغرقا معًا.. جهود مكثفة لانتشال جثماني طالبين بهاويس الخطاطبة بالمنوفية (أسماء)    طريقة عمل الكرواسون بالشيكولاتة، الوصفة الأصلية    غارة إسرائيلية عنيفة على الضاحية الجنوبية لبيروت    بمناسبة اليوم العالمي للمعلم.. رسالة مهمة من وزير التربية والتعليم    إشراقة شمس يوم جديد بكفر الشيخ.. اللهم عافنا واعف عنا وأحسن خاتمتنا.. فيديو    بلومبيرغ: البنتاجون سينفق 1.2 مليار دولار على الأسلحة بعد هجمات إيران والحوثيين    إسلام عيسى: انتقالى لسيراميكا إعارة موسم منفصل عن صفقة أوجولا    مصدر يكشف أزمة جديدة قد تواجه الزمالك لهذه الأسباب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 5-10-2024 في محافظة البحيرة    رئيس جامعة الأزهر: الحروف المقطعة في القرآن تحمل أسرار إلهية محجوبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دستور مصر بين الشريعة والاتفاقات الدولية
نشر في محيط يوم 29 - 11 - 2007


دستور مصر بين الشريعة والاتفاقات الدولية
كاتب مصري
لست فقيها دستوريا، ومازلت حديثا للغاية على مجلس الشورى المصري، وما تعلمته في حقل الدستور لا يزيد كثيرا عما تعلمته في مقاعد الدراسة الجامعية، وتعليقات متفرقة استمعت لها بشغف دائما من الأساتذة د. كمال أبو المجد، ود. يحيى الجمل، وقراءات متعددة للدستور المصري، وقبل وبعد كل شيء بعض من المنطق وفهم طبائع الأشياء.
هذا القدر من المعرفة تعرض لاختبار دستوري مهم في أولى جلسات مجلس الشورى حينما طلبت الحكومة من المجلس رفع التحفظ المصري على الفقرة الثانية من المادة التاسعة من الاتفاقية الدولية لمكافحة كافة أشكال التمييز ضد المرأة والموقعة في كوبنهاغن عام 1980، وكان هذا التحفظ واقعا على فقرة تنص على مساواة المرأة بالرجل فيما يخص منح الأبناء من زوج أجنبي الجنسية الوطنية، وكان طبيعيا أن تتحفظ مصر على هذا النص لأنها حتى وقت قريب لم توافق على منح المرأة هذا الحق، ولكن مادام أن مصر قد أصدرت القانون بالفعل فإنه كان طبيعيا رفع التحفظ.
وإلى هنا تبدو القضية منطقية، ولكنها كانت بداية لاختبارات دستورية متعددة. ولمن لا يعلم فإن مجلس الشورى تعرض عليه للموافقة أو إبداء الرأي جميع الاتفاقيات الدولية التي توقعها مصر، والتعديلات التي ترد عليها، وهي كثيرة للغاية، ويجرى عليها كلها نقاشات وحوارات مثيرة.
وفي كل مرة فإن طلب الحكومة لا يعرض هكذا، وإنما تحول القضية برمتها إلى اللجنة المختصة التي تضع تقريرا يخص الموضوع يعرض على المجلس. ومع عرض هذا التقرير تعرض الحكومة من جانبها، ومن خلال موظفين رفيعي المستوى من وكلاء الوزارات المعنية، ما تراه دوافع وضرورات عرض الطلب على المجلس.
هذه المرة وضعت لجنة الشؤون التشريعية والدستورية عددا من الأسباب لطلب اللجنة الموافقة على رفع التحفظ عن الفقرة الثانية من المادة التاسعة، وكان بينها أن المادة 40 من الدستور تنص على المساواة الكاملة بين المواطنين بغض النظر عن الجنس أو العرق أو الدين إلى آخر ما هو معروف من مطلق المساواة بين المواطنين. هنا خطر لي، كما خطر لعدد آخر من الأعضاء، أن هذه المادة - 40 من الدستور- كانت موجودة بالدستور منذ عام 1980، ومن ثم فإن التحفظ من الأصل يكون قد تضمن مخالفة دستورية صريحة.
ولما كانت مصر لم تتحفظ على هذه المادة وحدها، وإنما تحفظت على ثلاث مواد أخرى فقد بدا منطقيا أن تراجع مصر نفسها على ضوء المادة المذكورة، وترفع التحفظات التي وضعتها على المواد الثلاث الأخرى خصوصا أن المادة الأولى المعدلة من الدستور قد ذكرت صراحة قاعدة «المواطنة» باعتبارها أساس الدولة المصرية.
هذا الاختبار الأول والخاص بمدى التطابق ما بين موقف مصري من اتفاقية دولية سرعان ما قاد إلى اختبار آخر بدا منطقيا عندما دفعت الحكومة بأن تحفظات مصر الأخرى قامت على إبداء التأكيد على ألا تخالف مواد الاتفاقية «الشريعة الإسلامية»، والتي هي « المصدر الرئيسي للتشريع» وفقا للمادة الثانية من الدستور.
ومصدر الاختبار هنا هو إلى أي حد يستطيع أن يختار بين مواد الدستور، وهل يمكن في واقعة أن يستند إلى المادة 40، وفي واقعة أخرى تخص نفس الموضوع إلى المادة الثانية.
الأصل في الموضوع أنه لا ينبغي أن يكون هناك إطلاقا تناقض بين مواد الدستور المختلفة، بل إنها جميعها تقع في نسق فلسفي وأخلاقي وسياسي واحد. وفي كتابات كثير من المفكرين المتحمسين للمادة الثانية من الدستور فإنهم يصرون على أن الشريعة الإسلامية تقوم على المساواة والمواطنة، ومن ثم فإنه لا خلاف ولا تناقض. ولكن لو كان ذلك فلماذا يستحيل إذن رفع التحفظات المصرية المشار لها مرة واحدة، ليس فقط في هذه الاتفاقية، وإنما في كل الاتفاقيات التي وقعتها مصر ووافقت عليها.
ولكن القضية تبدو أكثر تعقيدا من كل ما سبق، وهو ما يعد اختبارا دستوريا آخر، فالشريعة الإسلامية لا تتحمل فقط تفسيرات ووجوها متعددة، ولكنها قابلة للتطور. وفي وقت من الأوقات كان المشرع المصري رافضا تماما لمنح المرأة حق الطلاق، أو ما عرف «بالخلع»، وعندما أصبح الأمر ملائما إذا بالفقهاء يخرجون علينا بما منحته الشريعة من الأصل للمرأة، ولكن الجماعة الدينية منعته عنها لأن لها رأيا في التعامل مع المرأة والمجتمع.
وخلال الفترة القصيرة الماضية جرى الخلاف الشديد بين الفقهاء عما إذا كان الشباب المصري الذي حاول الهجرة غير الشرعية إلى إيطاليا وغرق أمام شواطئها شهيدا أو لا. وفي الأحوال العادية فإن اختلاف العلماء رحمة، ولكن القضية في مجلس الشورى ليس أن يختلف العلماء أو يتفقون، ولكن أن يكون فيما يقولون فائدة لعملية التشريع الذي يخص المجتمع كله.
وفي الحقيقة فإنني لا أريد فتح موضوع التعديلات الدستورية مرة أخرى، فقد انتهينا توا من تعديل 34 مادة من الدستور، وعلينا في المؤسسات التشريعية والقضائية استيعاب ما جرى بمعناه القانوني والسياسي.
وسوف يكون على مجلسي الشعب والشوري، والمؤسسات القضائية المختلفة خصوصا المحكمة الدستورية أن تفك ألغازا وعقدا كثيرة، ولكن ما أطلبه هنا، وهو ليس كثيرا، أن علينا أن نبقي المسألة كلها في الأذهان، ولا نكف عن التفكير فيها، إننا نحتاج إما إلى تفسير دستوري يشرح العلاقة بين مواد الدستور المختلفة، أو إننا نحتاج لعملية تفكير هادئة في دستور جديد متناسق الأجزاء والمواد والفلسفة والمفاهيم.
مثل هذا الاختبار الدستوري الأخير سوف يلاحقنا من خلال معضلات الدستور الحالي الذي قام على مزاوجة بين الدين والدولة المدنية كان ممكنا استمرارها طوال العقود الماضية بسبب القدرة الثاقبة على «المواءمة» بين ضرورات مختلفة على حد تعبير السيد صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى. ولكن مثل هذه المزاوجة والمواءمة تصير صعبة مع تعقد الحياة الحديثة، وترابط العالم وتشابكه في اتفاقيات ومعاهدات لا يمكن تجاهلها أو الفرار منها، وذلك كله سوف يظل ملحا في فقرة يطلب رفع التحفظ عنها، أو معلقا في شكل أسئلة تحتاج إلى إجابة.
عن صحيفة الوطن القطرية
29/11/2007


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.